03-يناير-2023
رجل يعد بعض النقود الورقية

صورة رمزية (Getty)

افتتح السودانيون العام الجديد بزيادات جديدة في رسوم استصدار جوازات السفر وترخيص المركبات ورسوم دخول المطار في خطوة قد تؤدي إلى تأزيم الوضع الاقتصادي بحسب خبراء.

خبير: الخيارات محدودة أمام المالية في ظل استمرار المؤشرات السيئة للاقتصاد من العام الماضي

هذه المرة يبدو أن الحكومة اتجهت إلى قطاع الخدمات، وفرضت عليها ضرائب جديدة برفع رسوم جواز السفر إلى (51) ألف جنيه للجواز العادي و(26) ألف جنيه لاستخراج جواز سفر الأطفال، فيما بلغ الجواز التجاري (250) ألف جنيه.

كان متوقعًا لجوء وزارة المالية إلى زيادة رسوم المعاملات عقب كوابح اعترضت طريقها حينما أقدمت على زيادة الضرائب على قطاع التجار في الربع الأخير العام الماضي. وأغلقت (16) ولاية سودانية أسواقها بإضراب التجار بسبب زيادة الضرائب.

كما أنّ زيادة أسعار الوقود وطحين القمح لم تُعد "خيارًا منطقيًا" بالنسبة لوزارة المالية، لأن الوقود جرى تحريره منذ عام، ووضع زيادة على الدقيق قد تؤدي إلى تدهور الوضع المعيشي، وهذه السلع خرجت من قائمة الدعم الحكومي.

https://t.me/ultrasudan

وبالتزامن مع هذه الزيادات، قال وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم في تعميم صحفي أمس الاثنين إن وزارة المالية ستوفر آلاف الوظائف للشبان والفتيات إلى جانب الدعم الاجتماعي للفقراء.

حاول وزير المالية بهذا التصريح امتصاص السخط الشعبي على الزيادات التي جاءت كبيرة وشملت زيادة قيمة تذكرة دخول المطار من (500) جنيه في الساعة إلى ألف جنيه ورفع الغرامة حال إضاعة التذكرة إلى (30) ألف جنيه بدلًا عن ثلاثة آلاف جنيه.

وهناك أنباء غير مؤكدة عن فرض زيادة على رسوم المغادرة في المطار تقتصر على الأجانب فقط، لكن متعاملين في المطار استبعدوا هذا القرار، بينما ذكر متعاملون في مجمعات خدمات الجمهور بالعاصمة الخرطوم لـ"الترا سودان" أن الإجراءات الداخلية المتعلقة بالأجانب ارتفعت إلى (150) دولارًا أمريكيًا في العام.

وتسعى المالية -بحسب بيان صادر عن مفوضية حقوق الإنسان- إلى تغطية العجز في الموازنة من خلال هذه الزيادات التي أثارت استياء الرأي العام المحلي، خاصةً وأنها تتزامن مع وضع معيشي قاسٍ للغاية.

وأجاز السودان موازنته السنوية للعام 2022 في حدود سبعة مليارات دولار، بعجز بلغ (800) مليون دولار، فيما أودعت وزارة المالية موازنة 2023 منضدة مجلس الوزراء المكلف نهاية الأسبوع الماضي متخطيةً العام الجديد بساعات.

وواجهت الحكومة إضرابات عمالية متعددة نهاية العام الماضي جراء تدني الأجور مقارنةً مع الوضع المعيشي. واضطرت تحت وطأة الإضرابات إلى الاستجابة لبعض القطاعات مثل الكهرباء وأساتذة الجامعات، بينما يستمر إضراب المعلمين في المدارس الحكومية ودخل مرحلة حاسمة بالتحول إلى الإغلاق الكلي بعد أن كان جزئيًا.

ويعتقد الخبير الاقتصادي وائل فهمي أن المؤشرات التي سادت في موازنة العام الماضي ما تزال مستمرة في العام 2023، وعليه لا يمكن توقع الأفضل أو التشاؤم بل علينا بالمعطيات والحقائق – وفقًا لتعبيره.

ويقول فهمي في حديث لـ"الترا سودان" إن الموازنة الجديدة لم تجاز وغير معروف حجم العجز فيها، ويلفت إلى أن الزيادات التي طبقت في بعض الخدمات الحكومية تأتي بالتأكيد لتغطية العجز مع الوضع في الاعتبار عدم وجود "موارد صلبة" في هذا العام لتغطية الموازنة بسبب إضراب التجار.

ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي حسن عبدالرحيم في حديث لـ"الترا سودان" إن عجز الموازنة في العام الماضي كان في حدود (800) مليون دولار وذلك قبل مواجهة موجات الإضرابات بسبب الأجور، وعقب الاستجابة لبعض القطاعات العمالية من الواضح أن العجز سيترفع لتغطية بند الفصل الأول من الموازنة (الأجور) – على حد قوله. وتابع: "إما أن تلجأ الحكومة إلى طباعة النقود وهذا يؤدي إلى اهتزاز سعر الصرف مجددًا أو زيادة الضرائب على الخدمات وهذا ما حدث أو الحصول على تمويل دولي وهذا غير متاح حاليًا بسبب الوضع السياسي".

وينصح عبدالرحيم الحكومة باللجوء إلى "خطة إسعافية" لإنعاش الشركات الحكومية والدخول في قطاع تعدين الذهب، قائلًا إن الذهب قد يتمكن من سد العجز في الموازنة وخلق بنود تنموية.

ويحذر خبراء اقتصاديون من خلو موازنة العام الجديد من بنود التنمية، فبينما سجلت موازنة 2021 نحو (14%) للإنفاق على التنمية جاءت موازنة العام الماضي شبه خالية من الصرف على التنمية.

ينصح خبير اقتصادي الحكومة باللجوء إلى "خطة إسعافية" لإنعاش الشركات الحكومية والدخول في قطاع الذهب

ويرى الخبير الاقتصادي وائل فهمي أن "موازنة الإيرادات الضريبية" في العادة تعد "كسولة" في مجال الاقتصاد لأن المسؤول الحكومي منوط به خلق البدائل الاقتصادية والبحث عن مصادر إيرادية حقيقية مثل رفع نسبة إنتاج النفط ودعم العمليات الزراعية بصورة هيكلية. وأضاف: "صانع القرار يعتقد أن الشخص الذي يطلب استخراج جواز السفر ويرتاد المطارات لديه قدرات مالية ولا يكترث لفرض ضرائب على هذه الخدمات، لكن هذه الحلول سريعة الذوبان".