أطلق المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، نتائج المؤشر العربي (2019-2020) الذي تم تنفيذه في (13) بلدًا عربيًا، يمثلون نماذجًا لمناطق الخليج والمغرب العربي والمشرق العربي ووادي النيل. والدول التي شملها الاستبيان وجمع المعلومات هي: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعودية، والكويت، وقطر. وكان ذلك بهدف الوقوف على اتجاهات الرأي العام العربي نحو مجموعة من الموضوعات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. وهذه هي الدورة السابعة لتنفيذ هذا المؤشر الذي يعتبر مرجعًا لصانعي السياسات في العالم العربي وعلى مستوى العالم، وللباحثين والمتخصصين في الشؤون السياسية والعلاقات والأوضاع الإقليمية، حيث يغطي شريحة واسعة من المستطلعين كما أنه يطرح تساؤلات حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية.
الاستطلاع شمل (28) ألف مشارك من الخليج ووادي النيل والمشرق والمغرب العربي
وقد شمل استطلاع المؤشر لهذا العام (28) ألف مستجيب ومستجيبة، أجريت معهم مقابلات شخصية مباشرة ضمن عيّناتٍ ممثّلة للبلدان التي ينتمون إليها، بهامش خطأ يتراوح بين (2-3 %)، وقد تم تنفيذ الاستطلاع الميداني خلال الفترة من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وتموز/يوليو 2020.
اقرأ/ي أيضًا: مسح: الغالبية العظمى من السودانيين يعتبرون فلسطين قضيتهم ولا يعترفون بإسرائيل
وتزداد أهمية المؤشر لكونه أضخم مسحٍ للرأي العام في المنطقة العربية؛ سواء أكان ذلك من خلال حجم العينة، أم عدد البلدان التي يغطيها، والمحاور المتنوعة والشاملة التي يتم الاستطلاع عليها.
أنظمة الحكم
وقد أظهرت نتائج الاستطلاع على مستوى العالم العربي أن الأغلبية الكاسحة تساند قيام أنظمة ديمقراطية ببلدانهم، وذلك بنسبة بلغت (76) %، من جملة المستطلعين، بينما اتخذ (17) % من المستطلعين موقفًا مناهضًا للديمقراطية، وقد اتفقت نسبة (74) % من المستجيبين على ملاءمة النظام الديمقراطي التعددي للتطبيق في ظروف بلدانهم.
فيما ذهبت مجموعة من المستطلعين تتراوح نسبتها ما بين (57) % و(72) %، إلى عدم ملاءمة النظم السلطوية، أو العسكرية، أو حكم الأحزاب الإسلامية فقط، أو الأنظمة القائمة على الشريعة من دون انتخابات وأحزاب، أو الأنظمة المقتصرة على الأحزاب العلمانية (غير الدينية) هي أنظمةٌ غير ملائمة للتطبيق في بلدانهم.
وعلى الرغم من التعطش الواضح للنظم الديمقراطية، إلا أن هناك نسبة مقدرة ترى أن الطريق للديمقراطية لا زال طويلًا، بالنسبة لواقع التطبيق في بلدانهم، حيث اتفق المستطلعون على أن مستوى الديمقراطية في بلدانهم لا يتعدى (5.8) درجات من أصل (10) درجات، وكذلك فيما يفيد بقدرتهم على توجيه النقد للنظم التي تحكمهم، والذي تم وفق نفس قاعدة العشر درجات، حيث بلغت ست درجات من أصل (10) درجات، وحصلت تونس والسودان التي تعتبر من الدول التي شهدت ثورات أطاحت بأنظمة حكم ديكتاتورية بجانب موريتانيا على أفضل الدرجات، في حين حصلت السعودية على (3.9)، وفلسطين على (4.6) على أقل الدرجات على هذا المقياس.
مؤسسات الدولة
وقد تضمن المؤشر في تقييم مؤسّسات الدول وأداء الحكومات بواسطة المستطلعين على مفارقة واضحة ربما تعكس حالة من عدم الثقة في الأجهزة التنفيذية والعدلية، حيث عكست النتائج أن ثقة المواطنين بمؤسّسات الدولة في بلدانهم متباينة، ففي حين أن ثقتهم مرتفعة بالمؤسسات النظامية العسكرية والأمنية، فإنّ الثقة بسلطات الدّولة القضائيّة والتنفيذيّة والتشريعيّة أضعف من ذلك.
اقرأ/ي أيضًا: ضبط مصنع عشوائي لمعالجة مخالفات التعدين بالخرطوم
وتذيلت المجالس التشريعية القائمة لكونها الاقل ثقة بين مؤسسات الدول، وقد انقسمت آراء المستطلعين حول مدى قدرتها على التصدي لمهام الرقابة على الأنظمة الحكومية، وتبنيها لقضايا الشعوب، حيث رأى نصف المشاركين بعدم قيامها بدورها، بينما ذهب النصف الآخر عكس ذلك.
