ارتفعت أسعار الخبز والسلع والمياه في مدينة الأبيض بسبب توقف القوافل التجارية القادمة من خارج الولاية، وانحسار حركة التجارة بين المدن بسبب الحصار الذي تفرضه الدعم السريع على بعض الطرق الرئيسية.
المواطن بمدينة الأبيض مصطفى مكي قال لـ"الترا سودان"، إن مدينة الأبيض تقترب من مرحلة نفاد السلع الغذائية والدواء بسبب الحصار، مشيرًا إلى أن الأسعار تضاعفت بنسبة (200)%.
يبيع التجار في مدينة الأبيض السلع بكميات محدودة لتجنب نفادها لتوقف الواردات
وارتفع سعر قطعة الخبز إلى (150) جنيهًا فيما ارتفع سعر جوال السكر إلى (130) ألف جنيه. ويباع برميل المياه بأربعة آلاف جنيه، حيث توقفت المحطة الرئيسية بسبب انقطاع الكهرباء.
وتقع محطة الكهرباء تحت سيطرة الدعم السريع التي تمنع وصول فرق الصيانة، فيما راجت أنباء عن موافقة الدعم السريع على صيانتها وتشغيلها خلال ثلاثة أيام.
وسجلت أسعار الغذاء في الأبيض ارتفاعاً ملحوظاً الأسبوعين الماضيين نتيجة اشتداد الحصار حسب ما تقول نادين التي تقيم في المدينة، وتظهر استياءها من ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء والمياه.
وقالت إن سعر "طبق البيض" ارتفع إلى عشرة آلاف جنيه وأصبح قريباً من سعر كيلو اللحم بينما لا يمكن الحصول على المياه دون وضع الأواني في طوابير طويلة قرب المرافق التي تتوفر فيها المياه.
وقبيل سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة كانت القوافل التجارية تتحرك من هناك إلى النيل الأبيض وشمال كردفان، لكن في الشهور الأخيرة يفضل سائقو الشاحنات عدم المغامرة والمرور بالطرق التي تسيطر عليها هذه القوات.
ورغم هدوء المعارك العسكرية في محيط مدينة الابيض بين الجيش والدعم السريع منذ أكثر من أسبوع، لكن عدم وصول القوافل التجارية يضع حياة المدنيين على المحك.
ويقول مصطفى مكي إن تجار الجملة يبيعون لمحلات التجزئة السلع بكميات محدودة لعدم وصول القوافل التجارية، وفي بعض المحلات التجارية تم تقليص الكميات المعدة للبيع بشكل كبير.
وكما هي الأحوال في مدينة الأبيض، تنطبق ذات الأوضاع الإنسانية الحرجة على بقية المدن مثل الرهد وأم روابة وبارا وهي مدن ولاية شمال كردفان وصلتها الحرب وعصابات مسلحة مدعومة من الدعم السريع تعترض طريق الشاحنات والقوافل التجارية وحركة النقل البري بين المدن.
مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان تقع حوالي (600) كيلومتر غربي العاصمة الخرطوم، وهي تحت سيطرة الجيش، فيما تسيطر الدعم السريع على الجهة الغربية خارج المدينة. وفي بعض الأحيان تقصف الحامية العسكرية بالقذائف وتطال عمليات القصف الأحياء السكنية.
وتقول نادين إن الناس يعيشون بالصبر فقط، ولا يمكن فعل شيء حيال الأوضاع، ولا يمكن النزوح لأن المال الذي بحوزتهم شحيح بالكاد يغطي مصروفات الطعام، وفي بعض الأحيان تلجأ العائلات إلى "اقتصاد الاحتياجات".
وتشتهر مدينة الأبيض بوجود أكبر سوق للمحاصيل في السودان، حيث درج المزارعون والوسطاء على نقل الإنتاج الزراعي مثل الحبوب والصمغ العربي إلى هذا السوق، لكن الحرب انعكست على السوق الذي قلص نشاطه منذ عام.
ويعزو مواطنو الأبيض صمود المدينة وعدم سقوطها في يد الدعم السريع إلى وجود الحامية العسكرية التابعة للجيش، وهي من أعرق الوحدات العسكرية ولديها باع طويل في العمليات الحربية منذ حرب جنوب السودان، وتسمى بـ"الهجانة".
مواطن: المصادر الجنوبية للمياه تقع تحت سيطرة الدعم السريع، وإذا تم تشغيل محطة الكهرباء ستوفر الطاقة للمصادر الشمالية
ويقول مصطفى مكي إن عودة التيار الكهربائي حسب وعود الدعم السريع بصيانة المحطة الرئيسية تساعد على حل مشكلة المياه بنسبة (30) إلى (40)% في مدينة الأبيض.
وأردف: "المصادر الجنوبية للمياه تقع تحت سيطرة الدعم السريع، وإذا تم تشغيل محطة الكهرباء ستوفر الطاقة للمصادر الشمالية، وهي بمنأى عن هذه القوات، بالتالي ستتوفر المياه لبعض الأحياء في الأبيض".
تُبين الأحوال الإنسانية الحرجة في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان وجود حصار من قبل الدعم السريع عن طريق السيطرة على المنافذ البرية التي تسمح بمرور القوافل التجارية والدواء وقطع غيار صيانة محطات المياه والكهرباء، بينما لا يجد مئات الآلاف من المدنيين مفراً غير الشكوى إزاء تجاهل المجتمع الدولي والإقليمي.