23-يوليو-2024
اختطاف واغتصاب - صورة رمزية

صيحة: جرائم الاغتصاب من قبل الدعم السريع أسلوب ممنهج وليست حالات فردية

أكدت المسؤولة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية لنساء القرن الإفريقي "صيحة"، هالة الكارب، توثيق (250) حالة اغتصاب وعنف جنسي على مستوى السودان، من بينها (75) حالة موثقة بولاية الجزيرة في الفترة من كانون الأول/ديسمبر 2023 حتى نيسان/أبريل 2024، بواسطة قوات الدعم السريع.

هالة الكارب: قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم حرب في ولاية الجزيرة

ذكرت الكارب في مؤتمر صحفي، أمس الإثنين، أن العنف الجنسي استخدم كسلاح ضد المدنيين بواسطة قوات الدعم السريع التي اجتاحت الولاية في 21 كانون الأول/ديسمبر 2023.

وأشارت الكارب إلى توثيق (75) حالة اغتصاب وعنف جنسي في ولاية الجزيرة ارتكبتها قوات الدعم السريع، كما تحدثت عن حمل غير مرغوب فيه لفتيات وسيدات في ولاية الجزيرة وثق بواسطة الأطباء.

وقالت الكارب: " النساء عندما يتعرضن للاغتصاب في منطقة ما، كما حدث في ولاية الجزيرة في المدينة عرب على سبيل المثال، أخطرنا الضحايا أن الجناة عادة يأتون مرة أخرى. لذلك نبذل النصح بالمغادرة فوراً وهناك خدمات طبية ونفسية قُدمت لبعض الضحايا".

جرائم حرب

وتابعت: "هناك انتهاكات للجيش نعمل على رصدها منذ سنوات وهي ليست مرتبطة بالحرب. في ذات الوقت، نحن نتحدث عن أنماط مختلفة للعنف الجنسي الممنهج الذي تمارسه قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة وولايات أخرى".

وقالت الكارب: "هناك حالات انتحار معلومات منتشرة، لكن نحن وثقنا حالة سيدة رفضت تلقي العلاج حسب إفادات عائلتها والممرضة التي أشرفت على علاجها، وبعد خمسة أيام فارقت الحياة".

وترى الكارب أن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم حرب في ولاية الجزيرة من خلال هذا التقرير الذي وثق جرائم العنف الجنسي وموجات الاغتصاب الجماعي أمام الأزواج والأشقاء والجيران. وتضيف: "هذه جرائم حرب، وشاهدنا كيف استخدمت جرائم العنف الجنسي في كردفان ودارفور لتهجير السكان وانتزاع الأراضي وتحويل مجتمعات منتجة إلى نازحين ومشردين يقيمون في المعسكرات. إن العنف الجنسي وسيلة لتحقيق هذه الأشياء ويستخدم الآن في كل مدن وقرى السودان بواسطة قوات الدعم السريع".

في المؤتمر الصحفي، تحدثت ناشطة حقوقية من ولاية الجزيرة عن وجود (25) من القاصرات في منطقة شرق الجزيرة تعرضن إلى حمل غير مرغوب فيه عقب الاغتصاب من قوات الدعم السريع. وأضافت: "هذه المعلومات وثقتها طبيبة كانت تعمل هناك".

إخلاء منطقة مأهولة

وأوضحت هالة الكارب أن ولاية الجزيرة كانت مأهولة بالسكان قبل اقتحام الدعم السريع نهاية العام الماضي، وتواجد فيها نحو (6.5) مليون شخص بينهم مليوني نازح أغلبهم من ولاية الخرطوم.

وأشارت إلى أن ولاية الجزيرة شهدت حالات تجنيد وسط الأطفال والشباب قسرياً من قوات الدعم السريع، التي استولت على الموارد ودمرت البنية التحتية بشكل كبير.

وقالت عادلة، عضو شبكة "صيحة": "العنف الجنسي عادة يرتكب في الخفاء، لكن في ولاية الجزيرة استخدم هذا السلاح من قبل الدعم السريع بشكل ممنهج"، مشيرةً إلى أن الجرائم الجنسية ارتكبت في الجزيرة في مواقع متعددة بما في ذلك أثناء التنقل والسفر بالحافلات.

وفي التقرير الذي نشرته "صيحة"، جاء أن الدعم السريع تستخدم عدة أنماط للسيطرة على المناطق، من بينها العنف الجنسي عقب عمليات إطلاق نار عشوائي على الأحياء والشوارع، ثم يقتحم الجنود المنازل.

وأضاف التقرير: "تعتمد سيطرة الدعم السريع على القرية أو المدينة المعينة في بعض الحالات على أسلوب التفاوض بين السكان وهذه القوات. ومع ذلك، لا يمكن ضمان استمرار هذا الأسلوب طويلاً، ففي مناطق عديدة ارتكبت هذه القوات الجرائم الجنسية والنهب رغم وجود تفاوض مسبق بينها وبين السكان المحليين".

وأوضح التقرير أن رجال المليشيا ليس من أولوياتهم كسب ود الأهالي في المناطق التي تخضع لسيطرتهم.

