خلال ثلاثة أيام زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان دولتي كينيا وإثيوبيا. وعقد البرهان مباحثات ثنائية في نيروبي مع الرئيس الكيني وليام روتو الإثنين الماضي، فيما وصل اليوم الأربعاء إلى أديس أبابا للقاء رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
تقول الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها المنابر الإقليمية إن السودان أقر قانونًا خاصًا بالدعم السريع عبر البرلمان في العام 2017 وعلى أساسه فهي قوات عسكرية حكومية
زيارتا البرهان إلى البلدين –كينيا وإثيوبيا– تبحثان قضايا محددة يطرحها رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، على رأسها البحث عن إيقاف الحرب في السودان من خلال اعتبار الجيش ممثلًا لشرعية الدولة وعدم مساواته بالدعم السريع "المتمردة على الدولة" – حسب وصف بيانات مجلس السيادة.
في منبر جدة حيث ييسر الأمريكيون والسعوديون –بمشاركة "الإيقاد" والاتحاد الأفريقي– عملية التفاوض بين الجيش والدعم السريع، وضع الميسرون الطرفين في خانة واحدة، باعتبارهما قوتين عسكريتين حكوميتين، وهو ما يرفضه وفد الجيش الذي يعد نفسه ممثلًا لشرعية الدولة ويعد الدعم السريع "مليشيا تمردت على الدولة" – حسب التوصيفات الصادرة عن المسؤولين في مجلس السيادة وقادة الجيش.
فور مغادر البرهان نيروبي غرّد الرئيس وليام روتو على حسابه في موقع "إكس" (تويتر سابقًا) قائلًا إن الحرب في السودان استمرت طويلًا، ويجب أن تتوقف من خلال الإسراع في وقف العدائيات بين الجيش والدعم السريع عبر منبر جدة.
ولعل رسالة وليام روتو كانت واضحة للبرهان الذي من الواضح أنه طلب منح الجيش شرعية تمثيل الدولة السودانية وعدم وضعه على مسافة واحدة مع الدعم السريع.
يدفع الجيش بهذا الطلب منذ بداية الحرب إلى المحافل الدولية، ولم يتوقف عن وضعه على طاولة الميسرين في منبر جدة، لكنه لم يجد استجابة تذكر إلى اليوم. وحتى عندما أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية أوامر تنفيذية في بداية اندلاع القتال في السودان في منتصف نيسان/أبريل الماضي، استعملت تعبير "قوتين عسكريتين حكوميتين" في وصف الطرفين المتحاربين في السودان.
واليوم الأربعاء، وصل البرهان إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حاملًا الرسائل نفسها إلى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، لكن غالبًا لن يخرج الأخير أيضًا عن مسار الرئيس الكيني وليام روتو بضرورة وقف الحرب عبر منبر جدة وفق المسار الحالي باعتبار الجيش والدعم السريع "قوتين عسكريتين حكوميتين".
ربما يضع مجلس السيادة الانتقالي في السودان هذه الأجندة في اجتماع مرتقب للهيئة الدولية للتنمية (الإيقاد) بشأن الحرب في السودان خلال الأسبوعين المقبلين، لتبدأ التحركات الأفريقية في منح الاعتبار –معنويًا على أقل تقدير– للجيش السوداني بوصفه ممثلًا للدولة والحكومة السودانيتين، لكن واشنطن لدى وصفها الحرب في السودان تعمدت وضع الطرفين المتحاربين في خانة واحدة، وهو أمر من العسير على البرهان الفكاك منه أو تفادي ضغوط الميسرين في منبر جدة بالمملكة العربية السعودية.
تقول الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها المنابر الإقليمية والتحركات الأفريقية إن السودان أقر قانونًا خاصًا بقوات الدعم السريع عبر البرلمان في العام 2017، وعليه فهذه قوات عسكرية حكومية، في حين يقول الجيش السوداني إن هذه القوات "تمردت على الدولة" وصدر قرار بحلها من رئيس مجلس السيادة بوصفه ممثلًا لرئاسة الدولة السودانية في الفترة الانتقالية. وما بين هذا وذاك، تتوقف الحلول بشأن إطفاء حرب السودان في منتصف المسافة.. فما هي خطة البرهان بعد زيارة أديس أبابا ونيروبي وقمة "الإيقاد" المرتقبة؟