16-يوليو-2024
اشتباكات الجيش والدعم السريع في الخرطوم

تسببت الحرب السودانية في أكبر أزمة نزوح بالعالم

ما تزال المحادثات بين وفد الحكومة السودانية ووفد الدعم السريع في جنيف تتأرجح بين التقدم والتراجع، وفق ما ذكر دبلوماسيون مقربون من هذه المفاوضات.

باحث سياسي: لا توجد إرادة سياسية لدى الطرفين

حرب السودان التي يصفها مراقبون سياسيون بالمنسية، أتمت عامًا وثلاثة أشهر منتصف تموز/يوليو الجاري. ومع ذلك، فإن مصير (25) مليون شخص على المحك إذا لم تصل المساعدات الإنسانية في القريب العاجل، كما إن خمسة مليون شخص بالفعل وصلوا إلى مرحلة المجاعة، بينهم (700) ألف شخص يواجه الجوع الحاد.

ونهاية الأسبوع الماضي وصل وفدا الحكومة السودانية والدعم السريع إلى جنيف للانخراط في تفاهمات غير مباشرة برعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة.

بعد أقل من يوم من وصول الوفدين، أعلن وفد الحكومة السودانية احتجاجه على دعوة لقاء مباشر بين الوفدين، وقال الوفد في بيان إن المسار الذي اتفق عليه مع الأمم المتحدة لم يكن كما جاء في التطورات الأخيرة.

وقُوبلت ردود أفعال الحكومة السودانية في محادثات جنيف للمساعدات الإنسانية بانتقادات كبيرة من العاملين في المجال الإنساني وغرف الطوارئ لجهة أن الوضع في السودان لم يعد يحتمل وضع شروط تستغرق وقتاً طويلاً بينما الجوع يفتك بالناس.

وترفض حكومة السودان إنشاء منبر جديد للوساطة، وتتمسك بمنبر جدة وتعهداته، وضرورة تنفيذ تلك التعهدات التي أُبرمت. كما قالت إنها لن تقبل التعامل مع أي جسم بديل أو موازٍ بشأن الإغاثة الإنسانية خلافاً للكيان الحكومي المختص بذلك، وهو مفوضية العون الإنساني واللجنة العليا للطوارئ الإنسانية.

ويقول مجاهد، وهو أحد عمال الإغاثة المتعاونين مع المنظمات الدولية شرق السودان، إن الوضع بات على المحك، لم يعد الناس يطيقون انتظار اتفاق قد لا يأتي؛ الجوع هنا تشاهده في عيون الأطفال والمسنين.

ويرى مجاهد أن المجاعة ربما كانت بعيدة نسبياً عن الولايات الواقعة خارج دائرة الحرب، لكن بسبب الوضع الاقتصادي تحول غالبية المواطنين إلى معدمين من المال، بالتالي لا يمكن شراء الغذاء الذي ارتفعت أسعاره بنسبة (500)% عما كانت عليها قبل شهرين على سبيل المثال.

وتترأس الوفد الحكومي سلوى آدم بنية مفوضة العون الإنساني، وهي تنتمي سياسياً إلى الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار

وتترأس الوفد الحكومي سلوى آدم بنية مفوضة العون الإنساني، وهي تنتمي سياسياً إلى الحركة الشعبية شمال بقيادة مالك عقار، وحصلت على هذا الموقع ضمن محاصصة اتفاق السلام بين الحكومة والحركات المسلحة في 2020، كما يضم الوفد عسكريين ومدنيين.

وتواجه الأمم المتحدة صعوبة كبيرة في إقناع الطرفين بالمفاوضات المباشرة، إذ أكد الطرفان فور وصولهما إلى جنيف أن اللقاءات المباشرة ليست ضمن أجندة الأمم المتحدة للاتفاق على تسهيل المساعدات الإنسانية إلى المدنيين.

