16-يونيو-2024
خراف الأضاحي في السودان

عيد الأضحى في السودان

لم يستطع محمد أن يؤمن الأضحية لأسرته المكونة من خمسة أفراد هذا العام أيضًا، بعد أن اختار النزوح إلى الولاية الشمالية عقب اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/أبريل من العام الماضي.

لم تتمكن الكثير من الأسر من توفير ثمن الأضحية هذا العام

ويقول محمد لـ "الترا سودان" إن هنالك ارتفاع ملحوظ في أسعار الأضاحي والتي تتجاوز الـ (300) ألف جنيه سوداني، مشيرًا إلى أنه تعسر للعام الثاني على التوالي من توفير الأضحية لأسرته، بالرغم من أنه يعمل بدخل يمكن أن يعتبر جيدًا إلى حد ما، إلا أن تكلفة استئجار المنزل تستحوذ على معظم دخله الشهري، وما يتبقى يكاد يكفي فقط من أجل توفير الطعام لأسرته.ويضيف محمد أنه قام بشراء بعض الملابس والألعاب البسيطة لأطفاله، حتى يشعروا بفرحة العيد التي سلبتها منهم الحرب.

عيد القاهرة

في القاهرة أقبل العيد على اللاجئين السودانيين وهم لا يستطيعون توفير ثمن الأضحية، بعد أن طال أمد الاقتتال في البلاد، وأحدثت الحرب أزمة اقتصادية طاحنة طالت كل فئات المجتمع، وتقول السيدة فوزية لـ "الترا سودان" إن ثمن الأضحية في مصر يتراوح بين (13 إلى 15) ألف جنيه مصري، ما يصعب على أسرتها التي تعتمد على ابنتها العاملة في إحدى دول الخليج تحمل نفقاتها، خاصة مع الارتفاع الجنوني في الأسعار، وتحملها لنقات استئجار شقة لأسرتها بجانب توفير المستلزمات الأساسية، وتفيد أنها اكتفت بشراء كميات قليلة من اللحوم، ليقوموا بإعداد الوجبات السودانية المعتادة، ويشعروا ولو حتى بالقليل من لذة العيد.

وتضيف فوزية أنها تفتقد الاجتماعات الأسرية، بحيث كانت تقوم بالتنسيق مع عائلتها في السودان، ويقومون بذبح الأضحيات بالتناوب على مدار أيام عيد الأضحى المبارك، وتقوم العديد من العائلات باتباع هذا التقليد في السودان.

وحققت أسعار اللحوم السودانية في القاهرة أرقامًا قياسية، بحيث يصل سعر كيلوجرام من اللحم إلى (500) جنيه مصري، أي ما يقارب الـ (13) ألف جنيه سوداني، الأمر الذي أسفر عن إحجام الكثيرين عن شرائها.

وتزدحم الجزارات المتخصصة ببيع اللحوم السودانية بالمواطنين الذين يبحثون عن رائحة العيد في السودان، فيما لم تشهد هذه المحال العام السابق ازدحامًا ملحوظًا، وتمكن معظم السودانيين من شراء الأضاحي، الأمر الذي تعسر عليهم هذا العام.

حرب مستمرة

بالرغم من مرور ما يزيد عن العام على النزاع المسلح في السودان، دون أن يحقق أي طرف سيطرة على الأرض، إلا أنه ليس هنالك شواهد تقول أن الحرب ستخمد نيرانها في القريب العاجل، بل أنها ستظل مستمرة، في ظل فشل إقناع أطراف النزاع بالعودة إلى طاولة المفاوضات، بحسب محللون.

وتشير تقارير لمنظمة الهجرة الدولية، تجاوز عدد الأشخاص الذين فروا من منازلهم جراء الصراع في السودان أرقامًا  قياسية، بحيث اقتربت من كسر حاجز الـ (10) ملايين، في أزمة تعتبر الأسوأ في العالم. وفقدت معظم الأسر مصادر دخلها، بينما يعتمد العديد من المواطنين العالقين في مناطق النزاع على التحويلات عبر التطبيقات البنكية، والتي غالبًا ما تصل إليهم من خلال الأهل والأقارب المتواجدين خارج السودان.

تمكنت مبادرة سوهندا عبد الوهاب من توفير عدد (352) أضحية للأيتام

وتنتشر في مناطق الاشتباكات خاصة في العاصمة الخرطوم العديد من المطابخ الجماعية، والتي تعمل على توفير وجبات مجانية للمواطنين الذي لا يستطيعون توفير قوت يومهم، وقامت المتطوعة سوهندا عبد الوهاب بعمل مبادرة لتوفير الأضحية للأيتام، وتم توزيع (352) خروف من خلال المبادرة.

وتنشط سوهندا عبدالوهاب في العمل الطوعي في مدينة أمدرمان، وتقوم بتقديم الوجبات  بمساعدة عدد من المتطوعين، وانطلقت هذه المبادرة بالتزامن مع اندلاع الصراع المسلح، وتعتمد على التبرعات والتحويلات البنكية من أجل توفير مبالغ الوجبات التي توزع للمتضررين من الحرب.

ويأتي عيد الأضحى هذا العام على السودانيين، وهم يواجهون ظروفًا إنسانية صعبة، وسط تحذيرات أممية من مجاعة محتملة في السودان.