قال متطوعون بمراكز الإيواء في مدينة وادي حلفا بالولاية الشمالية، إن مصر أبعدت أكثر من ستة آلاف سوداني من أراضيها في الفترة الأخيرة لأسباب متفاوتة، بينما أبعد أغلبهم على خلفية دخولهم عن طريق الهجرات غير النظامية وانتهاء التأشيرات الممنوحة لآخرين.
نقلت مصر الشهر الماضي آلاف السودانيين إلى معبر أرقين
تعتزم السلطات المحلية في مدينة وادي حلفا التوسع في إنشاء مراكز إيواء نتيجة وصول آلاف السودانيين المبعدين من الأراضي المصرية، في وقت تواجه القاهرة انتقادات من منظمات دولية بسبب اتخاذها سياسة طرد اللاجئين السودانيين.
وقال مسؤول محلي بمدينة وادي حلفا الواقعة في الولاية الشمالية على الحدود مع مصر، إن مدينة وادي حلفا تشهد تدفق المبعدين من مصر، ما يستدعي إنشاء مراكز إيواء قرب معبر أرقين، لكن الوضع لا يساعد على ذلك، مشيرًا إلى أن هذه الخطط موجودة لدى الحكومة المحلية.
وأضاف في تصريح لـ"الترا سودان" إن هذا الإجراء من أجل مساعدة السودانيين المبعدين من مصر على البقاء هنا، إلى حين ترتيب أوضاعهم وسفرهم إلى الولايات.وفي بعض الأحيان تتخذ السلطات المصرية إجراءات مشددة على الحدود بمنع آلاف السودانيين من الدخول عقب وصولهم إلى هناك، وفق إجراءات غير نظامية هربًا من الحرب التي تدور في بلادهم منذ (14) شهرًا بين الجيش والدعم السريع، والتي أدت إلى نزوح أكثر من (10) مليون شخص داخليًا وخارجيًا وفق إحصائيات منظمة الهجرة الدولية.
وتقول المتطوعة في المجال الإنساني وعضو لجان مقاومة وادي حلفا صفاء حسن لـ"الترا سودان"، إن مراكز الإيواء في وادي حلفا تستقبل المُرحلين من مصر، وتوزعهم على الدور حسب الترتيبات والإمكانيات المتوفرة.
وأضافت صفاء: "وفق الإحصائيات التي بحوزتنا، تم إبعاد أكثر من ستة آلاف سوداني من مصر عبر الطريق البري، وصلوا إلى وادي حلفا بعضهم يقيم في مراكز الإيواء حتى الآن والبعض غادر إلى الولايات".
وأردفت صفاء حسن: "السودانيون المُبعدون من مصر جزء كبير منهم أُبعد بسبب بسبب الهجرة غير النظامية، والبعض انتهت تأشيرته ولم يتمكنوا من تجديدها للوضع المالي المتعثر الذي يعاني منه اللاجئين السودانيون".
ووصفت صفاء حسن أوضاع السودانيين المبعدين من مصر بالسيئة، وقالت إنهم يعيشون ظروف قاسية جدًا ويتم نقلهم إلى وادي حلفا، وأغلبهم بلا مأوى بعد أن فقدوا المساكن في مناطقهم بسبب الحرب.
والشهر الماضي نقلت مصر مئات السودانيين إلى معبر أرقين بحجة الوصول بطرق غير شرعية، وسلموا إلى السلطات السودانية على الحدود في معبر حدودي بين البلدين شمال البلاد.
وخلال الشهور الأخيرة يغادر السودانيون إلى مصر عن طريق سيارات تعمل في تهريب البشر بين البلدين من شمال البلاد وصولاً إلى مدينة أسوان جنوبي مصر. وتقدر تكلفة نقل الشخص بواسطة سيارات عبر صحراء شمال السودان بقيمة (400) ألف جنيه، ما يعادل (180) دولارًا أمريكيًا، والشهر الماضي أعلنت القنصلية السودانية في مدينة أسوان استقبال المشارح في مستشفيات مدينة أسوان المصرية (55) جثة لسودانيين ماتوا بسبب العطش والجوع والإنهاك، بعد أن تقطعت السبل بالسيارات التي تقلهم.
تأتي هذه التطورات في ظل اعتزام السلطات في مصر اتخاذ إجراءات جديدة لتنظيم الهجرة والإقامة بحق أكثر من ثلاثة مليون سوداني في الأراضي المصرية. وتعاني مصر من أزمة اقتصادية في العامين الأخيرين، وخسرت عملتها الوطنية نقاط كثيرة مقابل العملات الأجنبية، وتخشى من ضغوط جديدة بسبب لجوء مئات الآلاف من السودانيين إلى مصر والفرار من الحرب.
ينتقد ناشطون ومثقفون وصحفيون وسياسيون مصريون السياسات التي تتخذها الحكومة المصرية، ويقولون إن السودانيين يجب أن يحصلوا على مرونة في التعامل
وفي حزيران/يونيو 2023، وضعت مصر القيود على اتفاق موقع بين البلدين منذ العام 2004، ويسمى اتفاق "الحريات الأربع"، تسمح لمواطني مصر والسودان بالإقامة والتنقل والتملك وحرية الحركة، وهذا الاتفاق يسمح بدخول السودانيين دون شرط الحصول على تأشيرة إلى مصر لمن هم فوق سن الخمسين والأطفال.
ويقول ناشطون سودانيون إن مصر أوقفت الحريات الأربع الموقع مع الجانب السوداني منذ حزيران/يونيو 2023، خشية وصول ملايين السودانيين إلى مصر التي تعاني من ضغوط اقتصادية.
وينتقد ناشطون ومثقفون وصحفيون وسياسيون مصريون السياسات التي تتخذها الحكومة المصرية، ويقولون إن السودانيين يجب أن يحصلوا على مرونة في التعامل فيما يتعلق بإجراءات الإقامة واللجوء في ظل الحرب التي تدور في بلدهم.
ويفضل السودانيون اللجوء إلى مصر لعوامل متعددة من بينها وجود طريق بري يربط بين البلدين، إلى جانب سهولة العيش هناك مقارنة مع دول الجوار، واللغة المشتركة التي تساعد السودانيين على التواصل وانتشار المدارس ومراكز الجامعات السودانية، كما إن هجرة مليوني سوداني قبل الحرب حفزتهم على اختبار اللجوء إلى مصر.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعهد بوضع إجراءات مرنة بحق السودانيين الذين لجأوا إلى مصر مطلع هذا العام، خلال لقاء مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان.