على الرغم من اعتراف قوات الدعم السريع بوفاة الشاب بهاء الدين نوري داخل مركز تابع لها بالخرطوم بحري وإعلانها إحالة مرتكبي الواقعة إلى التحقيقات والايقاف واتخاذ إجراءات داخلية ضدهم، إلا أن الدعوات لا تزال قائمة بضرورة تسليم المُتهمين إلى النيابة والشرطة.
ناشط حقوقي: النيابة العامة يجب أن تتقدم بطلب إلى الدعم السريع لتسلم المتهمين
ويرى الناشط الحقوقي عثمان البصري في تصريح لـ"الترا سودان" أن أي قضية فيها طرف مدني ينبغي أن تتحول إلى النيابة والشرطة حتى مرحلة مثول المتهمين أمام محكمة مدنية، لكن ما قامت به قوات الدعم السريع بإخضاع الجناة إلى تحقيق داخلي هو "ذر للرماد في العيون" ومحاولة للإفلات من العدالة، وينبغي أن تتقدم النيابة العامة بطلب فوري إلى الدعم السريع برفع الحصانة عن المتهمين وتسليمهم إلى الشرطة واخضاعهم للتحقيق.
اقرأ/ي أيضًا: مؤشرات خطيرة.. عودة الاعتقالات التعسفية والقتل خارج نطاق القانون
وكان متحدث الدعم السريع العميد جمال جمعة أعلن في تصريح صحفي أمس الأحد عن إخضاع وإحالة رئيس دائرة الاستخبارات بالدعم السريع والمتهمون بالمشاركة في حادثة اعتقال وقتل الشاب بهاء الدين نوري (45) عامًا من سكان الكلاكلة صنعت، إلى التحقيق ولم يتطرق متحدث الدعم السريع عن إمكانية تحويل المتهمين إلى النيابة.
وتزامنت حادثة مقتل الشاب بهاء الدين نوري مع مقتل عز الدين علي حامد، في أم درمان حيث أشارت الشرطة في بيان صحفي إلى أن قسم شرطة الدوحة بأم درمان أفرج عن القتيل بالضمانة العادية في 25 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وتدهورت حالته الصحية بعد خروجه ونقل إلى المستشفى وفارق الحياة.
وأكدت الشرطة في بيان أصدرته الأحد أنها باشرت إجراءات تحت المادة (51) من قانون الإجراءات الجنائية، بلاغ وتحويل الجثمان إلى المشرحة لمعرفة أسباب الوفاة وجاء التقرير الطبي أنه تعرض إلى الضرب.
وذكرت الشرطة أنها وفقًا لنتائج التشريح تم تعديل البلاغ إلى المادة (130) جنائي القتل العمد، تحت قيد (4107) في قسم شرطة الأوسط بأم درمان، وتم وضع جميع منسوبي قسم الشرطة الذي شهد الواقعة في الحجز الشديد وفتح تحقيق في مواجهتهم فيما تولت النيابة إجراءات التحري وتعهدت الشرطة بالتحقيق مع كل من يثبت تورطه في الحادثة، وتحقيق العدالة.
من جهته أخرى يؤكد الناشط الحقوقي عثمان البصري أن وفاة المواطن عز الدين علي حامد في قسم الشرطة يعني حاجة المؤسسات العسكرية والشرطية إلى إصلاحات جذرية بواسطة الحكومة المدنية.
وتابع البصري: "لا تزال عقلية النظام البائد التي تتسم بالعنف تسيطر على هذه المؤسسات ويجب أن يسعى المدنيون من لديهم مصلحة في التحول الديمقراطي للضغط عليها لتطبيق معايير حقوق الإنسان في التحريات والقبض والاستجواب وتوجيه الاتهام وحتى اقتياد المتهم يجب أن تتلى عليه حقوقه الأساسية مثل الاستعانة بمحام وإبلاغ عائلته عن مكان احتجازه".
عثمان البصري: هذه الانتهاكات تحتاج إلى العدالة، وعند ما لا تتوفر ستضعف موقف الحكومة المدنية
ونصت الوثيقة الدستورية على أن إصلاح المؤسسات العسكرية شأن يقوم به العسكريون حيث يرى خبراء حقوقيون أن المدنيين الذين فاوضوا المجلس العسكري في آب/أغسطس 2019 أظهروا ضعفًا كبيرًا في ترك هذه المهمة للمكون العسكري، سيما وأن إصلاح المؤسسة العسكرية شأن يخص المدنيين والعسكريين معًا باعتبار أن التحول الديمقراطي مرتبط بإخضاع هذه المؤسسات لسيطرة المكون المدني بالحكومة.
