يدخل اليوم إضراب أطباء الامتياز يومه التاسع على التوالي في ست ولايات في أنحاء السودان وفي (31) مستشفى، للمطالبة بصرف المستحقات المالية. وتشير التقارير اليومية الواردة عن الإضراب إلى تحقيقه نجاحًا بنسبة (100%) في عدد كبير من المستشفيات.
طبيب امتياز لـ"الترا سودان: (90%) من الأطباء يفكرون في الهجرة لعدم توطين الطب في السودان
وأكدت لجنة أطباء الامتياز أن الإضراب سيحقق غاياته ولن يثنيها شيء عن الوصول إلى أهدافها، مستخدمةً في ذلك جميع الأدوات السلمية الاحتجاجية وصولًا إلى مصالح أطباء الامتياز.
وثمنت اللجنة عبر بيان اطلع عليه "الترا سودان" جميع الجهود المقدمة من الأجسام في سبيل دعم إضراب أطباء الامتياز في انتزاع حقوقهم "المسلوبة". وقالت إن الدعم يكون بحثّ عضوية هذه الأجسام والفئات التي تمثلها قاعديًا على عدم التعرض لأطباء الامتياز بالوعيد أو محاولة إثنائهم عن مواصلة الإضراب فقط من اجل استمرار تقديم الخدمة في "تنصل واضح" عما أسمته "القيمة التوافقية والتشاركية" في طرح قضايا قبيلة الأطباء قاطبة، محذرةً مما قد يؤدي إليه ذلك من توسيعٍ للشقة بين صغار الأطباء وبقية فئات الأطباء مما "لا يدعم أي مشروع جامع للنقابة" – على حد تعبير البيان.
مرتبات الأطباء
قالت اللجنة التسييرية لأطباء الولاية الشمالية في بيان اطلع عليه "الترا سودان" إن الوضع المعيشي للأطباء والطبيبات جعل المهنة "طاردة" للجميع. وأشارت إلى أن مرتبات الأطباء تتراوح ما بين (45) ألف جنيه سوداني للطبيب في الدرجة التاسعة إلى (92) ألف جنيه للاستشاري في الدرجة الأولى، في ظل تكاليف المعيشة التي يعلمها الجميع، ما يجعل هذا الراتب "بعيدًا جدًا عن تلبية أبسط مقومات الحياة".
وبالمقارنة مع الدول المجاورة، يقول طبيب الامتياز بمستشفى دنقلا التخصصي أيمن عبدالهادي إن راتب الطبيب في الصومال يبلغ (1,500) دولار أي ما يعادل (700) ألف جنيه سوداني، وفي دولة رواندا يبلغ راتب الطبيب ثلاثة آلاف دولار أي ما يعادل (1,600,000) جنيهًا سودانيًا، في حين يتراوح راتب الطبيب العمومي في الدرجة التاسعة في السودان بين (56 - 57) ألف جنيه سوداني، بحسب عبدالهادي.
إضراب الولاية الشمالية
وفيما يتعلق بإضراب الولاية الشمالية، يذكر أيمن عبدالهادي أنه بدأ منذ (15) يومًا للمطالبة بإقالة المدير العام لوزارة الصحة الولائية، لأن الوزير المكلف -بحسب عبدالهادي- اتخذ قرارات "مجحفة" بحق الأطباء والمواطنين، منها إيقاف إمداد الأكسجين للمستشفيات، مشيرًا إلى وزارة الصحة الاتحادية كانت توفره مجانًا، ويبقى على الولاية عملية الترحيل من وإلى الخرطوم، وموضحًا أن وزارة المالية الولائية تتكفل بعملية النقل، فيما يكون على وزارة الصحة الولائية التنسيق والتوزيع.
ويضيف أيمن عبدالهادي في حديثه لـ"الترا سودان" أن المدير العام للوزارة الولائية أوقف امتداد الأكسجين للمستشفيات، لافتًا إلى أن طريقة إصدار القرار نفسها "كانت خطأ". ويتابع عبدالهادي: "يعد الأكسجين عنصرًا أساسيًا عند إجراء العمليات وفي كل حالات الطوارئ وللأطفال حديثي الولادة". ويزيد: "عندما عارض مسؤول الملف في الوزارة القرار، نُقل تعسفيًا إلى مكان آخر". ويؤكد وقف حوافز عيد الأضحى في كل الولاية لجميع الكوادر الطبية.
خطوات وآمال
وفي سياق متصل، يشرح أمين مكتب الإعلام بلجنة أطباء الامتياز مؤيد علي حيثيات تكوين اللجنة في 2019 من أجل حل مشاكل أطباء الامتياز وليكون لهم جسم حقيقي يعبر عن قضاياهم، ويكون لهم أثر في وضع السياسات الصحية وليكونوا جزءًا من وضع السياسات لأنهم يمثلون الأغلبية على المستوى العلاجي – على حد قوله.
