قال سكان من الخرطوم بحري إن الأوضاع الإنسانية في غاية الخطورة، ولم تعد الإمدادات منتظمة للوصول إلى الأحياء المأهولة بالمدنيين، مما ينذر بخطر الموت جوعًا، كما يضطر المواطنين هناك لقطع مسافات لجلب المياه والمؤن.
محلل: غاب عن اتفاق جدة الإنساني تعيين آلية مراقبة دولية
وقال معاذ من منطقة الدروشاب بالخرطوم بحري لـ"الترا سودان"، إن الوضع الإنساني أصبح عصيبًا للغاية، الناس يبحثون طيلة اليوم عن ما يسدون به رمقهم، لأن الوصول إلى بعض الأسواق الصغيرة خارج الأحياء يتطلب ساعات طويلة.
وأضاف أن الوضع الإنساني ازداد صعوبة، لأن الدعم السريع قامت بنشر قواتها في الخرطوم منذ هجوم الجيش على مصفاة الجيلي، بحيث تحولت مدينة بحري إلى منطقة عسكرية لقوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن هذه القوات أجبرت بعض السكان على إخلاء منازلهم في شمبات.
وكان الجيش أعلن عن عمليات نفذتها قوات العمل الخاص في منطقة الكدرو بالخرطوم، لقطع الإمداد عن القوات الموجود في المصفاة.
وأوضح معاذ أن الطعام أصبح ينفد من المواطنين في نفس اليوم، ولا يحصلون عليه بكميات كبيرة، مشيرًا إلى أنه لم تعد بحوزتهم سوى نقود شحيحة، بالكاد تشتري مواد غذائية تكفي ليوم أو وجبة واحدة.
هذه المدينة الواقعة شمال النيل الأزرق يربطها جسر حديدي شيده الاستعمار البريطاني مع الخرطوم، يعيش حالة هدوء تام من صخب السيارات منذ عام بسبب القتال، أما المحطة الوسطى التي تضم السوق الرئيسي في الخرطوم، تحولت إلى كومة من الرماد بسبب المعارك العسكرية التي اندلعت في الأسابيع الأولى للحرب، منتصف نيسان/أبريل 2023.
كما اتخذت قوات الدعم السريع شوارع قريبة من سوق المحطة الوسطى، مركزا لعمليات عسكرية لشن هجمات على سلاح الإشارة في الخرطوم ولم تعد المنطقة صالحة لبقاء المواطنين.
ولا تزال خدمات المياه متوقفة عن 80% من أحياء الخرطوم بحري بسبب الأضرار التي لحقت بالمحطة الرئيسية منذ اليوم الأول من اندلاع القتال، ورغم محاولات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بصيانة المحطة، لكن عدم تنسيق الجيش والدعم السريع أوقف هذه العملية حتى اليوم، وأصبحت القضية في طي النسيان.
وفي الشوارع الرئيسية يروي معاذ كيف تحولت هذه الطرقات إلى مشاهد للسيارات المحترقة والمنهوب بعضها، واستخدمت في العمليات القتالية بواسطة الدعم السريع وتركت في منتصف الطريق عندما تعطلت.
كل شئ في الخرطوم بحري قابل للتحطيم تحت نيران المعارك العسكرية، عدا مئذنة المسجد الكبير في شارع البلدية، ظلت في مكانها بعد عام من الحرب، لكن هذه المرة وهي مطفأة نتيجة ظلام دامس يعم أرجاء المدينة بشكل عام منذ (395) يومًا.
فيما يرى المستشار السابق في منظمة دولية علي الحاج أحمد أن الأحياء الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع، هي الأكثر معاناة فيما يتعلق بالغذاء ومياه الشرب والكهرباء والاتصالات، لذلك نتوقع حركة نزوح عالية من هذه المناطق.
وزاد قائلًا: "ربما هناك تعمد من الدعم السريع لإفراغ هذه الأحياء من المواطنين، لاتخاذها مواقع عسكرية على الرغم من أنها في بعض الأحيان تتحصن فيها من هجوم الطيران".
ولا توجد إحصائية رسمية عن عدد المدنيين في العاصمة الخرطوم، لكن هناك تقديرات تشير إلى أن هناك عدد أكثر من ثلاثة ملايين شخص، فيما تذهب بعض الإحصائيات إلى أن عدد المواطنين يتجاوز الخمسة ملايين شخص.
تنفيذ اتفاق جدة الموقع بين الجيش والدعم السريع في أيار/مايو 2023، كان كفيلًا بإتاحة الممرات الآمنة وحماية المدنيين والمرافق المدنية
وقال علي الحاج أحمد، إن تنفيذ اتفاق جدة الموقع بين الجيش والدعم السريع في أيار/مايو 2023، كان كفيلًا بإتاحة الممرات الآمنة وحماية المدنيين والمرافق المدنية بما في ذلك الأسواق، لكن الجميع تبادلوا الاتهامات حول عدم التنفيذ.
وأردف: "عند توقيع الاتفاق كان على رعاة منبر جدة تحديد آلية مراقبة لتنفيذ إعلان جدة كانت ربما تساهم بشكل عملي في دفع العملية إلى الأمام والتنفيذ على الأرض لكن ما حدث أن المجتمع الدولي قرر التخلي قليلا عن تسليط الضوء على حرب السودان لأن الجيش والدعم السريع لم يملكا الرغبة للإنصات إلى صوت العقل".