لا تزال أصداء قضية تعذيب وقتل كادر حركة جيش تحرير السودان، فيصل آدم علي، تشغل الرأي العام بأسئلتها؛ أين فيصل؟ هل فعلًا قتل؟ هل يقبع في أحد معتقلات الحركة؟ والصمت هو الإجابة الوحيدة على كل هذه التساؤلات حتى الآن.
نظم ناشطون وقفة تضامنية أمام مكتب النائب العام للكشف عن مصير كادر حركة جيش تحرير السودان
"الترا سودان" رصد جوانب من الوقفة التضامنية التي نظمها ناشطون أمام مبنى النائب العام، مطالبين بالكشف عن مصيره، فيما طالب آخرون بتدخل إقليمي ودولي لتقصي الحقائق، بين هذا وذاك يكشف التقرير جانب من الحقيقة عبر إفادات مهتمين بالقضية.
مسرح الحرب
وأكد الناشط الحقوقي، أبوهريرة عبدالرحمن، أن ملف انتهاكات حقوق الإنسان لم يكن حصريًا على مناطق سيطرة النظام البائد، وأن هناك فاعلون في المشهد السياسي والعسكري في مناطق دارفور، جبال النوبة، والنيل الأزرق، تطالهم ادعاءات بممارسة انتهاكات في تلك المناطق. وتابع حديثه قائلًا،أن هذه الملفات يجب أن تفتح دون حصانة لأحد من أجل كشف الحقيقة للشعب السوداني، ومساءلة من ارتكب الجرائم وتحديد الضالعين فيها، ولا يمكن الوصول لسلام شامل بمعزل عن معرفة كل الحقيقة.
اقرأ/ي أيضًا: الناطق الرسمي باسم الحكومة: موقفنا ثابت ولم نفوض أحدًا للتطبيع
وأردف أبوهريرة، أن هذه الادعاءات موثقة من قبل جهات دولية ومحلية تفيد بضلوع حركات الكفاح المسلح بتجنيد الأطفال، وشاهدنا في مسرح الحرب وجودهم، وهو ما يتناقض مع القانون الدولي الإنساني، إضافةً إلى جرائم التعذيب والإخفاء القسري سواء لمواطنين في مناطق الحركات أو لافراد يتبعون لها، وملف الأسرى.
ومضى بالقول إنهم كناشطين لا يستطيعون دون شواهد مادية محددة ادعاء من ارتكب هذه الجرائم، لكن، بالتعاون مع الأطراف كافة، يمكن الوصول للحقيقة، مع توافر الأدلة وإفادات الناجين من الحرب، يمكن تحقيق ذلك. وأضاف: "الحركات تنادي بالحرية والدولة المدنية وسيادة حكم القانون، لذلك نتوقع استجابة سريعة من القيادات للتحقيق في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان".
الكشف عن مصير فيصل
ونظم ناشطون وقفة تضامنية نهار الإثنين، أمام مكتب النائب العام، مطالبين بالكشف عن مصير فيصل ورفاقه، وذلك على خلفية انتشار تسجيلات صوتية تكشف التعذيب الذي تعرض له الأخير، ودعوا لوقف جرائم الحرب.
وحول أهم المطالب التي احتوت عليها المذكرة، يحدثنا الناشط الحقوقي محمد صالح قائلاً: "إن الوقفة جاءت للتضامن مع فيصل وجميع المفقودين في مناطق النزاع، والتنديد بالممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان مثل التعذيب والخطف والقتل خارج نطاق القانون".
وأضاف محمد صالح، أن النائب العام معني بالقضية لأن الجريمة وقعت في أراضٍ سودانية، والضحايا والجلادون يحملون الجنسية السودانية، ويمكن للنائب العام مخاطبة الإنتربول والشرطة الدولية لإلقاء القبض على المقيمين خارج البلاد للتحقيق في ملابسات القضية. وأكد محمد صالح لـ"ألترا سودان"، مخاطبتهم في الأيام القادمة للسفارة الفرنسية ووزارة العدل ومفوضية العون الإنساني، مطالبين بتحقيق العدالة.
