كل شيء هنا يخضع للموانئ المطلة على ساحل البحر الأحمر في مدينة بورتسودان شرق البلاد، من بيع القهوة وحتى نشاط السوق الرئيسي ودخل السكان. غير أن الهدوء خيم على أرصفة الموانئ والشوارع القريبة منها عقب إغلاق يدخل أسبوعه الثالث بسبب احتجاجات تنسيقية نظارات البجا والعموديات المستقلة والتي تطالب بإلغاء مسار الشرق وحل الحكومة الانتقالية.
تشير كل الدلائل إلى أن أزمة الشرق حلها في الخرطوم
الشلل الذي لحق بالموانئ خاصة ميناء الحاويات وميناء الماشية أدى إلى تكبد الخزانة خسائر فادحة تمثلت في توقف الإيرادات اليومية التي تصل إلى (400) ألف يورو، هذا دون حساب الأنشطة التجارية لآلاف الشركات التي تنتظر سحب حاوياتها من البواخر وفناء التخليص الجمركي.
اقرأ/ي أيضًا: مصابو ثورة ديسمبر.. مأساة حية وإهمال حكومي
وكان مجلس الوزراء حذر في بيان أصدره مساء الأحد، من نفاذ مخزون القمح والوقود والأدوية جراء إغلاق الموانئ وعدم السماح للشاحنات بالمرور من ميناء بورتسودان إلى مدن البلاد.
وجاء الرد سريعًا من نظارات البجا والعموديات المستقلة التي يقودها الزعيم الأهلي سيد محمد الأمين ترك، والذي أبدى استعداده لتمرير شحنات الدواء والقمح والسلع الاستراتيجية.
ولم يفصح مجلس الوزراء عن الاستراتيجية المتوقعة منه في التعامل مع احتجاجات شرق السودان التي أغلقت الموانئ الرئيسية، لكن قطعًا قمع هذه الاحتجاجات ليس ضمن خيارات حكومة حمدوك كما يقول مقربون من الحكومة الانتقالية.
ويرى رئيس عمال نقابة الموانئ البحرية إبراهيم الشربيني في تصريحات لـ"الترا سودان"، أن الوضع في الموانئ خطير جراء التوقف الذي يستمر منذ ثلاثة أسابيع، متوقعًا استفحال الأزمة إذا استمر الإغلاق في شرق السودان أكثر من ما مضى.
وبالتزامن مع جني ثمار إصلاحات اقتصادية مثل استقرار سعر الصرف وارتفاع عائدات الصادر وتوسع زراعة القطن هذا الموسم إلى مليون فدان؛ يخشى مسؤولون في مجلس الوزراء من أن تكون هذه المحفزات في مهب الريح جراء الإغلاق المتطاول للموانئ والذي قد يؤثر على الواردات والصادرات ويعطل وصول شحنات السماد والتقاوي والوقود للموسم الزراعي.
اقرأ/ي أيضًا: وزارة الصحة: 146 حاوية محاليل وريدية محتجزة في بورتسودان
وفي تطور لأزمة شرق السودان، سلم ممثلون للزعيم الأهلي محمد الأمين ترك، مذكرة احتوت على مطالب بإلغاء مسار الشرق من اتفاق السلام وإقالة الحكومة الانتقالية.
مسؤول حكومي: ما يحدث في شرق السودان رهانات سياسية من أطراف داخلية لتقويض الفترة الانتقالية
ويوضح مسؤول حكومي لـ"الترا سودان"، أن ملف أزمة شرق السودان موجود لدى المجلس الأعلى للسلام الذي يضم في عضويته مدنيين وعسكريين، وأن إلغاء مسار الشرق قرار لا يمكن اتخاذه بواسطة رئيس الوزراء.
وتابع: "لا يمكن إلغاء مسار الشرق لأنه اتفاق مفتوح يمكن لأي طرف في الإقليم أن ينضم إليه ويضع مطالبه من خلال مؤتمر أهل الشرق، لكن الإلغاء سيؤدي إلى مطالبة بقية الأقاليم بإلغاء المسارات، كما أن الاتفاق مدعوم من قوى إقليمية ودولية".
وأردف المسؤول: "ما يحدث في شرق السودان رهانات سياسية من أطراف داخلية لتقويض الفترة الانتقالية، وإذا استمرت الأمور دون انفراج في هذه الأزمة ستلجأ الحكومة الانتقالية إلى إعلان ذلك للرأي العام لأنها في ذلك الوقت ليست لديها ما تخسره".
وأشار إلى أن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إذا قرر الذهاب الى سنكات وعقد محادثات مع رئيس تنسيقية نظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك، فإنه لا يمكن أن يفاوض طرف لا يعترف به ويدعو إلى إسقاطه.
ورجح المسؤول أن تتسبب أزمة شرق السودان في مواجهة سياسية بين المكون العسكري والمدني، وقال إن أي تحرك لحل أزمة شرق السودان مرهون باتفاق المكون العسكري والمدني على اتخاذ خطوات سياسية غير موجودة في الوقت الراهن بسبب التوتر بينهم.
اقرأ/ي أيضًا: مستشار حمدوك يرسم صورة قاتمة لمستقبل الصحف الورقية
وأكد المسؤول أن التراجع عن مسار الشرق مستحيل وغير مطروح. ومع استمرار إغلاق موانئ شرق السودان لأكثر من أسبوعين تثير هذه الإغلاقات مخاوف الحكومة الانتقالية من نضوب السلع في الأسواق في وقت تتعقد فيه الأزمة بالتوترات بين العسكريين والمدنيين.
مسؤول سابق: أزمة شرق السودان تأتي ضمن عملية شد الأطراف لإنهاك المدنيين
ويقول المستشار السابق لشؤون السلام في مجلس الوزراء جمعة كندة في تصريحات لـ"الترا سودان"، إن أزمة شرق السودان بمثابة "شد الأطراف" لإنهاك الحكومة الانتقالية، وقال إن هذه الأزمات جرى تنفيذها في مناطق كردفان من إثارة النعرات القبلية والاقتتال الأهلي.
ورأى أن أزمة الشرق واحدة من الملفات التي تركز عليها الحكومة الانتقالية بالحل في الإطار التنموي وتوزيع عادل للثروة والسلطة.
اقرأ/ي أيضًا
الطبيب الشرعي: الشهيد محجوب فارق الحياة نتيجة لنقص الأوكسجين بسبب الضرب
مصدر: لجنة الطعون بالمحكمة العليا تلغي قرار لجنة التفكيك بفصل قضاة