الاغتصاب الجماعي

وعكس التقرير بعض الحالات الموثقة للاغتصاب الجماعي، حيث أبلغت سيدة فريق التقرير أن منزل عائلتها تعرض لاقتحام بواسطة عشرة رجال مسلحين من الدعم السريع بحجة أنهم يبحثون عن جنود نظاميين. وتروي السيدة: "هددونا بالاغتصاب وقالوا ليس لديكم جيش لحمايتكم، سنستخدمكم كيفما نشاء، لماذا لم تغادروا سلفاً؟ وبعد حلول المساء سمعنا صرخات من منزل جارنا، عندما ذهبنا اغتصب الجنود الأم وبناتها الثلاث".

في المنزل المنكوب، رفضت الأم وبناتها مغادرة المنطقة قائلات: "تعرضنا للاغتصاب، ما فائدة المغادرة الآن؟" أي حدث الأسوأ، يضيف التقرير.

وسلط التقرير الضوء على واقعة اغتصاب في منطقة المدينة عرب في 11 آذار/مارس الماضي لأم تبلغ من العمر (38) عاماً، رفقة اثنتين من بناتها القاصرات، جميعهن تعرضن للاغتصاب من جنود الدعم السريع داخل المنزل.

وفي حالة أخرى، نقل التقرير حادثة اغتصاب وقعت بمدينة الحصاحيصا، الواقعة شمال مدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة، حيث اقتحمت قوات الدعم السريع منزل سيدة تعمل في بيع الشاي والقهوة وهي نازحة. لم يعثروا على شيء في البيت يصلح للسرقة، فقاموا بضرب ابنتها ذات الـ (17) عاماً وإهانتها واغتصبوها جماعياً. وكانت هذه الحادثة مؤلمة ومدمرة للعائلة، وسرق المغتصبون كل ممتلكات البيت المتواضع بعد الحادثة، فيما عادت الأسرة إلى أم درمان.

وقال التقرير إن شبكة صيحة تلقت تقارير تشير إلى أن أعداد كبيرة في الفترة من آذار/مارس إلى نيسان/أبريل الماضي أجبرن على الزواج من جنود الدعم السريع بولاية الجزيرة، كما وقعت حالات استرقاق جنسي واختطاف للفتيات ضمن هذه الفترة، بما في ذلك ودمدني عاصمة الولاية. في إحدى الحالات الموثقة في تقرير شبكة "صيحة"، اختطف جنود الدعم السريع سيدة بمدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة وأحتجزت لمدة خمسة أيام، وذلك في منتصف آذار/مارس الماضي، وتعرضت للاغتصاب من جنود الدعم السريع ولم تنجُ من الجروح والكدمات على وجهها وجسدها.

وتحدث التقرير عن حالات مماثلة لاختفاء فتاة تبلغ من العمر (16) عاماً بالحصاحيصا واحتجزت لمدة أربعة أيام وتعرضت للاغتصاب. كما تطرق التقرير إلى تجمع نحو (40) سيدة وفتاة في منزل واحد، عقب انتشار المعلومات عن وقوع حالات الاغتصاب الجماعي، للاحتماء من مرتكبي هذه الجرائم، ثم يتفرقن في الصباح.

محاكمة كيكل

وقال التقرير إن قوات الدعم السريع عندما تستقر في منطقة ما، تستهدف أيضاً بائعات الشاي والأطعمة. كما اغتصب ثلاثة من جنود الدعم السريع سيدة أمام زوجها الذي هدد بالقتل، ونزح الزوجان إلى سنار في 29 نيسان/أبريل الماضي. يقول الزوج إن هذا السلوك هو نوع من إهانة الرجال وتمزيق النسيج الاجتماعي.

يشير التقرير إلى أن العنف الجنسي، الذي يشمل أنماط متعددة من الجرائم الجنسية، تمارسه قوات الدعم السريع بشكل ممنهج في حرب السودان لبث الرعب في نفوس السكان

ويشير التقرير إلى أن العنف الجنسي، الذي يشمل أنماط متعددة من الجرائم الجنسية، تمارسه قوات الدعم السريع بشكل ممنهج في حرب السودان لبث الرعب في نفوس السكان. وموجات العنف الجنسي تصاحبها تغيرات اجتماعية واقتصادية عميقة تستمر لأجيال عديدة.

وألقى التقرير بالمسؤولية المباشرة في وقوع جرائم العنف الجنسي بولاية الجزيرة على قائد الدعم السريع بالولاية أبو عاقلة كيكل وبقية القيادات المسؤولين بشكل مباشر. وشدد التقرير على محاسبة كيكل جنائياً بواسطة محكمة جنائية خاصة تشكلها سلطة الأمم المتحدة على غرار المحاكم الخاصة في رواندا، والتي أُسست عقب المذابح.

وقال التقرير إن الأدلة تظهر بوضوح مسؤولية قيادات الدعم السريع حول الجرائم التي وقعت في ولاية الجزيرة ومناطق أخرى في السودان.