10-أكتوبر-2024

قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"

تُشير التحليلات إلى أن الخطابات التي ينشرها قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، كلما اتجهت نحو التصريحات الارتجالية متخليًا عن الخطابات الرسمية، تُظهر حقيقة ما يشعر به هذا الجنرال، ومقطع فيديو محمد حمدان دقلو بالأمس، الأربعاء 9 تشرين الأول/أكتوبر 2024، بعد (18) شهرًا من الحرب ضد الجيش، لم يكن مختلفًا كثيرًا عن ذلك.

باحث سياسي: أظهر الخطاب يأس دقلو من إنهاء الحرب بالحسم العسكري أو التفاوض من موقع القوة

مساء الأربعاء، نشر دقلو مقطع فيديو لخطابه عبر منصة "إكس". خلال (39) دقيقة في مقطع الفيديو، تحدث الجنرال أغلب الفترات بشكل ارتجالي، مفضلًا توجيه رسائل مباشرة، كما ذكر، إلى بعض الأطراف السياسية والعسكرية، من بينهم قادة في الحركة الإسلامية والجيش.

لماذا جاء خطاب محمد حمدان دقلو في هذا التوقيت؟

للإجابة، سنعود قليلًا إلى الوراء، وتحديدًا خلال عشرة أيام ماضية، أحرزت القوات المسلحة تقدمًا في ست مناطق حيوية تشمل الخرطوم وبحري ودارفور والجزيرة ومصفاة الجيلي وبابنوسة. إلى جانب ذلك، فإن قوات الدعم السريع تلقت صفعة قوية بالعقوبات الصادرة عن الخزانة الأميركية، الثلاثاء الماضي، بحق الشقيق الأصغر لدقلو، القوني حمدان، الرجل الأول في إدارة الأصول المالية والشركات التابعة للعائلة والدعم السريع، ومورد الأسلحة والمعدات اللوجستية، حيث يتنقل بين أوروبا والخليج.

يقول المحلل السياسي علاء الدين بشير إن مقطع فيديو محمد حمدان دقلو يشير إلى أنه: "مثل شخص صحا من غفوة مطولة، والحقائق أمامه على الأرض قد تغيرت".

فيما يتعلق بمنطقة الفشقة، سيما حول طلبه من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عدم الهجوم عليها مستغلًا انشغال الجيش السوداني بالحرب هناك، يهدد الجنرال بتغيير المعادلة على الأرض. حسب الباحث السياسي أحمد مختار، تراجعت أديس أبابا عن تعهداتها السابقة، خاصة وأن العلاقة بين حميدتي وآبي أحمد مقربة، وهذا يعني تشكيل تهديد على الجيش شرق السودان، وهو إقليم يضم مقر الحكومة المدعومة من القوات المسلحة بما في ذلك مجلس السيادة الانتقالي، يضيف مختار.

يرى مختار أن اتهام دقلو لمصر استغرق مقدمة الخطاب، وهو تعمد ذلك خاصة مع حالة التوتر بين القاهرة وأديس أبابا بسبب أزمة سد النهضة. مقطع الفيديو إجمالًا، في نظر المحلل السياسي أحمد مختار، يظهر الاستقطاب الدولي في حرب السودان، ما بين دول إلى جانب السودان ذكرها بالأسماء، ودول أخرى على قلتها تقف إلى جانب قوات الدعم السريع.

محلل سياسي: لأول مرة يتحدث دقلو بهذه الطريقة التي ظهر فيها يائسًا من حسم المعارك في الخرطوم وبحري وأم درمان والجزيرة

أما خطورة مقطع فيديو محمد حمدان دقلو، وفق مختار، تكمن في الحديث عن القصف الجوي لطيران الجيش للحواضن الاجتماعية لقوات الدعم السريع بتحريض من "مجرمين"، كما ذكر. ولأول مرة يتحدث حميدتي بهذه الطريقة التي ظهر فيها يائسًا من حسم المعارك في الخرطوم وبحري وأم درمان والجزيرة. ولاية الجزيرة عقب تطورات جبل موية في سنار، أصبحت قاب قوسين أو أدنى للذهاب إلى سيطرة الجيش، يضيف مختار.

فيما يقول الباحث السياسي مصعب عبد الله إن مقطع فيديو محمد حمدان دقلو وكأنه يجأر بالشكوى من الخسائر الميدانية والتحولات الإقليمية والدولية، خاصة مع الوعود التي تلقاها قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان من واشنطن خلال مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بوقف تدفق السلاح إلى قوات الدعم السريع.

ويرى عبد الله، في حديث لـ"الترا سودان"، أن حميدتي منع تصوير المعارك العسكرية وإطلاق الذخيرة أثناء الاحتفالات لأنه يستعد لمرحلة جديدة قد يجد نفسه بلا حليف دولي. جمع إعلان الحكومة السودانية المدعومة من الجيش أكثر من مرة بالحوار مع حلفاء إقليميين يساندون الدعم السريع، وكأنهم يقولون إن المصالح تتحقق عبر طريق واحد فقط.

باحث: تصريحات دقلو تعكس الأزمة تمامًا وتكشف عن نواياه بنقل الحرب إلى مناطق جديدة

ويوضح مصعب عبد الله أن دقلو، على الرغم من سلطته على قوات عسكرية، لكنه رجل بدوي بسيط يميل إلى التحدث بعفوية دون كلفة، بالتالي تصريحاته تعكس الأزمة تمامًا وتكشف عن نواياه بنقل الحرب إلى مناطق جديدة.

وأردف: "من الواضح أن اتهامه لمصر توطئة للانتقال إلى التحالف العلني مع إثيوبيا، خاصة مع سيطرته على أجزاء من سنار. قد يفكر في التوسع إلى ولاية القضارف، على الرغم من أنه لم يعد متحمسًا للتوسع إلى شمال وشرق البلاد، لكنه لا يستبعد فتح جبهة جديدة في الفشقة عن طريق إثيوبيا".

بينما يقول المحلل السياسي أحمد مختار إن حميدتي وصل إلى قناعة بخسارة الفاشر وأجزاء واسعة في الخرطوم ووسط البلاد، بالتالي قلت كروت التفاوض لديه، ولذلك يجهز لعمليات واسعة خلال الشهر القادم. هذه القوات الآن في مرحلة التحشيد وجمع المقاتلين.

وزاد قائلًا: "سيفعل حميدتي كل شيء حتى يحقق الانتصار في معارك كبيرة، وقد يقدم على خطوة انتحارية بالهجوم على شندي أو القضارف أو الفاشر، وفق مؤشرات خطابه المُرتجل".

يرى مختار أنه من الصعب جمع مليون جندي لأن التمويل المالي لم يعد كما كان في الشهور الأولى، خاصة مع التغييرات الإقليمية والدولية المرتقبة.

يُظهر خطاب حميدتي انسداد أبواب الحوار بين الجيش وقوات الدعم السريع على الأقل خلال الشهرين. وبشكل مفاجئ، تراجع عن دعمه للاتفاق الإطاري، حيث دافع عنه منذ اليوم الأول للقتال، منتصف نيسان/أبريل 2023، وكأنه يريد تقديم تنازلات تحقق بعض الأمل في طريق المحادثات. بالمقابل، على الضفة الأخرى، لا يمكن للجيش أن يذهب إلى التفاوض في الوقت الراهن مع تحسن وضعه الميداني وتحفزه للمزيد من التقدم الميداني. فهل ينتظر السودانيون شتاءً ساخنًا؟