دخل رئيس مجلس الصحوة الثورى موسى هلال وأربعة من أبنائه و(17) آخرين من المحبوسين معه في إضراب مفتوح عن الطعام الثلاثاء 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، احتجاجًا على استمرار حبسهم الذي امتد لعامين.
موقع الظعينة: المعتقلين تجري لهم محاكمات سرية وعسكرية بتهم تقويض النظام الدستوري والحرب ضد الدولة وتكوين تنظيم سياسي معارض
وبحسب موقع الظعينة الالكتروني المقرب من موسى هلال فإن المعتقلين الذين تجري في حقهم محاكمات سرية وعسكرية في القضاء العسكري بتهم تتعلق بتقويض النظام الدستوري والحرب ضد الدولة وتكوين تنظيم سياسي معارض أعلنوا إضرابًا مفتوحًا عن الطعام إلى حين الإفراج عنهم.
اقرأ/ي أيضًا: حمدوك يستمع لتنوير اجتماع واشنطن.. وانطلاق مفاوضات سد النهضة في أديس الخميس
وتعود بداية قصة الزعيم القبلي موسى هلال مع المعتقلات إلى يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر من العام ٢٠١٧، حيث جرى اعتقاله وثلاثة من أبنائه هم حبيب وفتحي وعبد الباسط، إلى جانب شقيقه عمر هلال وعدد كبير من معاونيه بعد معركة ضارية جرت في اليوم السابق فى مقر إقامته بمنطقة مستريحة بمحلية كبكابية شمالي دارفور، بين قوات حرس الحدود التابعة له ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو حميدتي وانتهت بانتصار الأخير بعد مقتل عشرات من المواطنين وفرار مجموعة كبيرة من قوات حرس الحدود، واستسلام موسي هلال.
وكانت الخلافات تفجرت بين موسى هلال وابن عمه قائد قوات الدعم السريع حميدتي، بسبب رفض هلال الامتثال للقرارات الحكومية التي أعلنت عن حملة لجمع السلاح في كافة أنحاء السودان وعلى رأسها إقليم دارفور المضطرب، إضافة لرفض موسي هلال دمج قواته في قوات الدعم السريع التابعة ضمن قوات حميدتي منذ العام 2013.
وبعد القبض على هلال، اتهمه حميدتي، بالضلوع في "مؤامرة بأجندة خارجية"، لزعزعة الأمن والاستقرار في إقليم دارفور، وهي إحدى الفزاعات التي استخدمها النظام البائد لقمع الخصوم، وتمسك حميدتي بإبقاء الرجل خلف القضبان في ظروف سيئة إلى أن وقع التغيير الكبير بزوال نظام البشير، ولم يعد من مفر إلا تقديمه للمحاكمة. وهنا نشطت أسرة هلال مع مناصريه واتباعه في تنفيذ وقفات احتجاجية خلال الفترة الماضية أمام مبنى وزارة العدل والقيادة العامة للجيش، وأمام مقر تجمع المهنين في الخرطوم، تطالب فيها بإطلاق سراح المعتقلين أو تقديمهم إلى محاكمة مدنية، وتم تسليم وزير العدل ونصر الدين عبد الباري مذكرة تدعو للإفراج عن المعتقلين وإلغاء كل إجراءات تشكيل محاكماتهم، وفقًا للوثيقة الدستورية.
اقرأ/ي أيضًا: أوامر من النيابة بالقبض على منفذي انقلاب 1989
ومع تصاعد وتيرة الاحتجاجات والمطالبات بإطلاق سراح هلال ورفاقه وذيوع أخبار تفيد باتجاه السلطات لإخلاء سبيله اضطرت وزارة الداخلية السودانية منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى إصدار بيان قالت فيه أن رئيس مجلس الصحوة الثوري، زعيم عشيرة المحاميد في دارفور موسى هلال خاضع لمحاكمة عسكرية بعد تدوين بلاغات في مواجهته بينها التورط في قتل وجرح رجال شرطة.
وبحسب البيان الصادر عن المكتب الصحفي للشرطة فإن هلال "لم يتم إطلاق سراحه ولا يزال يمثل أمام المحكمة العسكرية المختصة". وقال البيان أن موسى هلال يتبع للقوات المسلحة ويواجه بلاغات بالرقم (620) تحت مجموعة مواد تتعلق بالقانون الجنائي جرى تدوينها بالقسم الأوسط في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تتعلق باستيلائه على (18) عربةً تتبع لقوات الشرطة وتدمير إحداها، بجانب اتهامه بقتل (15) فردًا وجرح (45) من منسوبي الشرطة.
