الترا سودان – فريق التحرير
جدل كثيف، دار في الأوساط السودانية، عقب إجازة مجلس الوزراء السوداني، مشروع قانون "تفكيك" نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، الخطوة التي عدها أنصار الثورة السودانية مفتتحًا مهمًا لإزالة التمكين بمؤسسات الدولة السودانية، ووصفوها بأنها أتت لإنهاء معاناة البلاد التي دامت طوال ثلاثة عقود من السيطرة الواسعة والقبضة الحديدية للنظام البائد وأنصاره والمرضي عنهم من قبل قيادات نظام البشير.
مشاريع القوانين التي أعلن عنها تضمنت مشروعًا بإلغاء أحد أكثر القوانين إثارة للجدل في السنوات الماضية، وهو قانون النظام العام والآداب العامة
ومشاريع القوانين التي أعلن عنها، الثلاثاء، وزير الثقافة والإعلام، المتحدث باسم الحكومة، فيصل محمد صالح، في تصريحات إعلامية، وأودعها منضدة مجلس الوزراء، وزير العدل نصر الدين عبد البارئ، تضمنت مشروعًا بإلغاء أحد أكثر القوانين إثارة للجدل في السنوات الماضية، وهو قانون النظام العام والآداب العامة، والذي سعى مناصري حقوق الانسان، والناشطين ضد اضطهاد المرأة، لإلغائه منذ سنوات طويلة، وحتى وقت قريب قبيل سقوط حكم الرئيس المخلوع.
اقرأ/ي أيضًا: الصحفيات والإعلاميات في السودان.. أوضاع متردية وجهود لتحقيق بيئة آمنة
وقانون النظام العام، الذي صدر في 1996، ويضبط في (25) مادة، القواعد المتعلقة بالسلوك العام في المناسبات والأسواق وغيره، اعتبرته منظمات حقوقية دولية ومحلية، مدخلًا أساسيا لانتهاك الخصوصيات والحرمات، واضطهاد المرأة، بفتحه الباب للمحققين والعناصر الأمنية، لاستخدام سلطاتهم التقديرية ضد "ضحايا القانون".
وقال التحالف الحاكم في السودان "قوى الحرية والتغيير" إن إلغاء قانون النظام العام، جزءً أساسيًا من التهيئة القانونية لدولة سيادة حكم القانون، بجانب مشروع قانون مفوضية إعادة بناء المنظومة القانونية والعدلية لسنة 2019، والذي يهدف إلى إعادة بناء الأجهزة العدلية وتهيئتها للانتقال للمرحلة الجديدة من بناء الدولة المدنية الديمقراطية.
وقال وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، أن مجلس الوزراء ناقش مشروعات القوانين الثلاثة – مشروع قانون إلغاء النظام العام، ومشروع قانون مفوضية إعادة بناء المنظومة القانونية والعدلية لسنة 2019، ومشروع قانون تفكيك نظام 30 حزيران/يونيو 1989 وإزالة التمكين- تمهيدًا لرفعها للاجتماع المشترك للمجلس السيادي الانتقالي والوزراء، باعتبار أن اجتماع المجلسين يقوم مقام المجلس التشريعي الذي يجيز القوانين، بحسب الوثيقة الدستورية.
وتوقع صالح أن ينعقد الاجتماع المشترك خلال اليومين المقبلين لإجازة هذه القوانين.
اقرأ/ي أيضًا: مناقشة قانون النقابات.. نحو تأمين الديمقراطية ومواجهة الانقلابات
واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالجدل عقب إعلان صالح اكتمال مشروعات القوانين الثلاثة، وحشد محسوبون على النظام البائد، أنفسهم، وأطلقوا تدوينات عديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، أتجه بعضها إلى وصم إلغاء قانون النظام العام بانطلاق موسم العري بالبلاد، مكنيين ذلك بـ"انطلاق موسم سيدي العريان" في إشارة إلى دعمهم الإبقاء على القانون، الذي وصفه ناشطون وحقوقيون بالمهين للكرامة الإنسانية، وأنه كان جائرًا في سلطاته التقديرية التي منحها للعناصر الأمنية، في تحديد "الزي الفاضح" من عدمه، وعقوباته التي يصفها حقوقيون بالمزلة. والتي كانت تجمع دائمًا بين عقوبتين وأكثر تتضمنان الجلد والغرامة والسجن، أو الثلاث عقوباتٍ معًا.
غير أن مجموعات عديدة، اعتبرته انتصارًا لقيم الثورة، مشيرين إلى أن القانون أعطى "سلطات تقديرية" للعناصر الأمنية لتحديد "الخطيئة". وأثارت قضية القاء القبض على صحفية شهيرة بتهمة ارتداء "بنطال" الرأي العام منذ سنوات وأعادت النقاش حول تطرفه. وقد انتقدت منظمات الحقوقية حادثة القبض على الصحفية آنذاك بشدة، وتفيد تقارير لمنظمات حقوقية وسجلات قضايا فتحت في نيابة النظام العام بأن بعض العناصر الأمنية كانت تستخدم القانون للتشفي من خصوم النظام السياسيين، وخصومهم الشخصيين، في ظل غياب آلية التقاضي الطبيعية، التي تحتم وجود محام دفاع عن المتهم، وهو ما لم يكن متاحًا وفق قانون النظام العام.
واستعاد عددًا من النشطاء ممن قاوموا القانون الملغي، ذكريات السنوات الأولى لفرض القانون حيث مان يتواجد عددًا من المقاتلين يتبعون للنظام البائد، يسمون بـ"المجاهدين"، يتجول بعضهم حاملًا العصي، يضرب الفتيات في أكبر الأسواق وسط العاصمة الخرطوم "السوق العربي" دون أن يردعه سوى استياء شعبي واسع آنذاك، ورفض "الكنداكات" وسخطهن، على شخص صنف نفسه الشرطي والقاضي والجلاد.
اقرأ/ي أيضًا:
"سياج" الثورة.. حوار من "الشارع" حول مصير لجان المقاومة
الصحفيات والإعلاميات في السودان.. أوضاع متردية وجهود لتحقيق بيئة آمنة