02-سبتمبر-2020

(ألترا سودان)

أمين أمانة الطلاب والشباب بتجمع قوى تحرير السودان، يزيد دفع الله، هو أحد العائدين من ميادين الكفاح، يروي لـ"ألترا سودان" فرحته بتوقيع اتفاقية "جوبا" للسلام ومشوار الكفاح المسلح الطويل.

اقرأ/ي أيضًا: مستشار رئيس الوزراء: لم نبذل المجهود الكافي لضم عبدالواحد للسلام

سؤال الكفاح المسلح

يزيد دفع الله: مشكلات السودان لم تبدأ مع حكومة الإنقاذ البائدة، لكن تعمقت خلال ثلاثين عامًا

في بدايات 2005 اختار يزيد دفع الله طريق الكفاح المسلح. من داخل جامعة النيلين بدأ يفكر في مصير شعب كامل، وقضايا مصيرية، ربما، لم تشغل أذهان العديد من أبناء جيله، كان يمكن أن يكتفي بحياة المدينة الجميلة، السهلة، لكنه توقف في بداية حياته ليطرح على نفسه سؤالًا: ماذا أفعل لنصرة أبناء وطني في الهامش؟ وكانت إجابته هي طريق الكفاح المسلح الشاق.

بحلول 2008 كان يزيد دفع الله عضوًا بارزًا في حركة العدل والمساواة، أحدى مكونات تجمع قوى تحرير السودان، هو تحالف عريض يضم العديد من حركات الكفاح المسلح ذات الهم النضالي المشترك.

لكن، لا يزال السؤال قائمًا، ما الذي دفع رشاش لاختيار هذا الطريق الشاق؟ ما القضية التي دفعته لحمل البندقية؟

يقول لـ"ألترا سودان" إن مشكلة السودان تاريخية ومتوارثة مع تعاقب الحكومات، ظل الخلل متمثلًا في غياب العدالة الاجتماعية، السياسية، الثقافية والاقتصادية. وعدم احترام التنوع الثقافي، وغياب الدستور الدائم المعبر عن مصالح وحقوق الشعب السوداني، وطال الخلل ميزان الثروة واقتسام السلطة. كل هذه الاختلالات ظلت قائمة وموجودة في تعاقب الحكومات السودانية، ومن هنا وقع اختياره على انتهاج طريق الكفاح المسلح.

تحليل للواقع

يرى يزيد دفع الله أن مشكلات السودان لم تبدأ مع حكومة الإنقاذ البائدة، إنما خلال ثلاثين عامًا تعمقت وتردى حال الوطن خلالها، بالنسبة له القضية السودانية، ذات أبعاد وجذور تاريخية، بدأت تظهر على الواقع منذ إعلان سودنة الوظائف عام 1954، قبل إعلان الاستقلال السودان.

بحكم دراسته للعلوم السياسية، كان ليزيد قراءة موضوعية وتحليل لقضايا ومشاكل الدولة السودانية. يذهب بالقول إلى أن كل الوسائل السلمية والمدنية التي كانت تستخدم في ذلك الوقت، لمجابهة النظم العسكرية، كانت غير ذات جدوى، ولم تعالج كثيرًا من مكامن الخلل، النظام العسكري والشمولي للإنقاذ لم يحترم الممارسة المدنية، والرأي الآخر أيًا كانت شرعيته أو قانونيته، كان النظام يعتمد استخدام العنف ضد الآخر، لذلك لم يكن أمامه خيار غير استخدام ذات المنهج الذي يستخدمه النظام، لمعالجة مكمن الأزمة في القضية السودانية.

الموت.. يحاصر الجميع

أن تحمل بندقية يعنى أنك تسير في دروب الموت المجهولة، ميادين الحرب وحدها تقف شاهدة على جثامين الشهداء الذين قدموا أنفسهم دفاعًا عن قضاياهم، الموت صورة مرسومة في ذهن كل من يسلك طريق الكفاح المسلح، هم شهداء قبل أن تكتب لهم الشهادة، هكذا يقول يزيد واصفًا تجربة الكفاح المسلح.

