أيّدت مؤسسات حزب الأمة تعيين وزير المالية الأسبق في الحكومة الانتقالية الأولى إبراهيم البدوي رئيسًا للوزراء بناءً على الاتفاق السياسي المرتقب بين العسكريين وأطراف سياسية مدنية أبرزها قوى "المجلس المركزي".
محلل: من دون ضمانات بتدفقات مالية من الخليج والمؤسسات الدولية لن يوافق البدوي على رئاسة الحكومة المدنية
وشغل البدوي منصب وزير المالية في عهد حكومة حمدوك بين عامي 2019 و2020 وهو أحد مفاوضي السودان مع المؤسسات الاقتصادية ويتبنى خططًا إصلاحيةً في الاقتصاد مقابل دعم حكومي للتعليم والصحة.
ويملك إبراهيم البدوي "سجلًا حافلًا" في العمل مع المؤسسات الدولية والبنك الدولي. وفور تعيينه وزيرًا للمالية في السودان في أواخر 2019 صرح بأنه لن يتردد في تبني خطة اقتصادية طموحة بتوفير آلاف الوظائف للشبان والفتيات إلى جانب تقوية المؤسسات الاقتصادية الحكومية لا سيما البنك المركزي السوداني.
ويُعدّ البدوي من أنصار خروج الدولة من القطاع العام وعدم دعم السلع الأساسية مقابل تطبيق "روشتة" تراعي العدالة الاجتماعية مثل مجانية التعليم والصحة للطبقات الفقيرة والوسطى.
وقال أحد المقربين من البدوي (مشترطًا حجب اسمه) لـ"الترا سودان" إن البدوي يشترط الموافقة على رئاسة الحكومة المدنية بتقوية الاتفاق السياسي وحصول مجلس الوزراء على صلاحيات تمكنه من تنفيذ مهامه ولا يود تكرار النماذج السابقة.
وحاول "الترا سودان" الحصول على تعليق فوري من الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير، لكنه لم يرد على الاتصالات.
وأوضح مصدر من داخل حزب الأمة لـ"الترا سودان" أن جميع مؤسسات حزب الأمة مثل مجلس التنسيق الأعلى والأمانة العامة والهيئات الشبابية تؤيد وضع البدوي رئيسًا للوزراء باعتبار جمعه ما بين "الراديكالية" والخطط القريبة من الأجيال الصاعدة.
تساعد شخصية البدوي على أن يكون اسمه مطروحًا ضمن قائمة صغيرة ستدفع إلى أطراف الاتفاق السياسي في السودان، كونه شخصًا هادئًا مع سجل اقتصادي جيد في العمل مع المؤسسات الاقتصادية وخبرة في العمل الحكومي بحكم عمله وزيرًا للمالية بين عامي 2019 و2020.
وكان البدوي أحد الداعمين لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية في "مرحلة واحدة" وعدم التدرج، بينما يقول مناهضو هذه السياسات إنها أدت إلى تحطيم الطبقة الوسطى وإفقار الفقراء ووضعهم في قائمة المعدمين.
ويعتقد معارضو البدوي أنه نفذ "روشتة قاسية" مع أنه لم يكملها بسبب إقالته، لكنه ابتدرها بلا هوادة.
ويقول المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"الترا سودان": "قد يكون البدوي من مدرسة الواقعية الاقتصادية؛ أي التفكير في ماذا أقدم للعالم حتى أقترض". "فقدّم قرارات اقتصادية قاسية مقابل دعم لم ينفذ بسبب الاضطراب في هذا البلد" – يضيف إبراهيم.
ويرى المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم أن البدوي لا يمكنه تقديم شيء في ظل الوضع الراهن، مستبعدًا أن يوافق على قبول هذا المنصب إلا إذا تلقى ضمانات بتدفقات مالية إقليمية من دول الخليج والمؤسسات الدولية. وأضاف: "ربما تلقى ضمانات بالمساعدات الاقتصادية المثمرة؛ في هذه الحالة قد يوافق على قبول رئاسة الحكومة المدنية لأنه من دون تدفقات مالية، لا يمكن فعل شيء". "الناس ينتظرون أن توضح لهم ماذا ستفعل حيال التضخم" – يشير إبراهيم.
من الناحية السياسية قد يواجه البدوي صعوبات في الاستجابة لمطالب الشارع المتعلقة بالعدالة خاصةً وأن لجان المقاومة ترفض أي تقارب مع العسكريين بل لا تردد في وصف من يوقعون على اتفاق مع العسكريين بالانقلابيين.
من الناحية السياسية قد يواجه البدوي صعوبات في الاستجابة لمطالب الشارع المتعلقة بالعدالة
في هذه الحالة قد يلجأ البدوي إلى خطط قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) التي ستكون بمثابة حاضنة سياسية للعمل في مسار العدالة الانتقالية لإنهاء الأزمة، لكن على الرغم من ذلك فإن هذا المسار قد يحتاج إلى "تنازلات مؤلمة " من جميع الأطراف خاصة من يواجهون الاتهامات بارتكاب الانتهاكات.