لم يمضِ على قرار حكومي قضى بنقل "محطة الباصات السفرية" من "السوق الشعبي" بأم درمان إلى غرب "سوق ليبيا" بولاية الخرطوم ساعات حتى أعلنت مجموعة من التجار تضررها من القرار.
سيفقد بعض التجار أرباح شهرية تصل إلى (800) دولار جراء نقل "محطة الباصات" إلى "سوق ليبيا" وتأثر حركة البيع والشراء
كيف سينعكس هذا القرار على نشاط عشرات التجار من أصحاب المحال التجارية الواقعة بالسوق الشعبي في أم درمان - التي تعتمد في حركة البيع والشراء على آلاف المسافرين شهريًا من هذا الموقع؟ للإجابة عن السؤال طرح مراسل "الترا سودان" هذا السؤال على مكتب والي الخرطوم.
أجاب المسؤول في مكتب والي ولاية الخرطوم مفضلًا عدم نشر اسمه قائلًا: "القرار صدر من جهات الاختصاص" ولم يضِف أكثر من هذا التعليق.
ويقول بعض المتعاملين في متاجر السوق الشعبي بأم درمان إن نقل "محطة الباصات" إلى موقع آخر سيلحق ضررًا بالأنشطة التجارية بتراجع حركة البيع إلى (25%) لأن النشاط التجاري يعتمد على حركة المسافرين – وفقًا لإفادات المتعاملين.
الأضرار بحسب التجار ستطال تجار السلع الغذائية والمطاعم ومتاجر الملابس والعطور والعاملين في بيع كروت شحن الاتصالات الهاتفية، وحتى الباعة المتجولون سيضطرون إلى دفع تكلفة إضافية للذهاب إلى المحطة الجديدة بالإضافة إلى عشرات السيدات اللائي يعملن في بيع الأطعمة والشاي والقهوة.
يشعر مجاهد (42 عامًا) وهو تاجر في السوق الشعبي بأم درمان بالقلق على مصير نشاطه التجاري خاصةً مع تجفيف قد يطال السوق خلال (10) أيام فقط، ما يدفعه إلى التفكير في تحويل المتجر إلى المحطة الجديدة في "سوق ليبيا"، لكن هذه الخطة قد تستغرق وقتًا طويلًا خاصةً مع الإجراءات الحكومية البيروقراطية.
يسرد مجاهد لـ"الترا سودان" مشكلته على خلفية هذا القرار المفاجئ، ويحصر خياراته بين البقاء في السوق الشعبي بأم درمان والرحيل إلى "سوق ليبيا".
وتواصل "الترا سودان" مع مصدر حكومي من وزارة البنى التحتية والنقل بولاية الخرطوم لسؤاله عما إذا كان قرار نقل "محطة الباصات" سيتضمن معالجات لأوضاع التجار المتضررين؛ فأجاب المصدر الحكومي الذي يعمل في المجال الفني لهذه المشاريع بأنه يحق للأسواق الانتقال إلى المحطة الجديدة للباصات غرب "سوق ليبيا"، لكنه استدرك قائلًا إن هذا الأمر يتطلب إجراءات مع السلطات المحلية التي تشرف على هذه المواقع من الناحية الإدارية مثل محلية "أمبدة".
بينما قال تاجر في السوق الشعبي بأم درمان لـ"الترا سودان" إن حركة البيع اليومية لبعض المحال التجارية تقدر بـ(100) ألف جنيه، وتقدّر الأرباح بـ(30) ألف جنيه -بحسب التاجر- أي نحو (900) ألف جنيه شهريًا أو ما يعادل (800) دولار أمريكي؛ هذه حصيلة أرباح متجر واحد. وبسبب هذا القرار سيفقد عشرات التجار هذه المداخيل المالية.
ويوضح المصدر الحكومي من وزارة البنى التحتية بولاية الخرطوم أن القرارات الفنية لتخطيط المدن لا تأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي للمتأثرين بها بقدر ما تمنح الأولوية لحل الضائقة المرورية لملايين السكان وسهولة الانتقال بين الأحياء وهذا السوق إلى جانب الفوائد الاقتصادية المتعلقة بزيادة حركة المسافرين وعدم وجود مساحات كافية في المحطة المستخدمة حاليًا.
وجراء تدهور خدمات النقل في هذا البلد فإن محطات الحافلات والباصات التي تعمل في قطاع النقل البري بين العاصمة والولايات عادة ما تكتظ بالمحال التجارية البدائية التي تُشيّد بالمعادن (الزنك) إلى جانب إسهام المحليات نفسها في تقنين هذه المحال مع عدم مطابقتها للمعايير بحسب الباحث في مجال تخطيط المدن علي عثمان.
يضيف عثمان لـ"الترا سودان" أن المحال التجارية توزع في محطات الحافلات والباصات "دون مراعاة لجوانب التخطيط مستقبلًا وفي بعض الأحيان تتحول عملية توزيع العقارات إلى مضاربات بين السماسرة لأنها مواقع اقتصادية حسب تعريفهم لها" - وفقًا لعثمان الذي أردف: "حينما نظمت الحكومة الأسواق الشعبية ربطتها بالحافلات السفرية لدرجة أنه شعبيًا محطة الباصات تطلق عليها السوق الشعبي لذلك في أي قرار حكومي سنجد أن هناك أضرارًا اقتصادية واجتماعية".
ويرى عثمان أن مدينة أم درمان بحاجة إلى تشييد محطة كبيرة مثل الميناء البري بالخرطوم مع ضرورة التنظيم والتخطيط الإداري والمعماري ومراعاة اكتظاظ السكان، لافتةً إلى إمكانية توفير فرص عمل لآلاف الشبان والفتيات من خلال المحطة.
باحث: قطاع النقل يستوعب ثلاثة مليارات دولار والحكومة لم تخلق منه وظائف بسبب تركيزها على الجبايات
ويقول عثمان إن البدائل التي تضعها الحكومة في العادة "إجراءات مستعجلة" ولا تخطط على المدى البعيد ولا تراعي الجوانب المتعلقة بالاقتصاد والمجتمع والبيئة وتوفير فرص العمل. وأضاف: "قطاع النقل في السودان قد يستوعب أكثر من ثلاثة مليارات دولار ومع ذلك الحكومة فشلت في خلق آلاف الوظائف منه بسبب عدم خلق نظام إداري فعال والتركيز على الجبايات الشهرية فقط".