20-مايو-2024
الفنان أبو عركي البخيت في منزله بأمدرمان

الفنان أبو عركي البخيت

يبدو أن قلب الفنان القامة أبوعركي البخيت قد تاب أخيرًا من السفر، بعد أن طَرح المغني على قلبه هذا السؤال مرارًا وتكرارًا مخاطبه: " يا قلب أنا كنت قايلك تُبت من تعب السفر"، فبعد أن دخلت الحرب عامها الثاني في السودان لا يزال أبو عركي رافضًا أن يحزم حقائبه ويغادر منزله وذكرياته، وظل الفنان صامدًا في ظروف استثنائية كان بإمكانه أن يتجنبها.

أشاد الفريق  العطا بصمود أبو عركي  طيلة أيام  الحرب  القاسية وصبره على المخاطر والابتلاءات

حل الفنان اليوم ضيفًا على العطا، حيث بثت منصات رسمية تابعة للحكومة السودانية مقاطع فيديو تظهر أبو عركي وهو في حضرة الفريق الركن ياسر العطا.

أشاد عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن ياسر  العطا بصمود أبو عركي  طيلة أيام  الحرب القاسية وصبره على المخاطر والابتلاءات، مشيرًا إلى الدور الوطني للفنان الكبير الذي جسده بصموده، وأكد العطا أن وجوده بين المواطنين كان له الأثر الطيب في تخفيف وطأة الحرب عليهم.

ومن جانبه دعا الأستاذ أبوعركي إلى ضرورة الاستفادة من تجربة الحرب لبناء الوطن، والنهوض به نحو التقدم والاستقرار، وقدم الفنان التحية للقوات المسلحة على أدوارها المتعاظمة في حرب الكرامة، ووقوفها دومًا بجانب المواطنين من أجل أمنهم واستقرارهم. بحسب ما نقلته وكالة سونا للأنباء.

بطاقة أبوعركي البخيت

كان الميلاد في مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة الواقعة في وسط السودان، وتحديدًا  في حي الدباغة في العام 1947، بحيث نشأ وترعرع الفنان أبوعركي البخيت الطيب فضل المولي في المدينة التي طالما كانت مهدًا للكثير من مبدعي السودان، بمن فيهم الفنان القامة محمد الأمين والفنان المتميز إبراهيم الكاشف.

صورة تظهر الفنان أبوعركي البخيت في الحرب
صورة للفنان أبو عركي البخيت بعد اندلاع الحرب وإصراره على البقاء في منزله بأمدرمان

انتقل البخيت إلى العاصمة القومية أمدرمان في مطلع ستينيات القرن الماضي، باحثًا عن فرصة للغناء، بحيث تضم المدينة العريقة مباني الإذاعة والتلفزيون والعديد من المسارح، كانت أمدرمان بمثابة الوصفة السحرية التي تسمح للفنانين بالعبور إلى الجمهور بشكل يسير، واستطاع البخيت وهو في سن صغيرة أن يفتتح مسيرته في عالم الغناء الاحترافي.

تخرج الفنان في  كلية الحقوق بجامعة الخرطوم،والتحق في العام 1968 بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح لدراسة علم الصوت والآلات، وفي أروقة المعهد التقى الدكتورة عفاف الصادق حمد النيل، والتي أصبحت شريكة حياته، كانت عفاف تنظم الشعر، فقدم الفنان برفقتها العديد من الأعمال التي أثرت المكتبة الغنائية في السودان بأعمال خالدة.

ويعتبر أبوعركي من الفنانين الذين تشغلهم قضايا الوطن والمجتمع، بحيث ناهض المغني الأنظمة الديكتاتورية في السودان على طريقته الخاصة، منذ نظام الراحل جعفر نميري وحتى المخلوع البشير، بحيث استطاع أن يشارك وجهات نظره السياسية من خلال مضمون الأغاني التي كان يقدمها. وجدير بالذكر أنه قاطع الإذاعة والتلفزيون لسنوات عديدة، تعبيرًا عن رفضه لاستيلاء نظام الإنقاذ على السلطة في العام 1989.

وقدم الفنان العديد من الأعمال المتميزة والمتجددة التي كانت تحمل عبقرية منقطعة النظير في ألحانها، الأمر الذي جعله محبوبًا حتى في الأوساط الشبابية.

أبو عركي و أمدرمان

منذ اندلاع الحرب في السودان منتصف نيسان/أبريل من العام الماضي، والتي أدت إلى أكبر أزمة نزوح في العالم بأعداد تقارب التسعة ملايين بحسب إحصائيات لمنظمات دولية، إلا أن أبوعركي آثر أن لا يبرح منزله الكائن في حي العرضة بأمدرمان، وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا تجمع الفنان أبو عركي البخيت مع جنود من الدعم السريع، وفي تموز/يوليو من العام الماضي، انتشرت شائعة تتحدث عن مقتل الفنان تحت تأثير طلقات الحرب، إلا أن ابنته خرجت لتنفي هذه الشائعات وتطمئن الجماهير المحبة على والدها بعد حالة من القلق البالغ التي اجتاحت الوسائط وقتها.

ظهر الفنان في عدد من الصور مع جنود من القوات المسلحة في منطقة أمدرمان القديمة

وفي السياق، ظهر الفنان في عدد من الصور مع جنود من القوات المسلحة في منطقة أمدرمان القديمة، مما يؤكد عمق محبة السودانيين بجميع أطيافهم للفنان القامة، وكان عركي قد أكد في مقطع متداول أنه لن يتنازل عن تاريخه هربًا من الموت مشددًا على بقائه في منزله قائلًا: "أنا بركز هنا والسيف مسلول".

وأكد عركي من خلال قصيدة وجهها لرفيقة دربه الراحلة عفاف، عهدًا بأن سيبقى لحماية إنجازاته معها، وأنه لن يرحل من منزله الذي يحمل ذكرياته مع أبنائه منذ نعومة أظافرهم.

وجدير بالذكر أن الفنان أبوعركي البخيت كان من ضمن الفنانين الداعمين لثورة ديسمبر المجيدة، حيث تغنى في اعتصام القيادة العامة دعمًا للثورة، مقدمًا الوصايا للثوار من خلال تلك السانحة.