لم تسلب الضغوط الاقتصادية اهتمام السودانيين بالمونديال الذي انطلق في قطر منذ 20 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. ويفضّل غالبية السودانيين ارتياد المقاهي وأندية المشاهدة الشعبية في الأحياء والأسواق لمتابعة مباريات "مونديال قطر".
أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي موقعًا خصبًا للنقاشات بين عشاق كأس العالم
بالإضافة إلى المشاهدة الجماعية في الأحياء والأسواق فإن الشبكات الاجتماعية أصبحت هي الأخرى "موقعًا خصبًا" للنقاشات بشأن المباريات والفعاليات المصاحبة لها في مدن قطر.
ولا يخفي السودانيون إعجابهم بالتطور المذهل في تنظيم "كأس العالم 2022 - قطر" خاصةً الملاعب المشيدة على طراز رفيع من الفن المعماري المستوحى من الثقافة المحلية.
في ساحة مفتوحة على مدى كيلومترات قليلة يجلس المئات أمام شاشة عملاقة وهم يشاهدون مباريات كأس العالم بصورة راتبة في حي أركويت شرقي العاصمة السودانية الخرطوم.
السائد هو أن تسمح الأندية بالدخول عبر التذاكر، لكن يتبع هنا نظام آخر وهو أفضل بالنسبة إلى مرتادي المكان، مثل طلب "الشيشة" والقهوة والمشروبات مقابل قضاء ممتع أثناء المباريات التي تبثها القنوات يوميًا.
يسرق عماد (33 عامًا) أكثر من أربع ساعات من يومه المنقسم بين العمل والمنزل لمشاهدة مباريات المونديال "الأكثر إثارة" -حسب ما يقول- بسبب المفاجآت و"تحطم الأساطير الكورية" والاعتماد على مهارات شبان في مقتبل العمر لم يصلوا إلى عتبة العشرين عامًا.
كان المشهد الطبيعي صباحًا أن تكون أبواب أندية المشاهدة والمقاهي مغلقة، لكن منذ انطلاق كأس العالم صارت تبدأ يومها منذ العاشرة صباحًا بتوقيت السودان. ويلاحظ بوضوح كيف أن "مزاج كأس العالم يسيطر على الرأي العام حتى المباراة النهائية".
ويقول حسين (44 عامًا) وهو سائق "ركشة" (عربة نقل شعبية صغيرة) لـ"الترا سودان": "كشخص قادم من الريف إلى المدينة قد لا أكترث لمشاهدة كرة القدم على التلفاز، لكن بالنسبة لكأس العالم فالأمر مختلف". "لا يمكنني تفويت مشاهدة مباريات الفترة المسائية" - يؤكد حسين.
ويُنهي حسين حديثه ضاحكًا وهو يقول إن "هذا المقهى هو الموقع الذي أتنفس فيه عندما أشاهد المباريات أشعر بالخروج عن الروتين اليومي لأنني أريد شيئًا مختلفا وأيضًا لأن واقعنا شديد المرارة".
غالبًا ما يتوجه موظفو القطاعين الخاص والعام إلى المقاهي وأندية المشاهدة عقب انتهاء ساعات العمل في الثالثة عصرًا بتوقيت السودان، لا سيما في العاصمة السودانية. لا يمكن طبعًا مجرد التفكير في الاستغناء عن مشاهدة مباريات مونديال قطر.
يجري السودانيون المحبون لكرة القدم العالمية تغييرات على الخطط اليومية حتى لا تفسد متعة مشاهدة المباريات، فبينما كان ماهر يعتزم السفر إلى خارج الخرطوم لقضاء أمر اجتماعي قرر التأجيل إلى ما بعد مباريات كأس العالم.
فيما تضع بعض أندية المشاهدة التي تفضل استثمار هذه الفعاليات لوحات إعلانية على الأبواب تحدد توقيت المباريات وأسماء المنتخبات لتعريف القادمين بالجداول اليومية وجذب أكبر قدر من الرواد إلى المقاهي وهذه الأمكنة التي أصبحت متنفسًا للعديد من المواطنين وهم يتعرضون لضغوط اقتصادية هائلة.
قال عبدالرحمن وهو عامل في محل تجاري جنوبي الخرطوم لـ"الترا سودان": "أخشى أن ينتهي كأس العالم ونشعر بالضجر". "لقد اعتدت أن أذهب إلى المقهى لمشاهدة المباريات بشغف" –أضاف عبدالرحمن– "إذا انتهى المونديال ماذا سنفعل؟ أسأل نفسي كثيرًا".
إذا ما فكر أحدهم الاشتراك في القنوات الفضائية فإنه قد يدفع (100) ألف جنيه أي ما يعادل (180) دولارًا أمريكيًا
وإذا ما فكر أحدهم الاشتراك في القنوات الفضائية فإنه قد يدفع (100) ألف جنيه أي ما يعادل (180) دولارًا أمريكيًا في بلد يعيش نصف السكان على أقل من دولارين يوميًا وتحطمت فيه آمال الطبقة الوسطى.