بشكل مفاجئ زار قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قاعدة وادي سيدنا العسكرية في منطقة أم درمان مساء الثلاثاء، وتحدث أمام الضباط والجنود عن السلام ومفاوضات جدة قبل أن يحذر من أن الطرف الثاني لا يريد السلام نتيجة أفعاله في إقليم دارفور.
أورد البرهان في حديثه المرتجل عبارة السلام قبل الحسم العسكري وفي هذا يرى مراقبون أن الخيارين على طاولته
تأتي زيارة البرهان إلى قاعدة وادي سيدنا العسكرية بالتزامن مع أحداث مهمة وقعت خلال اليومين الماضيين، أبرزها استئناف مفاوضات جدة بين الجيش والدعم السريع إلى جانب التطورات الميدانية التي جعلت الدعم السريع يسيطر على حامية نيالا العسكرية ومنطقة بليلة النفطية ومطارها خلال هذا الأسبوع أيضًا.
وخلال حديثه المرتجل أمام الجنود والضباط قال البرهان :"لا أحد يرفض السلام"، وهي إشارة مهمة ربما تعمد قولها بالتزامن مع استئناف المفاوضات في جدة، لكن الجنرال السوداني الذي يواجه انتقادات كبيرة حتى من بين معسكر حلفائه اشترط وبشكل غير مباشر توقف المعارك العسكرية التي تشنها قوات الدعم السريع للاستيلاء على المناطق الجديدة في خضم صراع مسلح جعل الجيش في مواقعه بالعاصمة الخرطوم ضمن تكتيك عسكري يعلمه الجنرالات وهو أن مصير "الاحتلال" هو الإخلاء حال توقيع اتفاق وقف إطلاق النار.
تصريح البرهان كان موجهًا إلى الداخل حيث معسكر الجيش، مطمئنًا أن التفاوض لا يعني الاستسلام، وكان موجهًا إلى الخارج غير راضٍ على صمت الوسطاء حيال تحركات الدعم السريع عسكريًا في هذا الوقت بالتزامن مع المفاوضات.
قال البرهان: "نيابة عن الأجهزة العسكرية وكل القوات النظامية والشعب السوداني، كلنا في خندق واحد ويجب أن لا يتم إخافتنا بأنهم تسلموا المنطقة الفلانية".
وأردف: "بالنسبة لمفاوضات جدة فلا جديد فيها، هي بدأت من حيث انتهت لتنفيذ إعلان جدة الموقع في مايو والذي ينص على إخلاء قوات الدعم السريع البيوت والمرافق المدنية والشوارع".
جاء حديث البرهان في قاعدة وادي سيدنا العسكرية بشكل مقتضب ورسائل قصيرة أراد بثها إلى المجتمع الدولي والرأي العام المحلي، وربما إلى قوات الدعم السريع أيضًا.
تقول نهلة حسن الباحثة السياسية لـ"الترا سودان" إن تصريحات البرهان جاءت تستبق تطورات جديدة على الساحة، خاصة مع استئناف منبر جدة بين الجيش والدعم السريع، حيث أراد الجنرال الذي يواجه عاصفة من الانتقادات -كما تقول نهلة- تهيئة الرأي العام وسط العسكريين لمستجدات قادمة.
وتابعت: "البرهان قال إنه يحمل معه السلام والبندقية؛ إذا لم ينجح في الأولى سيلجأ إلى الثانية، وهذا التصريح هو محاولة توازن بين معسكرين أو تيارين متباينين ربما يتواجهان في الوقت الراهن".
وبينما تستمر المفاوضات بين الجيش والدعم السريع في منبر جدة دون معلومات عن سير المحادثات بسبب السرية التي تفرضها الوساطة، فإن تطورات الأوضاع العسكرية وسيطرة الدعم السريع على مناطق في إقليم دارفور وكردفان ربما تفسر اتجاه الأوضاع مستقبلًا حال الوصول إلى وقف إطلاق النار.
وقال الباحث في الشؤون الأفريقية عادل إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان"، إن سيطرة الدعم السريع على بعض المناطق في كردفان وإقليم دارفور ترجح أن الجنرال دقلو ربما يستعد لمرحلة جديدة وهي مرحلة ما بعد الحرب باستباق الأمور ميدانيًا وفرض سياسة الأمر الواقع، وقد لا ينجح في فرض واقع جديد كما يعتقد.
وأردف: "أي اتفاق لوقف إطلاق النار لن يكون بمعزل عن مغادرة قوات الدعم السريع للمنازل والمرافق المدنية والمراكز الحكومية وحتى المقار العسكرية التابعة للجيش، وتجميع هذه القوات في معسكرات محددة لبدء عمليات الدمج خلال خطة زمنية يتفق عليها الوسطاء مع الجانبين".