أمين مكتب الإعلام بلجنة أطباء الامتياز: لجنة الامتياز أحد الأجسام المكونة لنقابة الأطباء ولها مقعد المقرر في لجنة انتخابات الأطباء
وقال مؤيد في حديثه لـ"الترا سودان" إن لجنة أطباء الامتياز هي أحد الأجسام المكونة لنقابة الأطباء ولها مقعد المقرر في لجنة انتخابات الأطباء. وأكد أن أطباء الامتياز ظلوا لفترة طويلة "في الظل" على الرغم أنه تقع عليهم "كل تبعات النظام الصحي".
وخلال عامي 2021 و2022 نفذت لجنة أطباء الامتياز إضرابين، استمر أولها لثمانية أيام في الفترة من 15 حتى 23 شباط/فبراير 2021، أما الإضراب الثاني فبدأ من 11 أيلول/سبتمبر الجاري ولا يزال مستمرًا إلى الوقت الحالي. وذكر مؤيد أن رفع الإضراب مرتبط بتحقيق المطالب وأنهم لا زالوا في انتظار الرد من وزارة الصحة بخصوص مطالبهم.
وعن أوضاع الأطباء في السودان، أوضح مؤيد أن (90%) من الأطباء يفكرون في الهجرة لعدم توطين الطب في السودان، مشيرًا إلى أن الحكومة تفصل الطبيب من وظيفته بعد انتهائه من قضاء فترة الامتياز.
وبحسب مؤيد، يواجه الأطباء مشكلة في التدريب ونوقشت مع وزراء الفترة الانتقالية. وكشف عن تلقيهم وعودًا بتوطين الطب وإنشاء مسار الطبيب، موضحًا أنه "لم يحدث شيء" من ذلك. وأضاف أنه بعد انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر أعلن "رسميًا" عن مسار الطبيب ولكنه لا يعرف ماذا حدث بعدها في هذا الشأن – على حد قوله.
الإضراب.. إلى أين؟
وفي الاتجاه نفسه، أوضح الأمين العام للجنة أطباء الامتياز مصطفى قاسم أن الإضراب الحالي قام من أجل عدة مطالب، أولها صرف جميع الرواتب لجميع الأطباء، مؤكدًا أن (1,800) طبيب امتيازٍ لم يستلموا رواتبهم منذ ثمانية أشهر.
وأفاد قاسم في حديثه لـ"الترا سودان" بأن المطالب تشمل صرف "منح الأعياد" (الأضحى والفطر)، لافتًا إلى أن أي منحة "مصدق عليها من وزارتي المالية والصحة"، إلى جانب معالجة قائمة "سواقط الأطباء" الذين لم ترد أسماؤهم من وزارة المالية، وتحديد مواعيد قوائم الأطباء الذين في الانتظار، بالإضافة إلى التزام من وزارة المالية بصرف الرواتب القادمة في مواعيدها - على حد قوله.
ويؤكد الأمين العام للجنة أطباء الامتياز أن استجابة الأطباء للإضراب بلغت (100%) في المستشفيات، متأسفًا على ما تبديه وزارة الصحة من "عدم اكتراث" بالإضراب، مشيرًا إلى محاولاتهم للاجتماع بوزارة الصحة التي كان الرد عليها بأنهم "مشغولون".
وفيما يتعلق ببند المرتبات، فقد صُرف جزءٌ منها لبعض الأطباء بحسب قاسم، ووعدت الوزارة بأن يكون يوم 8 أيلول/سبتمبر موعدًا لصرف جميع الرواتب، مضيفًا أنه وإلى تاريخ اللحظة "لم يأتِ شيء".
الأمين العام للجنة أطباء الامتياز: مُددت فترة الإضراب لـ(72) ساعة، وفي حالة عدم تنفيذ المطالب فسيُمدّد الإضراب مرةً أخرى
ووفقًا للأمين العام للجنة أطباء الامتياز، فقد مُددت فترة الإضراب لـ(72) ساعة، وفي حالة عدم تنفيذ المطالب فسيُمدّد الإضراب مرةً أخرى.
لا شك في أن الوضع الصحي في البلاد يشهد تدهورًا ملحوظًا، وما يحدث لأطباء الامتياز وهم العمود الفقري للمستشفيات، يمثل فصلًا من تردي الأوضاع الصحية في عموم البلاد. ليبقى السؤال إلى متى يستمر الاضطراب ومتى تتحقق مطالبهم العادلة؟