في وقت يأمل السودانيون، أن يكون دور بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان المعروفة اختصارًا بـ"يونيتامس"، مؤثرًا في "الحوار السوداني- السوداني"، يقول محللون دبلوماسيون، إن البعثة تعتمد على الإصلاحات المتدرجة، ما يضع على عاتق المدنيين قبول هذا الخيار، أو رفع التصعيد في الشارع، للضغط على العسكريين، وتحقيق الحكم المدني في هذا البلد الذي يواجه ظاهرة تعدد الجيوش.
والجمعة جدد مجلس الأمن الدولي تفويض البعثة وفق ما أعلن المتحدث باسم يونيتامس، فادي القاضي، حيث مدد مجلس الأمن الدولي تفويض البعثة لعام آخر حتى حزيران/ يونيو 2023.
عادل الحسن: الإصلاحات المتدرجة واحدة من أدوات المجتمع الدولي لاستعادة الحكم المدني
جاء ذلك في تغريدة لمتحدث البعثة، على منصة توتير، في وقت كان السودان، يأمل تقليص مهام البعثة الأممية، مع تزايد الضغوط الحكومية على البعثة عقب إعلان رئيسها فولكر بيرتس، مبادرة لحل الأزمة بين العسكريين والمدنيين، منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي.
ضغوط وصلت حد إرسال وكيل وزارة الخارجية نادر الطيب إلى نيويورك في نيسان/أبريل الماضي، حيث عقد مباحثات مع مسؤولين في مجلس الأمن، إلى جانب ممثلي الدول الكبرى.
مهمة الدبلوماسي السوداني نادر الطيب، كانت تتركز على تغيير مهام البعثة، إلى التنمية والدعم الفني، واستقطاب أموال للبلاد التي تواجه أزمة اقتصادية طاحنة، في أعقاب تعليق مؤسسات دولية للمساعدات المالية والقروض، احتجاجًا على الانقلاب العسكري في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وكان وزير الخارجية السوداني المكلف، علي الصادق، أعلن في مؤتمر صحفي منتصف أيار/مايو الماضي أن السودان لا ينوي طرد البعثة، مضيفًا أن البعثة يجب أن تركز على الجوانب الفنية والتنموية، واستقطاب الدعم المالي للبلاد.
ويقول المحلل الدبلوماسي عادل الحسن في حديث لـ"الترا سودان"، إن بعثة يونيتامس متهمة في نظر الحكومة بالانحياز إلى خيارات المدنيين، وهذا أمر طبيعي لأن مهام بعثات الأمم المتحدة حول العالم دعم الانتقال وتشجيع البلدان على تبني الخيار الديمقراطي.
وأشار الحسن إلى أن البعثة تتعرض إلى ضغوط هائلة، على خلفية حوار الآلية الثلاثية، التي تعد البعثة الأممية أحد أطرافها مع ممثلي الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الإيغاد.
ويرى المحلل الدبلوماسي، أن الخلافات التي تدور داخل الآلية الثلاثية، لا يمكن الاستهانة بها لأنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى حوار لن يجد استجابة من "القوى المدنية المؤثرة ومنظمات المجتمع المدني".
وكان المئات من أنصار "التيار الإسلامي العريض"، تظاهروا قرب مقر البعثة الأربعاء الماضي، وهتفوا بمغادرتها حفاظًا على السيادة الوطنية، وفي ذات الوقت كان رئيس البعثة فولكر بيرتس يعقد اجتماعًا مع العسكريين، لإجراء المشاورات بشأن الحوار.
من جهته يقول عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير معتز صالح، إن الاحتجاجات ضد البعثة تأتي من جهات لديها مصلحة في بقاء الأوضاع كما هي، خاصة عناصر النظام البائد.
ويتهم صالح في حديث لـ"الترا سودان"، بعض الأطراف في السلطة بدعم الاحتجاجات ضد البعثة، موضحًا أن الأمم المتحدة معنية بالتحول الديمقراطي وحقوق الإنسان، ولا يمكن اتهامها بالانحياز إلى خيار المدنيين.
وتهتز ثقة المدنيين في حوار الآلية الثلاثية، نتيجة الغموض الذي يكتنف العملية التي ستبدأ الأربعاء المقبل، عن شكل وأجندة وأطراف العملية السياسية، التي قد تنهي الأوضاع المعقدة، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.
عادل الحسن: تأثير البعثة في "حوار الآلية"، تقلص نتيجة تدخل ممثلي الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الإيغاد
بينما يرى عادل الحسن المحلل الدبلوماسي، أن تأثير البعثة في "حوار الآلية"، تقلص نتيجة تدخل ممثلي الاتحاد الأفريقي، ومنظمة الإيغاد، لافتًا إلى أن المدنيين بقدر ثقتهم في نظرة فولكر بيرتس للأمور فإنهم غير واثقين أيضًا من تحلي بيرتس بالشجاعة اللازمة، لتحقيق تطلعات السودانيين في التحول الديمقراطي واستعادة الانتقال.
وأضاف: "طبيعة بعثات الأمم المتحدة غير راديكالية، وتتعامل مع السلطة القائمة في أي بلد تعمل فيه بقدر من الدبلوماسية والحوار الهادئ، لذلك إما أن يقتنع السودانيون بالإصلاحات المتدرجة، ووضع الثقة في البعثة، أو رفض هذا الخيار واللجوء إلى خيارات الضغوط ضد العسكريين، بتصعيد حركة الشارع".