18-مايو-2024

سحبت البعثة الأممية لحماية المدنيين في دارفور عقب اتفاق سلام السودان في العام 2020

طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش بنشر بعثة دولية لحماية المدنيين في دارفور، وخصوصًا في مدينة الفاشر، حيث يتعرض مئات الآلاف من السكان لخطر الفظائع المتزايدة بسبب الصراع الدائر بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والميليشيات والحركات المتحالفة معهما.

الاشتباكات العنيفة في مدينة الفاشر بدأت الشهر الماضي، واشتدت حدتها مؤخرًا، في ظل مناوشات متقطعة يتخللها هدوء حذر ومعارك عنيفة بين القوات المتصارعة. وأسفرت المعارك عن هجمات على المدنيين، وحرق للأحياء السكنية، والقصف العشوائي. كما أجبرت المعارك في تخوم الفاشر عشرات الآلاف على النزوح، بينما لا يزال العديد من المدنيين محاصرين، وتشهد مناطق واسعة في ولاية شمال دارفور هجمات تتخللها انتهاكات بحق المدنيين.

هيومن رايتس ووتش: يواجه مئات الآلاف من المدنيين خطر الوقوع مرة أخرى ضحايا للفظائع، وهذه المرة في مدينة الفاشر بشمال دارفور

وتقول العديد من الجهات إن هجمات الفاشر تؤدي إلى معاناة كبيرة وسط المدنيين، حذرت الأمم المتحدة والولايات المتحدة ودول في الإقليم من التصعيد هناك. وأمس الأول فرضت أميركا عقوبات على اثنين من قادة قوات الدعم السريع قالت إنهم متورطون في معركة الفاشر، والتي تظل مفصلية في الحرب السودانية القائمة منذ عام.

يسيطر الجيش السوداني على مدينة الفاشر رفقة القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة المتحالفة معه، فيما تسيطر الدعم السريع على أجزاء من ولاية شمال دارفور وعواصم الولايات الأربع المتبقية في الإقليم الذي يشهد أحداث هي الأعنف منذ الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 2003.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن صور الأقمار الصناعية تظهر تصاعد الحرائق في الجزء الشرقي من مدينة الفاشر. يذكر أن قوات الدعم السريع كانت قد بثت مقاطع لسيطرتها على منطقة الكهرباء أقصى شرقي المدينة، ولكن القوات المسلحة والقوات المتحالفة معها تمكنوا من استعادتها بعد ساعات.

وحذرت المنظمة من عمليات القصف العشوائي التي تستهدف الأحياء السكنية. وكان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي قد قال اليوم، إن قوات الدعم السريع تطلق الصواريخ على المدنيين أكثر مما تطلقه على المعسكرات التي ترابط فيها القوات المتحالفة لصد اجتياح المدينة.

وبحسب أطباء بلا حدود، استقبل مستشفى الفاشر الجنوبي (454) مصابًا منذ العاشر من الشهر الجاري. وفي الوقت ذاته، أسفرت غارة للقوات المسلحة بالقرب من مستشفى الأطفال الوحيد بالمدينة، عن خروجه من الخدمة، ولكن ناشطين شرعوا في الدعوة لنفير عام لتأهيل مركز بديل. ودخل النفير يومه الرابع وسط مشاركة شعبية واسعة، وفق صور وإفادات تحصل عليها "الترا سودان".

وكانت هيومن رايتس ووتش قد وثقت جرائم حرب وجرائم تطهير عرقي ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها في مدينة الجنينة بغرب دارفور. وقالت هيومن رايتس ووتش، اليوم الجمعة، إن الأحداث الجارية في الفاشر تظهر تشابهًا كبيرًا مع تلك الانتهاكات، مما ينذر بتكرار المأساة.

دعت هيومن رايتس ووتش المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين. وأوصت بأن يجتمع مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي لنشر بعثة لحماية المدنيين في السودان، والضغط على الأطراف المتحاربة لضمان قدرة المدنيين المحاصرين على الفرار بأمان.

وشددت المنظمة على أن الوضع في دارفور يتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي لتوفير الحماية للمدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة. وأكدت هيومن رايتس ووتش على ضرورة تحرك سريع وفعال من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لضمان سلامة المدنيين في الفاشر والمناطق الأخرى المتضررة في دارفور.

وتحاول قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة الفاشر لأهميتها الإستراتيجية في سياق الحرب السودانية، ولكن تواجد العديد من الحركات المسلحة ومعسكرات النزوح بالمدينة يشي بمذبحة كبرى حال تمكنت الدعم السريع من السيطرة على المدينة التي تعد مركز الإقليم.