يشهد المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة انقسامات وخلافات داخلية حادة، وُصفت بـ"المُهددة لمستقبله" في الساحة السياسية. وتأتي الانقسامات عقب قيادته لحراك قَبَلي ضخم، يعد الأول من نوعه، بدوافع مناهضة مسار الشرق باتفاقية جوبا للسلام وقضايا أخرى تخص الشرق، مهددةً بفصل الإقليم عن بقية السودان.
أبو آمنة: أزمة المجلس مفتعلة وجهات سيادية تسعى إلى تفتيت المجلس منذ نشوئه
ورفض الأمين السياسي للمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة سيد علي أبو آمنة التصريحات التي صدرت بخصوص حل المجلس وتجميد هياكله، ووصفها بـ"الأزمة المفتعلة ذات الأجندة". واتهم أبو آمنة "جهات سيادية ومركزية" بالسعي إلى تفتيت المجلس منذ نشوئه وزراعة الشقاق والخلافات بين قياداته.
قرار التجميد
وكان رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين تـِرِك قد اتخذ قرارًا بتجمد المجلس وحله، مشيرًا إلى صدور قرارات من شخصيات "محسوبة على نظارات البجا" من دون علم قيادة المجلس وتسببها في العديد من المشاكل، متوعدًا بمواجهة أيّ تحركات سياسية أو ندوات من قبلهم بالقانون.
وأفاد تِرِك في تصريحات صحفية بأن قرارات تجميد عمل المجلس وقياداته جاءت "من أجل الحفاظ على أمن السودان وأرواح الشباب"، وقطع بتجميد كل قطاعات المجلس بما فيها مهام الرئيس، منوّهًا بأنه يتحدث بصفته رئيسًا للجنة التحضيرية للمؤتمر العام لنظارات البجا والعموديات المستقلة. وطالب ترك حكومات ولايات الشرق بعدم اعتماد أيّ خطاب يصدر من المجلس الأعلى لنظارات البجا.
اجتماع بلا رئيس
وقال أبو آمنة في تصريح لـ"الترا سودان" إنه "لا توجد قوة قادرة على تجميد المجلس، لارتكازه على إرادة شعب تبلورت في مؤتمر سنكات وفوّضت المجلس للمطالبة بقضايا الإقليم".
ولفت أبو آمنة إلى قرارت "مهمة" أصدرها اجتماعٌ للمجلس، منها –بحسب أبو آمنة- تكوين هيئة إدارية عليا لقيادة المجلس إلى حين انعقاد المؤتمر العام وعدم الاعتراف بالقرار "الفردي" بتجميد المجلس. وأضاف أبو آمنة أن الاجتماع قرّر أيضًا عدم الاعتراف بلجنة نائب رئيس مجلس السيادة وعدم التعامل معها وعدّها "غير محايدة ومنحازة وفاشلة في أداء مهمتها في حل مشكلة الشرق". وتابع: "فاقمت اللجنة الأزمة بمحاولة كسب الوقت وتمديد الفترة وعدم تنفيذ شروط (القلد)، مشيرًا إلى أن هذا "التماطل" ربما شكل أساسًا لتمكين جهات محددة من تفتيت المجلس في هذه الفترة.
ووجّه المجلس -الرافض للتجميد- جميع قياداته وشبابه إلى التعبئة الجماهيرية في الفترة القادمة استعدادًا لما أسماه "التصعيد الأكبر" تحت شعار "الاستعداد الكامل للتصعيد الشامل"، موضحًا عدم انشغاله بما وصفها بـ"مؤامرات المركز"، مُعلنًا تركيزه على قرارات المجلس المتخذة في مؤتمر سنكات، ومشددًا على أهمية أن تقر الحكومة منبرًا تفاوضيًا لشرق السودان للتفاوض حول قضاياه أو أن يلجأ الإقليم إلى "حق تقرير المصير".
لمن يميل ميزان القوى؟
ويقول الناشط السياسي خالد محمد نور إن "اجتماع بورتسودان ضمّ سياسيين لا علاقة لهم بالإدارات الأهلية"، مشيرًا إلى أنّ سيد علي أبو آمنة وعبدالله أوبشار ومن معهم جميعهم سياسيون لا ينتمون إلى الإدارات الأهلية - حسب قوله.
ومضى نور قائلًا في تصريح لـ"الترا سودان" إن جميع العُمَد والإدارات الأهلية شاركت في اجتماع تِرِك بأركويت وأن ميزان القوى يميل لصالح ترك، معللًا بأن أبو آمنة وأوبشار ليس معهم قائدٌ أهلي رغم تخطيطهم لاستقطاب عمدة الأمرأر حامد أبو زينب لمعادلة الكفة، مضيفًا بأن الأخير "بعيد من المشهد الآن ولم يظهر مع أيٍّ منهما".
ووصف نور مستقبل المجلس بـ"الصعب"، قائلًا إنه ستدور خلافات حول "ملكية المجلس"، ومشيرًا إلى وجود محاولات للصلح، ولكن من المستحيل أن تعود بفائدة –برأي نور- لأنها "تشبه جميع تجارب شرق السودان السابقة". وزاد: اختلاف المجلس يكمن في ضمه لإدارات أهلية، ولكنها تشبه تجربة مؤتمر البجا الذي دخل اتفاقية السلام كجسم واحد وخرج منها بأجسام متعددة منها جبهة الشرق وحزب الشرق الديمقراطي ومؤتمر البجا الذي انقسم بدوره إلى سبعة تنظيمات وهو المتوقع حدوثة - وفقًا لنور.
وقال نور: "قد تدل قرارات ترك على الاعتماد عليه في دور سياسي قادم باعتبار الدور الذي لعبه خلال حراكه السابق ومدى التأثير الذي خلفه على الوضع السياسي"، منوّهًا بأن المهم هو انعكاس الدور السياسي المنتظر على شرق السودان والبحر الأحمر. وجميع العمليات السياسية التي يقودها ترك، سواء رفض المسار أو غيره، تتسبب –بحسب نور- في تصدي جهات أخرى للقضية "على أساس قبلي"، لافتًا إلى أن الخطوة التي اتخذها المجلس إلى الوراء عن العمل السياسي المباشر ستساعد على مرور التسوية بسلام – على حد تعبيره.
خالد محمد نور: قرارت تِرِك ربما تدلّ على الاعتماد عليه في دور سياسي قادم
وبرز المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة إلى السطح بعد قيادته حراكًا مناهضًا لتعيين والي ولاية كسلا الأسبق صالح عمار في العام 2020، كما ناهض مسار الشرق باتفاقية جوبا للسلام وقاد ضده تصعيدًا بإغلاق الطريق القومي الرابط بين بورتسودان والخرطوم وأغلق ميناء بورتسودان، ما كبد اقتصاد البلاد خسائر فادحة تجاوزت (83) مليون دولار.