بدأت الحياة تعود تدريجيًا إلى مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور بعد صراع دامٍ بين الجيش وقوات الدعم السريع، وبين القبائل العربية المدعومة من الأخيرة والمساليت في ذات الوقت.
وقال شهود عيان لـ"الترا سودان" إن بعض المراكز الصحية والمحلات التجارية فتحت أبوابها كما سمحت منظمات دولية بتقديم الخدمات الصحية للسكان الذين بقوا في المدينة بعد فرار نحو (150) ألف شخص إلى دولة تشاد.
واجهت الجنينة أسوأ كارثة إنسانية جراء أعمال العنف
وواجهت الجنينة أسوأ كارثة إنسانية جراء أعمال العنف التي بدأت بين الجيش والدعم السريع في فترات متقطعة سرعان ما أعقبتها أعمال عنف قبلية بين المجموعات العربية والمساليت أودت بحياة الآلاف من الجانبين.
ووصفت الأمم المتحدة مدينة الجنينة بأنها أسوأ رقعة في العالم من حيث الانتهاكات المريعة وتصفية السكان على أساس عرقي، ودعا المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان في جلسة إحاطة لمجلس الأمن عشية الجمعة الماضية إلى ملاحقة من يرتكبون الانتهاكات في السودان سيما في إقليم دارفور "بطرق جديدة" غير مألوفة، وحذر من عواقب إفلات الجناة من الملاحقة القانونية بما في ذلك الجنائية الدولية.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في "جنيف" رافينا شمداساني، إن المقابلات التي أجريت مع أشخاص فروا من الجنينة بغرب دارفور إلى مدينة أدري في تشاد كشفت عن روايات مروعة عن قيام "مليشيات عربية مسلحة" مدعومة من قوات الدعم السريع بقتل أشخاص فروا من الجنينة سيرًا على الأقدام.
فيما قال مندوب السودان في الأمم المتحدة ردًا على تقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إن الوضع في السودان يحتاج إلى تعديلات قانونية لتسليم المطلوبين إلى المحكمة الدولية.
وقال العامل في مجال الإغاثة بمدينة الجنينة علي الحاج لـ"الترا سودان"، إن بعض الأنشطة التجارية للبيع بالتجزئة عادت إلى مدينة الجنينة، كما جرى تشغيل مستوصف الصفاء الخاص لاستقبال المرضى.
وقال إن مظاهر الحياة بدأت تدب في هذه المدينة التي شهدت جرائم حرب مروعة على الرغم من فرار حوالي نصف من السكان من الجنينة إلى تشاد.
وأشار علي الحاج إلى أن الأوضاع مستقرة وتوقفت أعمال العنف إلى حد كبير، وبدأ تشغيل المستشفى الحكومي لكن غير معروف من أين سيتم إحضار الكوادر الطبية.
وقال علي الحاج إن زعماء محليين أيدوا تكليف نائب حاكم غرب دارفور لتسيير السلطات والحياة العامة في الولاية حسب المعلومات التي وردت إليه.
ويرى علي الحاج أن الوضع في الجنينة رغم الاستقرار لكنه "تحت رحمة المسلحين" في ظل عجز السلطات في السيطرة على الأمور وغموض الراهن والمستقبل معًا.
ولفت إلى إن الوضع المستقر لا يعني انتهاء المخاطر لأنه في ظل استمرار الحرب فإن الدولة عاجزة عن تقديم حلول في الجنينة، ولا يمكن وضع حلول في ظل استمرار النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع.
وأكد أن مدينة فوربرنقا جنوب مدينة الجنينة سيطرت عليها قوات الدعم السريع حسب روايات المواطنين، وقامت بتعيين حكومة محلية برئاسة أحد الضباط الإداريين.
وأردف: "هذه معلومات حصلت عليها من سكان يقيمون في فوربرنقا؛ نحن بحاجة إلى معلومات من الأجهزة التي لديها القدرة على تحديد الوضع هناك".
وتطورت الأوضاع في الجنينة بشكل كبير، وركزت الأمم المتحدة على إطلاق تحذيرات بأن الوضع هناك على أعتاب كارثة أخرى عقب عشرين عامًا من الحرب في دارفور.
ومدينة الجنينة واجهت بين عامي 2020 و2021 أعمال عنف بين القبائل العربية والمساليت، وزارها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في 2021 ضمن محاولات للسيطرة على أعمال العنف، لكن نتيجة تداخل التأثيرات القبلية مع وضع قوات الدعم السريع؛ فشلت محاولات حكومته - كما يقول علي الحاج.
واتهم مجلس السيادة السوداني الدعم السريع باغتيال حاكم ولاية غرب دارفور في منتصف حزيران/يونيو الماضي عقب اعتقاله وتصفيته.
عامل في مجال الإغاثة بمدينة الجنينة: طبيعة الصراع في الجنينة وغرب دارفور "معقدة" وتحتاج إلى "تعامل خاص"
ونفت قوات الدعم السريع تورط منسوبيها في قتل حاكم ولاية غرب دارفور، متهمة الأجهزة العسكرية بتدير هذه الجريمة عبر تسليح مقاتلين قبليين.
ويشرح علي الحاج أن طبيعة الصراع في الجنينة وغرب دارفور "معقدة" وتحتاج إلى "تعامل خاص" عبر سياسات اقتصادية واجتماعية وأمنية. ويقول إن "تمدد قوات الدعم السريع له تأثير على هذا الصراع".