تعد قضايا الصحة النفسية للنساء في الأرياف، من الملفات المهملة من جانب المختصين. ومع تزايد حالات الإهمال ترتفع التحديات والصعوبات التي تمنع نساء الريف من القيام بأدوارهن كاملة، تجاه ذواتهن والأسرة والمجتمع. التقرير التالي يلقي الضوء على قضايا الصحة النفسية للنساء في أرياف السودان، مُستعرضًا القضية من عدة وجهات نظر.
غياب الرعاية الصحية
تعاني المرأة بالريف السوداني المترامي الأطراف من عدة مهددات على صحتها النفسية، منها الفقر والأعباء اليومية مثل صعوبة الوصول للخدمات كالماء والعلاج ومستلزمات الحياة اليومية.
متطوعة: تتعرض المرأة بالريف لعدة مهددات وانتهاكات تخص الصحة النفسية
وتؤثر كل هذه الظروف على صحة المرأة النفسية، وتقف سدًا أمام تمتع النساء بحياة نفسية صحية، بالإضافة لصعوبة الوصول لمراكز الخدمة والإرشاد النفسي، وإمكانية تلقي الرعاية الطبية المناسبة. ما دفع عددًا من الجهات ذات الصلة بتقديم الرعاية الصحية، لبذل المزيد من الجهود في نشر ثقافة الرعاية الصحية النفسية للمرأة، في أرياف السودان.
اقرأ/ي أيضًا: لاجئات جنوبيات في السودان.. صدمات ما بعد الحرب
وترى المتطوعة بمبادرة تمكين وتطوير النساء في الريف فاطمة علي البشير، إن المرأة تتعرض لعدة مهددات وانتهاكات تخص الصحة النفسية، منها الجهل والأمية والفقر والختان والزواج المبكر، مشيرةً إلى غياب المراكز المختصة بتوفير الدعم النفسي للمساعدة في علاج تبعات هذه القضايا، على صحة النساء النفسية.
ودعت فاطمة، في حديث لـ"الترا سودان"، لتوفير مراكز تقديم الصحة النفسية، والتوعية بأهميتها، لخلق توعية مجتمعية. واعقبت بالقول: "النساء بالريف يخضعن للمهددات دون تواجد مساعدة".
ومن التحديات التي سردتها، فاطمة، صعوبة حصول الفتاة غير المتزوجة على المساعدة من طبيب نسائي، واحتمالية تعرضها للتعنيف والخوف من المجتمع. وجددت دعوتها لتعيين سفراء نسويات، للتوعية بأهمية الصحة النفسية.
مُهددات خطرة
وبحسب التقارير الواردة فإن نساء الريف يتعرضن لعدة مهددات، تشكل خطرًا على الصحة والسلامة النفسية. وتسرد المعالجة النفسية عائشة الحسن، بالإفادة التالية عددًا من مهددات الصحة النفسية.
معالجة نفسية: يضطر النساء للـ"هجرة" من أجل المساعدات الطبية وبحثًا عن الرعاية الصحية
بحسب الحسن، يأتي المجتمع الذكوري في المقام الأول بالمجتمعات الريفية، واستدركت إن المرأة نفسها تعد مهددًا، وشرحت بقولها: "المرأة ملزمة برجال المنزل، وفي حالات الرفض يمكن أن تتعرض للعنف"
ومضت قائلة، إن كثير من النساء لا يتمكن من إكمال التعليم بغرض الزواج أو وغيره. وأردفت: "انتشار الأمية ساعد المجتمع الريفي في ترسيخ نظرته الدونية للمرأة".
وتابعت بالقول: "من أخطر مهددات الصحة النفسية غياب الخدمات الصحية وصعوبة الوصول إليها بالريف السوداني"، وعللت بقولها، إن نسبة وفيات الأمهات بالريف أعلى من المدن. واصفةً الحصول على الرعاية الصحية بـ"الهجرة" لتلقي المساعدات الطبية.
اقرأ/ي أيضًا: الفوط الصحية".. قضية في واجهة الأحداث
وعددّت الحسن، عدة مهددات للصحة النفسية بالريف السوداني، مثل ختان الإناث وتبعاته على نفسية الطفلة، وزواج القاصرات، وقلة الوعي بالحقوق.
نحو صحة نفسية سليمة لنساء الريف
وتعمل مبادرة تمكين وتطوير النساء في الريف، في أوساط النساء بمختلف الفئات العمرية، ومختلف الأعراق والتوجهات في الريف السوداني، وخاصةً المناطق المهمشة، بحسب ما تقول مؤسسة المبادرة خلود شانير.
وتتابع، إن المبادرة تسعى لتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا ونفسيًا وسياسيًا، مؤكدة على الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية لنسوة الريف؛ تقول: "قضيتنا هي قضية المرأة والمجتمع".
وتُعرف خلود، التمكين النفسي لنساء الريف، بأنه تطوير لمشاركة المرأة وتنمية قدراتها ووعيها وزيادة التحصيل المعرفي، إضافة لتحقيق ذات المرأة على الصعيد النفسي والمادي والاجتماعي، بهدف السيطرة على ظروفها للإسهام الحر والواعي في بناء المجتمع في كافة الأصعدة.
تتنوع وتتوزع إجراءات المساعدة النفسية ما بين الأفراد والجهات الرسمية، سعيًا لتكامل الأدوار
وتُجيب شانتير، حول سؤال ما الهدف من التمكين النفسي، إن المبادرة تسعى لخلق أجواء من الراحة النفسية، وتحقيق الذات، وتعزيز الكفاءة الذاتية، بالإضافة لزيادة الوعي الاجتماعي، ضد الظلم والانتهاكات وزيادة الاندماج والاستحقاق والقبول المجتمعي.
وبحسب مختصين، تتنوع وتتوزع إجراءات المساعدة النفسية ما بين الأفراد والجهات الرسمية، سعيًا لتكامل الأدوار، حيث تقع على كاهل الأفراد والكيانات المسؤولية المجتمعية للتوعية والإرشاد. ومن جانب الحكومة، توفير الرعاية الصحية والمراكز وكوادر العمل، إضافة للمعينات الطبية وتجهيز أقسام الرعاية الصحية.
اقرأ/ي أيضًا
صفارة الحكم بدلًا عن صوت البندقية.. .شباب "دار النعيم" يصنعون الحب