يبدو أن التطورات تسير بصورة متسارعة بين السودان والإمارات، منذ صعود الأزمة إلى السطح وتبادل الاتهامات علنًا بين البلدين اعتبارًا من منتصف أيلول/سبتمبر الشهر الماضي، بدءًا من لقاءات لرئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مع مسؤولين أميركيين.
حصل البرهان على وعود أميركية بممارسة الضغوط على الإمارات لوقف تسليح قوات الدعم السريع
كما شملت التطورات لقاء حاكم دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد بالرئيس الأميركي جو بايدن، وإصدار بيان مشترك تضمن (400) كلمة، من بينها (250) كلمة متعلقة بالوضع في السودان.
في الوقت نفسه، كشفت وسائل إعلام دولية أن مسؤولين أميركيين أبلغوا الرئيس السوداني المحاصر وقائد القوات المسلحة السودانية الجنرال عبدالفتاح البرهان أنهم "سيضغطون على الإمارات العربية المتحدة" لوقف إمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة، في وقت يتهم المتمردون بارتكاب إبادة جماعية في قتالهم خلال الحرب الأهلية في البلاد.
وذكر موقع "PassBlue" أن البرهان، ردًا على سؤال مراسله بعد مؤتمر صحفي عقد في البعثة السودانية في مدينة نيويورك يوم 26 أيلول/سبتمبر الشهر الماضي، حول ما إذا كانت الولايات المتحدة تضغط على الإمارات بما يكفي لوقف نقل الأسلحة إلى قوات الدعم السريع، قال البرهان: "لقد وعدوني بأنهم سيفعلون ذلك".
وذكر الموقع أن البرهان سعى للحصول على الدعم الدولي لكسب الحرب ضد قوات الدعم السريع خلال زيارته القصيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة على مستوى عالٍ الأسبوع الماضي.
وفي المؤتمر الصحفي الذي تحدث فيه، تساءل البرهان في كلمته بقاعة الجمعية: "لماذا لم يتخذ النظام الدولي أي إجراءات حازمة أو رادعة تجاه هذه المجموعة ومن يدعمها، رغم كل ما جرى؟ كل الجرائم التي شهدناها، جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ورفضهم تنفيذ قرارات مجلس الأمن والقرارات الصادرة عن المنظمات الإقليمية".
وشدد البرهان على ضرورة تصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية، وقال: "يجب أن نسمي قوات الدعم السريع بما هي عليه، لقد تمردوا على الدولة، إنهم يرتكبون جرائم إرهابية ويجب اعتبارهم كذلك هنا في الأمم المتحدة".
وخلقت الحرب بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع -التي يقودها الجنرال محمد حمدان (حميدتي)- أسوأ أزمة إنسانية في العالم. كما تسببت في أكبر كارثة جوع في العالم، حيث يواجه نحو (26) مليون شخص "مستويات عالية من الجوع الحاد"، بينما فر أكثر من (13) ملايين شخص من منازلهم منذ منتصف نيسان/أبريل 2023، نصفهم من الأطفال وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وفي تموز/يوليو الماضي، اتهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية الأميركية، مايكل ماكول، وهو "جمهوري من تكساس"، قوات الدعم السريع "وممكّنيها" بارتكاب "أعمال إبادة جماعية".
وتستمر العرقلة التي تواجه منظمات الإغاثة الإنسانية في السودان في الوصول إلى الأشخاص الأكثر احتياجًا. وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لـ"PassBlue"، إن شدة الصراع تعيق توصيل المساعدات.
ويقول عضو سابق في مجلس السيادة الانتقالي من الشق المدني لـ"الترا سودان"، إن قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان حصل على "وعود أميركية" بالمساعدات الدبلوماسية خلال المرحلة المقبلة. وأضاف: "يمكنني القول إن البرهان حصل على مكاسب سياسية خلال زيارته إلى نيويورك، من خلال لقاءات مع مسؤولين أميركيين بارزين".
بالمقابل، يقول الباحث السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان"، إن الولايات المتحدة الأميركية قد تمارس الضغوط على الإمارات، وظهرت هذه الإجراءات من خلال تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو، بإشراك الإمارات بصفة مراقب في مفاوضات جنيف، حتى لا يكون أي اتفاق بين الطرفين المتصارعين "حبرًا على ورق".
باحث: الولايات المتحدة في الوقت نفسه، تعتبر الإمارات شريكًا دفاعيًا لها في الشرق الأوسط
ويرى عبد الله أن الولايات المتحدة في الوقت نفسه، تعتبر الإمارات شريكًا دفاعيًا لها في الشرق الأوسط، كما فعلت مع الهند. وهذا يعني أن واشنطن لديها مصالح كبرى مع أبوظبي، بالتالي لن تكون الضغوط حاضرة، وربما تقود الولايات المتحدة دبلوماسية ناعمة مع أبوظبي فيما يتعلق بوقف تسليح قوات الدعم السريع.
ويقول مصعب عبد الله إن العمليات العسكرية التي يقودها الجيش منذ الخميس الموافق 26 أيلول/سبتمبر الماضي، بالتزامن مع وجود البرهان في نيويورك، تهدف إلى ممارسة الضغط على الحلفاء الإقليميين لقوات الدعم السريع. وخلال اليومين الماضيين، من الواضح أن نبرة الخلافات ارتفعت، بالتالي السودانيون على موعد مع تحول كبير على الأرض، في الغالب لصالح الجيش، إذا مضى في تنفيذ عملياته بصورة احترافية وقدمت حكومته خطابًا معتدلًا للرأي العام الداخلي والخارجي.
ويعتقد الباحث السياسي مصعب عبد الله أن الجيش اتخذ قرار الحسم العسكري، لأنه يتسق مع التحولات الدولية والإقليمية القادمة، ولا يمكن أن تسير الأمور كما هي لأكثر من (18) شهرًا.