11-يوليو-2024
العاصمة القومية الخرطوم

خلت العاصمة من معظم سكانها

لم يعد بإمكان المواطنين العالقين في المناطق الساخنة بالخرطوم طهي الطعام، حتى وأن توفرت السلع لصعوبة الحصول على غاز الطبخ وشح حطب الوقود وارتفاع سعر الفحم وندرته.

من حي الديوم الشرقية جنوب الخرطوم، تتحدث رحاب فضل الله لـ"الترا سودان" عن وجود معاناة يومية في طهي الطعام، وحتى وإن حصلت على المواد الغذائية والخضروات من الصعب الاحتطاب في الخرطوم لعدم وجود مواقع غابية، وفي ذات الوقت تم قطع غالبية الأشجار في الأحياء لأغراض الطهي سواء من جنود الدعم السريع أو المواطنين.

تدبير الطعام لا يعني سهولة الطهي لشح الغاز ونفاد الحطب

وشهدت الخرطوم رحلات عودة إلى المنازل خلال الحرب لبعض المواطنين، لكنهم نزحوا مؤخراً لشح الغذاء والكهرباء والمياه وتوقف شبكة الاتصالات منذ شباط/فبراير الماضي.

هذه المنطقة الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع والقريبة من مبنى محلية الخرطوم وأحياء العمارات والخرطوم 2، تقع أيضًا على مقربة من مباني القيادة العامة، وقد تحولت اليوم إلى مدينة شبه خالية من السكان.

تُباع أسطوانة الغاز زنة خمسة كيلوغرامات بسعر (100) ألف جنيه في أحياء الخرطوم الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع، وسلاسل الإمداد والقوافل التجارية غير منتظمة لدى المحلات، ويعمل في هذا القطاع بعض التجار الذين يغامرون في الانتقال بين الولايات والعاصمة الخرطوم.

تشير رحاب فضل الله إلى أن الوضع المعيشي ارتفع عما كان عليه قبل الحرب في الخرطوم بنسبة 1500%. السلع والأشياء العادية التي كانت تباع بأسعار زهيدة أصبحت اليوم تباع بآلاف الجنيهات، مثل كيس صغير من ملح الطعام لا يتعدي ثلاثة مليغرامات يباع بعشرة جنيهات.

في مدينة تعيش بلا كهرباء منذ أكثر من عام، يعتمد السكان على أضواء الشموع أو القداحة الصغيرة التي تستخدم عند الحاجة الماسة، ولا يمكن بالطبع إهدار حطب الوقود لأغراض لا علاقة لها بالطهي، لأن "الكمية المتوفرة شحيحة"، تضيف هذه الفتاة التي تعيش المعاناة منذ عام وثلاثة أشهر.

وتستخدم رحاب الإنترنت الفضائي "ستارلنك" من محل تجاري للتواصل مع الأهل والأصدقاء والمعارف، ولم تغادر أبعد من هذا الموقع منذ أشهر طويلة.

هناك وراء تلك المباني كأنما الحياة غير موجودة، لا تسمع أصوات السيارات ولا الباعة المتجولين؛ المدينة في حالة موت يومي، تقول رحاب فضل الله.

عندما اشتعلت المعارك العسكرية بين الجيش والدعم السريع صباح يوم السبت 15 نيسان/أبريل 2023، كان سكان العاصمة يعتقدون أن القتال سرعان ما سيهدأ ويستعيدون حياتهم اليومية، وبعد (15) شهراً من الحرب تحولت الخرطوم إلى مدينة شبه مهجورة.

لم تعد الأسواق بنشاطها المعتاد والسوق العربي، المركز التجاري الأكبر في العاصمة الخرطوم الذي كان يستقبل نحو مليوني شخص يومياً بما في ذلك شارع الحوادث منطقة المستشفيات الحكومية والقطاع الخاص، اليوم تظهر المباني بأبواب محطمة ومحتويات منهوبة. جميع هذه المناطق تقع تحت سيطرة الدعم السريع، وهي قريبة من القصر الرئاسي.

الوقود والخضروات والأدوية والخبز جميع هذه السلع تباع في موقع واحد

تعمل الأسواق في الخرطوم، سيما تلك التي تحت سيطرة الدعم السريع جنوب شرق العاصمة المثلثة. الوقود والخضروات والأدوية والخبز جميع هذه السلع تباع في موقع واحد، يوفرها التجار عبر شحنات تصل من الولايات بصعوبة بالغة وبعد دفع مبالغ طائلة.

تسيطر الدعم السريع على خمس محليات من جملة سبع محليات في العاصمة الخرطوم، لكنها لم تتمكن من تسيير شؤون الحياة العامة بسبب عمليات النهب التي ينفذها جنودها، إلى جانب الانتهاكات التي طالت المدنيين بسرقة المنازل والسيارات والحلى والمال.