الفساد
وقد حمل المؤشر قناعة الأغلبية بتفشي الفساد في بلدانهم، حيث بلغت نسبة من يرون ذلك (91) % في مقابل (7) % من المستطلعين الذين يرون عدم وجود فساد بشكل مطلق، ويرى (43) % من المستجيبين أن فئة السياسيين هي الأكثر مساهمة في انتشار الفساد المالي والإداري، تليها فئة كبار الاقتصاديين بنسبة (23) %، ثم كبار موظفي الدولة بنسبة (16) %. وفي نفس الإطار، تذهب غالبية الآراء على مستوى الرأي العامّ أن الفساد منتشر في القطاعين العام والخاص، بنسب متقاربة مع التشديد على انتشاره بنسب أكبر في القطاع العام.
أعرب (85) % من السودانيين الذين تم استطلاعهم عن تأييدهم للثورة الشعبية في السودان
واتفق (32) % من المستجيبين على أنّ دولهم تطبّق القانون بالتساوي بين المواطنين، بينما رأى (46) % أنّها تطبق القانون ولكنها تُحابي بعض الفئات، أي تميّز لمصلحتها، ورأى (20) % أنّها لا تطبق القانون بالتساوي على الإطلاق.
تدهور عام
وهذه النسب تكشف عن تدهور الوضع إجمالًا في المنطقة العربية، ولعل مرجع ذلك لعدم الشفافية وافتقار البلدان لمبادئ وأساسيات الحكم الراشد، وكذلك الحال فيما يلي تقييم السياسات الخارجية والاقتصادية، إذ اتفق ما بين (43) إلى (50) % منهم على أن الأداء الحكومي غير إيجابي.
وحول الثورات التي شهدتها المنطقة العربية فيما يعرف بظاهرة "الربيع العربي"، تظهر نتائج الاستطلاع أن الرأي العام العربي منحازٌ إلى التفاؤل بمستقبل الثورات العربية، فقد رأى (48) % أنّ الربيع العربي يمرُّ بمرحلةِ تعثرٍ، لكنه سيحقق أهدافه في نهاية المطاف، مقابل (30) % يرون أنّ الربيع العربي قد انتهى وعادت الأنظمة السابقة إلى الحكم، وقد عبرت أغلبية المستطلعين في كل من الجزائر، والعراق، ولبنان، والسودان عن تأييدهم للاحتجاجات الشعبية التي جرت في بلدانهم، وبهذا أيدت أغلبية المستجيبين التي شهدت بلدانها احتجاجات شعبية؛ هذه الاحتجاجات. وتبدو النسبة حاسمة وكبيرة فيما يتعلق بالثورة الشعبية التي شهدها السودان، حيث أعرب (85) % من السودانيين الذين تم استطلاعهم عن تأييدهم للثورة الشعبية في السودان، وقد بلغت نسبة الذين شاركوا في المظاهرات من المستطلعين في السودان (37) %.
اقرأ/ي أيضًا: لامبيدوزا.. دالة المأساة الإفريقية
وقد اتفقت نسبة (31) % من جملة المستطلعين أن سبب الثورات والاحتجاجات يعود لرفض الفساد، بينما رأى (16) % أن الاوضاع الاقتصادية هي السبب، وذات النسبة لمناهضة الديكتاتوريات، واتفق (6) % لكل على أنها قامت من أجل الحريات السياسية ولأجل إنهاء الظلم، وأرجعت نسبة (4) % الثورات لتحقيق المساواة والعدالة، ورأت ذات النسبة أنها من أجل الكرامة.
شارك في إعداد المؤشر وتنفيذه (900) باحث وباحثة، نصفهم من النساء
تقرير المؤشر حمل إجابات على عدد كبير من القضايا، مثل الموقف من التطبيع مع إسرائيل، والتنظيمات الإرهابية في المنطقة، وقضايا الدين والتدين، وغيرها من القضايا المهمة، وهو ما يمكن أن يعتبر مرآة كاشفة لأحوال المنطقة العربية، وهو جهد كبير شارك في إعداده وتنفيذه (900) باحث وباحثة، نصفهم من النساء بحسب المركز العربي للدراسات والبحوث، وقد تم استطلاع عينة قوامها (28) ألف مستجيب ومستجيبة موزعين على تلك البلدان، واستغرق تنفيذه أكثر من (69) ألف ساعة، وقطع الباحثون الميدانيون ما مجموعه أكثر من (820) ألف كيلومتر، ما يجعل منه أضخم مشروع مسح وقياس للرأي العام يجري تنفيذه في المنطقة العربية، وهو بالتأكيد لا غنى عنه كمرجع في قياسات الرأي العام والتخطيط للسياسات.
اقرأ/ي أيضًا