بينما يقول المحلل السياسي مصعب عبد الله إن الوفدين يتعاملان مع الوضع الإنساني دون مسؤولية، ولا يملكان إرادة سياسية للاتفاق على إيصال المساعدات إلى ملايين الأشخاص الذين على وشك المجاعة.

ويرى عبد الله في حديث مع "الترا سودان"، أن الحديث عن عدم وجود لقاءات مباشرة بين الطرفين يعني عدم وجود إرادة سياسية وتباعد الشقة بين الجانبين، بالتالي لا أعتقد أن هناك فرصة للوصول إلى اتفاق إنساني في جنيف.

ويعتقد عبد الله أن الأمم المتحدة لا تبذل جهودًا كافية لممارسة الضغوط على الجانبين في الملف الإنساني الذي لن ينتظر إرادة لا يتحلى بها الطرفان في الوقت الحالي، ولن تأتي إليهما بشكل مفاجئ.

ويقول عبد الله إن السودانيين كانوا يعملون على سد النقص في الغذاء والدواء من خلال عمل الشبكات الطوعية داخل البلاد، والتي تضم غرف الطوارئ ولجان المقاومة والمبادرات الشعبية، لكن مؤخراً مع تدهور الوضع الاقتصادي، الجميع يتجهون نحو هاوية الجوع.

وتفاقم الوضع الإنساني مع وصول الحرب إلى ولاية سنار وسط البلاد، وخروج مشروع الجزيرة وسط البلاد من دائرة الموسم الزراعي، كما لم يعد بالإمكان الاعتماد على المشاريع في سنار.

وفي بيان صدر الإثنين، حذرت غرفة طوارئ الدندر بولاية سنار وفق ما نقل نداء الوسط، من نهب قوات الدعم السريع (200) جرار من المزارعين في قرى المحلية، كما نهبت المستودعات الخاصة بالبذور. وقالت الغرفة إن الموسم الزراعي لن يكون متاحاً مع إفقار متعمد لآلاف المزارعين في مناطق تشتهر بالإنتاج الزراعي.

وتلوح الأمم المتحدة بفرض عقوبات على أي طرف يعرقل وصول المساعدات إلى المدنيين خلال النزاعات المسلحة، وتقول إنها لديها ذاكرة تليدة في معاقبة الأطراف التي عرقلت حصول المدنيين على الغذاء أثناء النزاعات.

ويقول موظف سابق في الأمم المتحدة لـ"الترا سودان"، إن الأمم المتحدة تتعامل وفق سياسية خشنة وناعمة مع الطرفين المتنازعين في السودان، وتعتبر المفاوضات في جنيف ضمن السياسة الناعمة وحثهما على قبول إيصال المساعدات الدولية،. وفي حال عدم إبداء مرونة والتعاطي إيجابياً، قد تلوح الأمم المتحدة بإحالة الملف إلى المحاكم الدولية ومجلس الأمن الدولي.

موظف سابق في الأمم المتحدة: يجب أن يحصل الوفد الحكومي على كامل الصلاحيات للموافقة على الاتفاق الإنساني

ويتفق الموظف السابق في الأمم المتحدة مع اتهامات تلاحق الطرفين بعدم وجود إرادة سياسية لديهما لادخال الإغاثة إلى المدنيين في السودان، وتُردّد عبارات تنم عن مرواغة وهروب إلى الأمام. مشيراً إلى أن البيان الأول الذي صدر عن الوفد الحكومي غير مقبول وركيك للغاية.

وأضاف: "مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمطان لعمامرة زار بورتسودان والتقى قائد الجيش وحصل منه على موافقة بالمشاركة في مفاوضات جنيف، بالتالي يجب أن يحصل الوفد الحكومي على كامل الصلاحيات للموافقة على الاتفاق الإنساني".

وأردف: "هناك عوامل عسكرية تتداخل مع المفاوضات، وربما لا يرغب الطرفان في هدنة للأغراض الإنسانية في هذا الوقت تحديداً".