يُعد الزواج مناسبة اجتماعية وثقافية مهمة للتعرف على ثقافات الشعوب وعاداتها وتقاليدها، ومدخلًا لمعرفة أنماط تفكير المجتمعات. وفي السودان تختلف طقوس الزواج من منطقة إلى أخرى، إلى جانب الوضع الاقتصادي الذي غير كثيرًا من العادات والطقوس الخاصة بالزواج في السودان. ومع مرور الزمن سقطت ثقافات وطقوس كانت دارجة في الزواج، وظهرت أخرى، نظرًا إلى تطور المجتمعات. ومع ذلك ظلت هناك عادات راسخة في الزواج السوداني متعارف عليها، تتوارث جيلًا عن جيل؛ كإرثٍ ثقافي واجتماعي.
يتتبع التقرير عادات السودانيين وتقاليدهم عند الزواج، ونتعرف من خلاله على المستجدات التي طرأت على طقوس العرس في السودان
في التقرير، نتتبع عادات السودانيين وتقاليدهم عند الزواج، ونتعرف على المستجدات التي طرأت على الزواج في السودان.
"قولة خير"
تُعد الأمثال الشعبية أيضًا مدخلًا للتعرف على ثقافات الشعوب، ومن الأمثلة السودانية الشعبية الدارجة "الفال تحت اللسان"، ويقصد به أن ينطق الإنسان بالخير استبشارًا بمقدِمه.
و"قولة الخير".. هي أول خطوة في طقوس الزواج في السودان، وتعني القول الخير والطيب والحسن، استبشارًا بمستقبل ملؤه الخير. وفي هذا الطقس، يذهب والدا العريس إلى أهل العروس لطلب يدها، ويرد عليهم بالخير في حالة القبول والموافقة المبدئية لإتمام بقية مراسم الزواج.
وبعد اكتمال "قولة الخير"، يحضر والدا العريس بصحبة الخالات والعمات وكبار السن مرةً ثانيةً، للتقدم رسميًا لطلب يد العروس. وعادةً ما تكون الزيارة الثانية مصحوبةً بالهدايا مثل الحلويات والمال وقليل من الملابس والمشروبات الغازية. ويعني قبول أهل العروس للهدايا الموافقة على الزواج. وعادةً ما يحضّر أهل العروس وجبة عشاء خفيفة لأهل العريس، من دون غناء، مع ارتفاع صوت "الزغاريد" من قبل النسوة لإشهار الأمر وسط الجيران والمعارف. وعادةً ما يُتفق بين الأسرتين على فترة الخطوبة وبقية مراسم العرس.
الخطوبة
بعد الموافقة، تبدأ فترة الخطوبة. ويتم في مبتدئها تلبيس "الدِبَل" وتقديم "الشبكة" (طقم من الذهب)؛ وفي حين يلبس الرجل خاتمًا من الفضة، يكون نصيب المرأة خاتمًا من الذهب. ومؤخرًا أصبح الرجل يقدم "هاتفًا جوالًا" هديةً في الخطوبة.
عند إعلان الخطوبة، تجتمع أسرتا الخطيبين، وتقدم فيها ما يعرف بـ"المرطبات"، وهي وجبة خفيفة مع مشروبات غازية. وصارت مؤخرًا تعقد في صالة على حسب المقدرة المالية للخطيب.
وبحسب ما تقول ندى التي فضلت الإشارة إليها بالاسم الأول فقط، فإن فترة الخطوبة يمكن أن تكون شهرًا أو تمتد إلى سنوات. وتضيف في حديثها لـ"الترا سودان": "أعرف فتاة تمت خطبتها بعد أن أكملت الدراسة الثانوية، واتفق الطرفان على تمديد فترة الخطوبة إلى حين إكمال دراستها الجامعية"، وتوضح قائلةً: "ما يعني أن الفترة يمكن أن تمتد لأربع سنوات".
مرحلة العقد
المقصود بالعقد الكتابة الشرعية عند المأذون أو إمام الجامع. وبعدها تتحول "الدبلة" من اليد اليمنى إلى اليسرى. وفي هذه المرحلة تُقدم "الشيلة" وهي مصطلح سوداني، يعني تقديم أطقم ملابس كاملة من الثياب والأحذية والحقائب. وتكون بالعدد (ستة من كل صنف، عادةً)، بالإضافة إلى ملابس النوم. ويُقدم في "الشيلة" أيضًا ما يُعرف بـ"المقنع" وهو ثوب سوداني كامل لأم العروس.
وتُعرف "الشيلة" أيضًا باسم "سد المال"، وتقدم بالإضافة إلى ما سبق ذكره، أموال ومواد تموينية، ويصاحب العقد حفلة غناء. ويعقب العقد حفل الزفاف، وترتدي فيه العروس فستانًا أبيض. وعادةً ما يُقام الحفل في الصالات أو الميادين.
"الجرتق"
يُعد "الجرتق" أحد أهم الطقوس الراسخة في الزواج في السودان والمتوارثة منذ أجيال. وفيه ترتدي العروس قميصًا أحمر و"قرمصيصًا" وتربط في وسط جسدها حبلًا من الحلاوة. ومن طقوس "الجرتق" أن يقطع العريس الحبل وينثر الحلوى على الضيوف، ويُسمى "قطع الرحط". وبعدها يوزع العريس المال على صديقات العروس. وتقدم فيه الفواكه واللحوم، كما يوزع في "الجرتق" ما يعرف بـ"الفال" ويوضع في صناديق صغيرة تحوي الحلوى والبخور واللبان و"الدلكة" (نوع من العطور التقليدية السودانية).
ويقدم في "الجرتق" أيضًا الحليب في أكواب، وتبخ منه العروس على وجه العريس الذي يفعل الشيء نفسه، استبشارًا بالخير والحياة السعيدة.
وعادةً ما يسبق "الجرتق" ما يسمى في الثقافة السودانية بحنة العريس؛ وتقوم فيها نساء العائلة بتخضيب يدي العريس ورجليه بالحناء. وتقتصر حفلة الحناء على أصدقاء العريس من الرجال، وتقدم فيه المكسرات والفواكه والأرز بالحليب.
"رقيص العروس"
يُعد "رقيص العروس" إحدى التقاليد الشائعة في الزواج في السودان. ويقام في يوم العرس نفسه أو قبله بيوم "رقيص العروس". ويقتصر الحضور فيه على النساء والعريس وحده. وترتدي فيه العروس عدة أثواب، وترقص على أنغام الموسيقى السودانية. وتتعلم العروس الرقص لدى معلمة ماهرة قبل ما يقرب الشهرين من موعد العرس، ويُسمى أيضًا "الصبحية".
فطور العريس
بعد انتهاء المراسم، يقدم أهل العروس للعريس ما يعرف بالفطور، ويحوي جميع المأكولات السودانية التقليدية، كما تقدم هدية لوالد العريس غالبًا ما تكون "جلابية ومصلاة"، وكذلك هدايا لأم العريس وخالاته وعماته وغالبًا ما تكون عطور سودانية وبخور.
بعد انتهاء المراسم، يقدم أهل العروس للعريس ما يعرف بالفطور، ويحوي جميع المأكولات السودانية التقليدية
تختلف العادات من منطقة إلى أخرى، ولكن تبقى ذات التقاليد الوارد ذكرها في التقرير، عادات راسخة في مراسم الزواج في السودان.