عاد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين من العاصمة السودانية الخرطوم مساء الخميس حاملًا تعهدات من رئيس مجلس السيادة الانتقالية عبدالفتاح البرهان بالمضي قدمًا في عملية التطبيع بين البلدين.
حزب المؤتمر السوداني: زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي زادت الشكوك حول العملية السياسية الجارية في السودان
ربما كان مفاجئًا توقيت زيارة كوهين إلى الخرطوم، لكن لم يكن مفاجئًا على ما يبدو زيارته إلى السودان، خاصةً وأن البرهان التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في شباط/فبراير 2020 في أوغندا، ذلك اللقاء الذي مثل أولى عتبات الاختبار بين البلدين للانتقال إلى علاقة دبلوماسية تواجه معارضة داخلية من قوى مدنية.
وقال مجلس السيادة الانتقالي في السودان إن البرهان التقى الخميس في مكتبه إيلي كوهين والوفد المرافق له. ونقلت وكالة الأنباء السودانية (سونا) أن اللقاء تطرق إلى سبل "إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل وتعزيز آفاق التعاون المشترك بين الخرطوم وتل أبيب في عدة مجالات لا سيما الأمنية والعسكرية".
ويقول القيادي في حزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح في حديث لـ"الترا سودان" إن هذه الخطوة تأتي لتزيد الشكوك حول العملية السياسية الجارية الآن. وأضاف أن البرهان يريد أن "يمضي بعيدًا"، لافتًا إلى أن الخطوة "رسالة سالبة في بريد العملية السياسية".
وتابع نور الدين: "الاتفاق الإطاري ينص على إبعاد المؤسسة العسكرية عن المسائل المتعلقة بالعلاقات الخارجية وأن تنصرف إلى دورها فقط".
وقال نور الدين إن المؤتمر السوداني يدعم موقفه الخاص بتعريف العلاقات الخارجية بما يحقق مصالح البلاد مع الوضع في الاعتبار مقررات الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية ومع ضرورة اتخاذ هذه الإجراءات تحت ظل الحكم المدني والمؤسسة التشريعية - وفقًا لحديثه.
ويعتقد القيادي في المؤتمر السوداني أن البرهان زاد الشكوك باستقباله لوزير الخارجية الإسرائيلي حول العملية السياسية. وقال إن هذا المسار لا يخص رئيس مجلس السيادة وأنه يريد إرسال رسالة بأنه باقٍ في المشهد السياسي وأنه يتحكم في الأمور.
في المقابل، يقول الناشط السياسي محمد الفاتح الحكم في حديث لـ"الترا سودان" إن العسكر يريد أن يعود إلى "حضن المجتمع الدولي" بأي ثمن حتى ولو كان على حساب التطبيع مع إسرائيل ضاربًا باعتراض الشعب السوداني على هذه الخطوة.
حكم يرى أن البرهان في إطار توطيد سلطته بعد انقلاب تشرين الأول/أكتوبر 2021 ليجد المساندة المالية من المجتمع الدولي إزاء هذه الخطوة التي ترضي الولايات المتحدة وإسرائيل - بحسب حكم.
ويرى حكم أن ما أقدم عليه البرهان لن يحقق شيئًا للسودان لأن التطبيع "مرفوضٌ وسط الرأي العام" – على حد قوله.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي في تصريح عقب عودته من العاصمة الخرطوم مساء الخميس إن تل أبيب والخرطوم تقتربان من التطبيع عبر توقيع السودان على "اتفاقيات أبراهام" التي تضم نحو سبع دول إسلامية، لكن كوهين قال إن الاتفاق سيكون في ظل حكومة سودانية مدنية.
"هذا التصريح يضع الحكومة المدنية في موقف صعب في ظل رفض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التطبيع بين السودان وإسرائيل" - يقول الباحث السياسي مصعب عبدالله لـ"الترا سودان". ويضيف أن إسرائيل تشعر بالحماس لرغبة السودان توقيع ما يعرف بـ"اتفاق أبراهام". "من الواضح أن هناك وساطة خليجية حدثت خلال اليومين الماضيين لتفعيل اللقاء بين البرهان وكوهين الذي تباهى بتحويل خرطوم اللاءات الثلاثة إلى (نعم ثلاث مرات)" – زاد عبدالله.
ويرى مراقبون أن زيارة كوهين إلى الخرطوم استباق للاتفاق النهائي الذي يمهد لتكوين حكومة مدنية في السودان. وفي هذا الصدد يقول المحلل في منظمات المجتمع المدني محمود ناجي في حديث لـ"الترا سودان" إن زيارة كوهين "صفقة جديدة بين الحكومة المدنية المقبلة المدعومة من الولايات المتحدة مع إسرائيل".
رجح باحث سياسي أن تؤدي زيارة كوهين إلى الخرطوم إلى أزمة داخل تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)
ورجح الباحث السياسي مصعب عبدلله أن تؤدي زيارة كوهين إلى الخرطوم إلى أزمة داخل تحالف قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، لافتًا إلى أنه يضم "أطراف سياسية غير مرحبة بالتطبيع مع إسرائيل مثل حزب الأمة وهو حزب رئيسي في التحالف" – وفقًا للباحث.
ويعتقد عبدالله أن حزب الأمة قد يكون في "موقف محرج" بعد مرور ساعات دون إصدار بيان للتعليق على زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إلى الخرطوم.