ويحذر عثمان البصري بالقول: "الانتهاكات التي تقع مؤخرًا تحرج الحكومة المدنية وتضعفها، منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي قتل شابين في جسر المنشية في احتجاجات شعبية سلمية وحتى الآن لا تزال القوة التي أطلقت الرصاص خارج يد العدالة، واحتجاجات كسلا في نفس الشهر أيضًا قتل فيها مدنيين بواسطة قوات نظامية، كل هذه الانتهاكات تحتاج إلى العدالة، وعند ما لا تتوفر ستضعف موقف الحكومة المدنية".
اقرأ/ي أيضًا: توتر الوضع في السريف وقيادي في "قحت" يتهم الوالي بالتحالف مع النظام البائد
ويعتقد البصري أن الأدهى والأمر أن تعلن قوات عسكرية امتلاكها مراكز احتجاز وتحريات وتقتاد الأشخاص من الشوارع ولا تعلم عائلات المحتجزين مكانهم.
ويشدد البصري على أن هذه الانتهاكات خطيرة وينبغي أن تتدخل الحكومة المدنية لإغلاق هذه المراكز" ويضيف: "قانون الأمن الوطني للعام 2010 الذي منح حق الاعتقال لجهاز الأمن في العهد البائد الآن معطل بسبب الثورة، ويجب أن تُلغى هذه القوانين وتجفف مراكز الاحتجاز العسكرية فورًا دون تأخير وإلا فإن السودانيين على موعد مع خسارة الانتقال الديمقراطي الذي يسعون إليه".
بينما يرى عضو مبادرة جامعة الخرطوم وعضو القوى المدنية منتصر الطيب، في حديث لـ"الترا سودان" أن عدم وجود إرادة سياسية لإصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة تأهيلها أدى إلى استمرار عقلية الحرب والعنف التي استمرت (30) عامًا.
ويضيف الطيب: "المؤسسة العسكرية تحتاج إلى تدخل المؤسسات الاجتماعية والنفسية وجميع الأطراف المدنية التي لديها مصلحة في التحول الديمقراطي لإنهاء الانتهاكات وإعادة تعريف دور هذه القوات وهذا ما يسمى بالعلاج الجماعي".
وأردف الطيب: "نحن في مبادرة جامعة الخرطوم قمنا بدعوة مسؤولين عسكريين وأمنيين في ورشتين لإصلاح القطاع الأمني، وجلسوا معنا بكل ود لكن حاليًا المجتمع المدني لا يبذل أي مجهود لإصلاح القطاع العسكري والأمني، والوثيقة تحدث عن ترك الإصلاح للمكون العسكري، لكن هذا لا يعني تركها تصلح نفسها بنفسها، يجب أن يتدخل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لأن وزيري الدفاع والداخلية عضوين في مجلس الوزراء، وأي عرقلة للإصلاحات يجب أن تتم تذليلها بواسطة الوزيرين لأنهما حلقة وصل".
ويوضح منتصر الطيب وهو أحد المرشحين لمنصب رئيس الوزراء عقب الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في آب/أغسطس 2019، يوضح أن الجهة المناط بها التدخل المباشر لإصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية هي الحكومة المدنية.
اقرأ/ي أيضًا: المؤتمر السوداني يطالب بتحقيق العدالة في مقتل نوري
وتابع: "من الأخبار السيئة جدًا والتي تتنافى مع الثورة أن يُقتل أحد المدنيين في مركز احتجاز عسكري ويتم اقتياده بواسطة سيارة بلا لوحات وبالقوة الجبرية هذا غير مقبول".
وانتقد منتصر الطيب غياب الإرادة السياسية لدى المدنيين مشيرًا إلى أن الزعم بأن الإصلاح يتم مع مرور الوقت غير منطقي، لأن عملية مهمة وأكثر أهمية لبناء الدولة تحرسها القوات العسكرية، ويجب أن تبدأ فورًا بتشكيل مفوضية إصلاح هذه الأجهزة ومنحها صلاحيات قوية.
منتصر الطيب: ثلاثة مراكز للسلطة الانتقالية لم تحقق شيئًا حل محلها مجلس الشركاء
وقال منتصر الطيب إن ثلاثة مراكز للسلطة الانتقالية حاولت الإسراع في إنقاذ الوضع الشهور الماضية وهي قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري والحكومة المدنية، لكن محاولاتها لم تسفر عن شيء وحاليًا يحاول مجلس الشركاء أن يمارس نفس الإجراءات لكن بلا نتائج حقيقية.
اقرأ/ي أيضًا
بالوثائق.. تورط قيادات بالكهرباء في إجراء معاينات مخالفة للقانون