تظاهر الآلاف ضد الانقلاب العسكري في العاصمة الخرطوم اليوم الاثنين، بينما أطلقت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع، كما تحركت مركبات أمنية في شوارع "الخرطوم 3" وهي تطلق الغاز على المحتجين.
يطالب المتظاهرون بإسقاط العسكريين، وعلى الرغم من أن هذا المطلب نظريًا يمكن تحقيقه؛ لكن تآكل المؤسسات يحول دون انتصار الثورة الشعبية
وتأتي هذه الاحتجاجات ضمن (14) شهرًا شهدت تظاهرات ضد الانقلاب الذي نفذه العسكريون في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، وأطاحوا بالشق المدني عن السلطة الانتقالية التي تشكلت بعد سقوط نظام عمر البشير في 2019.
وتجمع الآلاف في "تقاطع باشدار" في حي الديوم الشرقية جنوب الخرطوم، وتحركوا في الشارع الرئيسي المؤدي إلى شارع القصر، لكن في حي "الخرطوم 3" الواقع على بعد سبعة كيلومترات عن القصر الجمهوري، أطلقت القوات الأمنية الغاز لتفريق الموكب المركزي.
وردد المتظاهرون هتافات على شاكلة "لا لا للعسكر" إلى جانب هتافات تطالب بالقصاص لضحايا الانتهاكات، حيث قتل (122) متظاهرًا برصاص القوات الأمنية بحسب لجنة الأطباء المركزية.
وقال حسن (30 عامًا) لـ"الترا سودان"، والذي كان يقوم بتنظيم المتظاهرين إن "المليونيات المركزية" تأتي لخلخلة الانقلاب العسكري، وهذا يعد عملًا تراكميًا ولا يعرف المحتجون اليأس، لذلك على السودانيين أن لا يُظهروا اليأس من تطاول أمد التظاهرات.
وأضاف: "في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح … سندخل القصر عندما يكون الوقت مناسبًا لتحقيق الحكم المدني الكامل".
ومع استمرار التظاهرات منذ أكثر من عام، يشعر السودانيون بمخاوف عالية من الأزمة الاقتصادية والحوادث الأمنية المتزايدة في العاصمة والولايات.
وتحاول السلطات إخماد هذه الاحتجاجات منذ عام، لكن الإجراءات الأمنية والقمع المفرط لم يحول دون خروج الآلاف بشكل شبه يومي في العاصمة الخرطوم رفضًا للانقلاب.
وحينما أطاح العسكريون بالشق المدني عن السلطة العام الماضي، امتدت التظاهرات بسرعة في العاصمة والولايات. ومع اعتماد السلطات على خطط طويلة المدى لإخمادها، لكن تصاعدها يضع هذه الخطط أمام تحد كبير خاصة العام القادم مع اقتراب اتفاق نهائي بين الجيش وبعض القوى المدنية.
ونتيجة عدم تغطية محطات التلفزة المحلية الاحتجاجات ضد الانقلاب العسكري بشكل مستمر، عمد المتظاهرون إلى اللجوء لصحافة المواطن بنشر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"، والذي يعد الأكثر استخدامًا في هذا البلد الذي يتعرض فيه مستخدمو الإنترنت إلى قطع الخدمة حينما تتسع رقعة الاحتجاجات.
ويحصل السودانيون سيما داعمي هذه التظاهرات على أخبار الاحتجاجات من وسائل التواصل الاجتماعي بشكل رئيسي، وذلك من خلال حسابات نشطاء على فيسبوك تبث بشكل مباشر هذه الاحتجاجات إلى درجة رصد الإجراءات الأمنية. وفي هذا البلد المترامي الأطراف، يحاول مؤيدو الديمقراطية الاعتماد على أجيال نشأت في طبقات وسطى مهتمة بالتحول المدني، لكن مع تصاعد "الحركات الجهوية" فإن القتال في جبهات متعددة قد ينهك الثورة بحسب متابعي الحراك السلمي.
وقالت فادية -وهي فتاة مهتمة بالسلام والديمقراطية وتشارك في الاحتجاجات- لـ"الترا سودان"، إن الأجيال الناشئة والتي ترعرعت في بداية العام 2000 وحتى نهاية تسعينات القرن الماضي تحاول بناء "بلد جديد" بمقاومة "تحالفات عملاقة" بين العسكر وزعماء القبائل والحزب الحاكم سابقًا وحتى القوى التقليدية.
بينما يستخدم المتظاهرون تكتيكات جديدة أو يظهرون بتقليعات جديدة على مستوى المظهر، أو حتى المصطلحات الجديدة بالنسبة للأجيال السابقة "هذا مرفوض ويجب أن يقُاوم"، طبقًا لفادية.
لكن في نظر مهند الذي درس هندسة الإلكترونيات فإن "القوى القديمة" لا تشكل تهديدًا بقدر ما أن تآكل المؤسسات في الدولة هو الذي يحد من انتصار الثورة الشعبية في السودان.
"القوى القديمة" لا تشكل تهديدًا بقدر ما أن تآكل المؤسسات في الدولة هو الذي يحد من انتصار الثورة الشعبية
يضيف قائلًا: "يطالب المتظاهرون بإسقاط العسكريين. نعم نظريًا هذا ممكن لكن الدولة تقوم على عناصر غير داعمة للديمقراطية في الاقتصاد والأمن وحتى الأحزاب، لذلك تحقيق أهداف الثورة يحتاج إلى وقت طويل".