06-مايو-2023
الخرطوم خلال اشتباكات الجيش والدعم السريع

تسببت الحرب في خسائر كبيرة في البنية التحتية في الخرطوم (Getty)

منذ أكثر من ثلاثة أسابيع يخوض الجيش السوداني معركة عنيفة ضد قوات الدعم السريع، الميليشيا شبه العسكرية ذات الطبيعة العشائرية. فيما خلف القتال نحو 500 قتيل وسط المدنيين، وإصابة أكثر من ألفي شخص آخرين.

في الأسبوع الأول بعد أن أجلت الولايات المتحدة رعاياها من البلاد وأغلقت سفارتها، عادت مجددًا للتدخل بقوة للضغط ووقف إطلاق النار.

الحرب التي تدور في مناطق متفرقة بالعاصمة السودانية تكاد تعصف بالآمال المتبقية في تحسن الوضع الإنساني

الحرب التي تدور في مناطق متفرقة بالعاصمة السودانية بواسطة سلاح الطيران الذي يتفوق به الجيش على قوات الجنرال حميدتي، تكاد تعصف بالآمال المتبقية في تحسن الوضع الإنساني، عقب فشل الهدنة في السماح بدخول الغذاء والأدوية إلى الأحياء والمستشفيات.

الولايات المتحدة الأميركية التي ركزت في الأسبوع الأول من القتال على إجلاء طاقمها الدبلوماسي في السودان ورعاياها، عادت أمس الأول الخميس ورمت بثقلها في الملف السوداني، متوعدة بتنفيذ عقوبات شخصية على "من يعرقلون السلام والاستقرار في السودان". 

وأصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن أوامر تنفيذية لتنفيذ عقوبات شخصية على شخصيات تعرقل الاستقرار في السودان، وقال دبلوماسيون أميركيون ونواب، إن قائد الجيش وقائد الدعم السريع ليسوا ضمن هذه الشخصيات في "الوقت الراهن"، وهي مؤشرات على استخدام واشنطن لسياسة الجزرة والعصا، الأمر الذي قد يؤدي إلى استقرار وتوقيع اتفاق وقف إطلاق نار بين المتحاربين حلفاء الأمس وأعداء اليوم.

ويقول دبلوماسيون إن عودة الإدارة الأمريكية من أعلى مستوياتها للتهديد بالعقوبات الشخصية الذكية، تعني رغبة واشنطن في إنهاء الصراع المسلح في السودان عقب تجنبها التدخل بشكل كبير في الأيام الأولى.

وقال الباحث في الشأن الأفريقي عادل إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان"، إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعتقد في الوهلة الأولى منذ اندلاع القتال في العاصمة السودانية إن "الحسم العسكري" وارد، لكن بعد (20) يومًا من الحرب يبدو أنها شعرت بالقلق من التدخل الإقليمي والدولي لصالح طرفي النزاع المسلح، ومن بين المخاوف الأميركية تهديد وجودها الإقليمي من خلال الحرب في السودان، والجماعات الإرهابية والتمدد الروسي في منطقة القرن.

وبينما تستمر هدنة قد توصف بأنها الأفضل نسبيًا من بين ست مرات سابقة، أقر الطرفان الهدنة خلال ثلاثة أسابيع انحدرت الأزمة الإنسانية إلى وضع خطير، حسب ما يقول الأطباء في المستشفيات.

وقال طبيب من مستشفى حكومي جنوب العاصمة السودانية لـ"الترا سودان"، إن المستهلكات والأدوية بدأت في النفاذ منذ يومين لعدم وصول إمدادات جديدة بسبب عدم وجود ممرات آمنة، ووصف الحرب بالفوضى بسبب انتشار العصابات التي تنهب المصانع والأسواق.

وأضاف: "قوات الدعم السريع ما تزال تستخدم بعض المستشفيات في العاصمة، وهذا سلوك وحشي يجب أن ينتهي فورًا".

https://t.me/ultrasudan

وكان مكتب متحدث الجيش السوداني اتهم قوات الدعم السريع بالاستيلاء على مستشفى النساء والتوليد بمدينة أم درمان، وطرد العاملين يوم الخميس.

وفي ظل استمرار المعارك مع "هدنة متقطعة " بسبب تحليق الطائرات والرد من مضادات الدعم السريع، ما تزال الأوضاع الانسانية حرجة جدًا، على حد تعبير نشطاء ومتطوعون.

ويقول زهير العامل في لجنة طوعية بمدينة الخرطوم بحري، إن المدينة الواقعة شمال العاصمة السودانية لم يحصل سكانها على مياه الشرب منذ (15) يومًا بسبب عطل المحطة الرئيسية وصعوبة وصول عاملي الصيانة.

وقال إن الأعمال الطوعية في هذه المدينة تركز على مياه الشرب لصعوبة الحصول عليها بالنسبة لآلاف السكان العالقين بين الضربات الجوية وأصوات المدافع الأرضية، خاصة من يقطنون قرب قواعد عسكرية.

ولم تنجُ محطات الكهرباء من الهجمات العسكرية، وقال متحدث الجيش السوداني إن قوة من الدعم السريع سيطرت على مركز تحكم رئيسي وقطعت الكهرباء عن خمس ولايات لأكثر من (20) ساعة، قبل أن تعود على خلفية معالجات هندسية.

وبسبب هذه الحرب هناك مخاوف من استهداف أو وقوع محطات الكهرباء وشبكات الاتصال والمياه ضمن نطاق العمليات العسكرية، وزيادة معاناة ملايين السودانيين إذا تعرضت لأضرار.

ذكر العامل الطوعي عمر معاوية  في حديث لـ"الترا سودان"، أن السودان يفتقر للبنية التحتية، وإذا تعرضت محطات الكهرباء والمياه وشبكات الاتصال للتلف بسبب المعارك العسكرية، فإن وضع ملايين السودانيين سيكون على المحك، لأن المساعدات نفسها تعتمد على شبكات الاتصال في الإيصال وإطلاق نداءات الاستغاثة.

أما من الناحية القتالية، ما يزال سلاح الجو التابع للجيش يشن ضربات جوية على قوات الدعم السريع وقوافلها المتحركة من غربي البلاد لإدخال المقاتلين إلى العاصمة السودانية.

بينما تعتمد قوات الدعم السريع على الانتشار في الأحياء المأهولة بالمدنيين، ما يصعب مهمة الطيران في توجيه ضربات جوية، حسب ما يقول قادة الجيش.

تتمركز قوات من الدعم السريع في مصفاة الجيلي للبترول بينما تسيطر القوات المسلحة على ميناء تصدير النفط

كما تتمركز قوات من الدعم السريع في مصفاة الجيلي للبترول شمال العاصمة السودانية، وتضم نحو (300) مركبة قتالية لتحصين هذا الموقع من سيطرة الجيش، بينما تسيطر القوات المسلحة على ميناء تصدير النفط في مدينة بورتسودان شرقي البلاد.