وموسى هلال المولود في محلية "كتم" بولاية شمال دارفور عام 1961، برز إلى واجهة الأحداث كقائد لمليشيا شهيرة أطلق عليها وقتها "قوات الجنجويد"، حاربت إلى جانب الحكومة منذ اندلاع النزاع في دارفور عام 2003.
وفي كانون الثاني/يناير 2014، أسس هلال "مجلس الصحوة الثوري" في بلدته "مستريحة" بولاية شمال دارفور، باعتباره حزبًا سياسيًا لكل السودانيين، يسعى عبره لعقد مصالحات اجتماعية وإصلاحات سياسية، وقام المجلس بالتوقيع على إعلان الحرية والتغيير ضمن القوى السياسية التي قادت التغيير في السودان.
اقرأ/ي أيضًا: محلل سياسي: كير ومشار أمام آخر فرصة لإحلال السلام.. والفشل ستليه عقوبات
وتذهب أغلب التحليلات إلى أن بقاء هلال خلف القضبان يعود لأسباب شخصية مرتبطة بحميدتي حيث يشكل هلال خطرًا على طموحاته كما يتصور، وتشير هذه التحليلات إلى أن حميدتي يخشى من أن يتحدث هلال بما يعرفه من معلومات حول مصادر تسليح وتمويل قوات الدعم السريع، وأن يفصح عن أسرار التنقيب عن الذهب في جبل عامر ومصادر أموال حميدتي، ولكن الصحفي والناشط السياسي أحمد كفوتة يقول أن المسألة ليست شخصية مع حميدتي ويشدد في حديثه لـ"الترا سودان" أن الصراع في أساسه صراع سياسي مع النظام البائد قضى بإدخال الشيخ إلى السجن.
كفوتة: حكومة حمدوك تباطأت في أتخاذ إجراءات تجاه هلال لاعتقادها أن المسألة شخصية بين هلال وحميدتي
ويشير كفوتة إلى أن حكومة الحرية والتغيير برئاسة حمدوك تباطأت في اتخاذ إجراءات تجاه هلال لاعتقادها بأن المسألة شخصية بين هلال وحميدتي: "الحكومة تفتكر أن المسألة شخصية مع حميتي وتخشى من غضبه". ويتوقع كفوتة أيضًا أن الحكومة ربما اتفقت في داخلها أن لا تطلق سراح الرجل تحسبًا لأزمة قد تقع، وتحاول تصوير الأمر على أنه شخصي لحسابات تخصها لتستفيد من هلال في مواجهة حميدتي مستقبلًا على اعتبار أنه وحده القادر على مصارعته وتحجيم دوره، ويضيف كفوتة "أن صحت هذه الفرضية فالحكومة هي الخاسرة" ويشدد على أن موسى هلال واع جدًا ويستحيل أن يدخل في صراع مع حميدتي.
ويعتبر كفوتة استمرار اعتقال الشيخ موسى هلال أحد أهم العقبات التي تحد من فرص الوصول إلى سلام مستدام لكونه رئيس تنظيم سياسي من مكونات قوى الحرية والتغيير فضلًا عن أنه زعيم قبلي ورجل إدارة أهلية يتمتع بكارزما ونفوذ سياسي وأهلي واسع في دارفور وطرف أصيل في معادلة الصراع الذي يتشكل بموجبه السودان الجديد.
وفي بيان أصدرته أسر المعتقلين عقب دخول هلال ورفاقه في إضراب عن الطعام ناشدت الحكومة الانتقالية أتخاذ قرار مسؤول وإطلاق سراح المعتقلين ووقف العبث الذي يمارس بحقهم باسم القانون والعدالة، كما ناشدت الجهات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان بالتدخل العاجل والوقوف على حالة المعتقلين الصحية والضغط على الحكومة الانتقالية لإطلاق سراحهم.
اقرأ/ي أيضًا
تجمع المهنيين يعتزم مساءلة "حميدتي" ومدير المخابرات دمبلاب
سد النهضة.. اتفاق على انعقاد لجان فنية وتحكيم المادة العاشرة من إعلان المبادئ