وحول فلسفة الموت في ميدان الحرب والقتال يحدثنا يزيد دفع الله، أن حكومة الإنقاذ حاصرت المجتمع والشعب أجمعه بصور الموت، كان الموت قريبًا من كل مواطن سوداني، وكان المواطنين معرضين للموت بالطائرات، ومن رصاص المليشيات، التصفية، الاغتيال، التعذيب، الجوع والاضطهاد. كان الظرف المعيشي يفرض على خيرة شباب البلاد الهجرة من أرض الوطن، ليموتوا وهم يحلمون بأوطان أخرى تقدم لهم الخبز والحرية، كثيرين ماتوا في منتصف الطريق للضفة الأخرى. كنت أرى صور الموت في أوجه أخواتي، أمي، ونساء بلادي وأطفاله.

اقرأ/ي أيضًا: عملية تخريبية في التلفزيون و"لجنة التفكيك" في انتظار تقرير من وزارة الإعلام

من هنا أنطلق يزيد دفع الله في ميادين الموت لاستعادة حقوق هؤلاء، وفي حال مات سيكون راضيًا بالضريبة الوطنية التي ناضل من أجلها. يرى يزيد أن الموت لم يكن يشكل هاجسًا لرفاقه في الميادين، كانوا يتمنون الموت في سبيل قضية عادلة، كانوا يحملون البندقية ليس من أجل القتل، إنما دفاعًا وحماية للنفس، من غدر نظام الإنقاذ العسكري، الرفاق يختارون الذهاب للشهادة والموت طوعًا، هذه العقيدة كانت تمنحهم القوة للانتصار في المعارك، على الرغم من عدم تكافؤ القوة العسكرية بين حركات الكفاح المسلح والدولة، آمنوا بعدالة القضية وكتب الله لهم التوفيق في تحقيق حلمهم بالانتصار والسلام.

من ذاكرة المعارك

يقول يزيد دفع الله إن قصص الحرب لا تنتهي، ومن ذاكرة الميادين يروي أنه ذرف الدموع عند مقابلة الأسرى من الجيش الحكومي، حيث وجد بعضهم يضع "قماشًا أبيض" في فوهة البندقية، في دلالة لعدم إطلاقهم الرصاص علينا، قال بعض الأسرى أنهم جاءوا للقتال من أجل الخبز وإطعام أطفال يتامى ينتظرون قدومهم. فيما بعد، أنضم عددًا كبيرًا من الأسرى للحركة، لمحاربة العدو الحقيقي المتمثل في نظام الإنقاذ.

فرح مشوب بالحذر

يزيد دفع الله: نتخوف من عدم توفر الإرادة من جانب الحكومة، في توفير متطلبات السلام ومعالجة أسباب الحرب

يمتزج شعور يزيد دفع الله بتوقيع اتفاقية جوبا بين الفرح والتخوف، يقول لـ"ألترا سودان" إن السلام هو مطلب المجتمع السوداني ككل، وثوار ديسمبر المجيدة، وهو أهم مطالب اللاجئين الذين ملوا الوجود في دول الجوار، وتاقوا للعودة إلى أرض الوطن.

من ناحية أخرى، يتخوف من عدم توفر الإرادة من جانب الحكومة الانتقالية، في توفير متطلبات السلام ومعالجة أسباب الحرب، ومن مصير الاتفاقيات السابقة "نيفاشا وأبوجا" التي كانت جيدة من حيث النصوص، لكن، بقى الحال كما هو عليه. يقول: "يتوجب علينا دعم عملية الاستقرار والعمل على المصالحة الاجتماعية".

اقرأ/ي أيضًا

إلقاء القبض على عدد من رموز النظام البائد في قضية "المدينة الرياضية"

"أوساخ الدولة".. لبنان من الرفض إلى التمرُّد