وحاول صالح وآخرين، الاتصال مع قائد حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور، ولم يرد عليهم، واكتفى فقط بمخاطبة مجموعة لخريجي جامعة الخرطوم في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تحدث بشكلٍ عام متجنبًا الخوض في الإجابة عن مصير فيصل، ومضى مهاجمًا إعلان جوبا، دون التطرق للسؤال الذي لا يزال يشغل الرأي العام السوداني: أين فيصل؟
مآلات القضية
من جانبه، لا يتوقع الناشط السياسي منتصر إبراهيم، أن يكون للقضية أثرها على حركة جيش تحرير السودان في المدى القريب، نظرًا للاعتبارات الدولية المتعلقة بمنظمات حقوق الإنسان ومناهضة الانتهاكات، كونها لم تولي القضية اهتمامًا كافيًا ولم تسع للضغط على الحركة، خاصةً وأنها ليست القضية الأولى من هذا النوع.
وأشار إبراهيم، إلى وجود تقارير موثقة تفيد بوجود سجون تتبع للحركة وتصفيات جسدية في جنوب السودان، كما أن الأطراف الفاعلة في قضية السلام، في تواصلها مع حركات الكفاح المسلح، لا تولي هذا الجانب أهمية. إلى جانب ذلك، توقع إبراهيم أن تسير المآلات الخطيرة على الصعيد الداخلي بالحركة في جانب المزيد من الانشقاقات، والمزيد من الضحايا، وربما نشهد سقوط ضحايا من صفوفها بشكلٍ مماثل لتجربة فيصل.
ماذا قالت عائلة فيصل؟
يعود أبوهريرة قائلاً لـ"الترا سودان"، إنه بالنظر لطبيعة الحركات، سيصعب على النائب العام إجراء تحقيق مستقل، وذلك لعدم تمتعه بسلطة كاملة في مناطق الحركة. ودعا أبوهريرة، لاستخدام الولاية الدولية لإجراء التحقيق، ويمتد التحقيق الدولي والإفريقي والبعثات الدولية في التقصي عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وأضاف أبوهريرة: "من دون معرفة ما الذي حدث وتحديد المسؤولين عن الجرائم وتقديمهم لمحاكمات عادلة، لا يمكن بناء دولة عادلة وتحقيق السلام لشعوب السودان".
اقرأ/ي أيضًا: جنوب السودان.. أزمة اقتصادية وتغييرات شكلية
أما ابن أخ الضحية فيصل، أيمن صلاح الدين، فأفاد في حديثٍ هاتفي مع "الترا سودان"، أن الاتصالات مع فيصل ظلت مقطوعة طيلة أربعة أشهر، لكن، رآه أحد الأقارب في السجن بعد ظهور التسجيلات الصوتية. ورفض صلاح الدين تقديم شكوى إلى النائب العام، متحججًا بعدم وجود مصادر موثوقة لما حدث. وأضاف: "نريد معرفة من القائم خلف الوقفة التضامنية؟ أو من يعمل باسمه ضد حركة تحرير السودان؟".
الحركة لها ملف حافل بانتهاكات حقوق الإنسان في مناطق سيطرتها
الجدير بالذكر أن الحركة لها ملف حافل بانتهاكات لحقوق الانسان، آخرها ما كشفت عنه يوناميد في حزيران/يونيو الماضي، عن نزوح آلاف المواطنين بولاية وسط دارفور، بعد تعرضهم لخطر القتل والاغتصاب جراء قتال اندلع بين فصيلين من حركة جيش تحرير السودان برئاسة عبدالواحد نور. كما يتهمها البعض بملاحقة الضحايا وذويهم في مناطق سيطرة الحركة.
اقرأ/ي أيضًا
الشهيد عثمان محمد قسم السيد.. طالب وعامل يومية وحارس للمتاريس
جولة لـ"الترا سودان" في الصيدليات تكشف عن ندرة في أهم الأدوية