14-أكتوبر-2024
معبر أرقين الحدودي

معبر أرقين الحدودي

تصعيد قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" ضد القاهرة مثل كرة الثلج، تتدحرج ربما لنقل الحرب في السودان إلى مرحلة الاصطفاف الإقليمي والدولي.

باحث: مصر غيرت استراتيجيتها إلى مرحلة حماية مصالحها بالتدخل العسكري وقد تفعل كل شئ لإحباط تهديدات الدعم السريع 

بشكل مفاجئ، عقب مرور ساعات على الاتهامات التي وجهها حميدتي لمصر بالانحياز إلى الجيش السوداني خلال الحرب، ودعمها بالطيران الحربي في معارك جبل موية غرب سنار، حيث استردتها القوات المسلحة مجددًًا. أعلنت الدعم السريع عن حظر تصدير السلع السودانية خاصة المواد الخام إلى مصر.

التصريحات التي صدرت من المك أبوشتال، أحد قادة الدعم السريع في إقليم النيل الأزرق ووسط البلاد، جاءت بشكل تصعيدي تجاه القاهرة، وأعلن في مقطع الفيديو المتداول، منع تصدير المنتجات السودانية إلى مصر.

يعتقد خليل ناصر الباحث في العلاقات السودانية المصرية، أن قوات الدعم السريع لم تتخذ قرارًا رسميا معلنًا بمنع تصدير المنتجات السودانية إلى مصر، بقدر ما أن القرار المتداول محاولة اختبار من قائد هذه القوات، لدفع نظام عبدالفتاح السيسي للتراجع عن دعم الجيش السوداني حسب اعتقاده.

يرى خليل ناصر أنه من الطبيعي أن يحصل الجيش السوداني المعترف به من المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، على الدعم من دول خارجية بما في ذلك مصر. كما أن الاتهامات ضد القاهرة لم تورد الأدلة على الأرض، حول مشاركة الطيران المصري في العمليات العسكرية داخل السودان.

قضية تصدير السلع السودانية، خاصة الخام إلى مصر، انفجرت إلى العلن في العام 2022 عندما أغلق متظاهرون شمال السودان الطريق البري الرابط بين البلدين، والذي يصل إلى معبر أرقين.

في العام 2022، أوقف المتظاهرون عشرات الشاحنات المحملة بالسلع السودانية، خاصة الزراعية مثل القطن والذرة والسمسم والكركديه والصمغ والفول السوداني، وجميع هذه المنتجات تستوردها مصر وتحولها إلى منتجات غذائية ذات قيمة مضافة، وتصدرها إلى العالم.

 

خلال الحرب، وصل الميزان التجاري بين السودان ومصر، إلى أكثر من مليار دولار من (450) مليون دولار قبل الحرب حتى منتصف العام 2023، ويعتمد السودان على السلع المصرية لتغطية توقف المصانع المحلية في الخرطوم.

ويعتقد المحلل الاقتصادي محمد إبراهيم، أن إجراءات قوات الدعم السريع بمنع تصدير السلع السودانية إلى مصر، "مجرد تهديدات" أو تلويح، مثل رفع الكرت الأصفر في وجه الحكومة المصرية بالتوقف عن دعم الجيش السوداني. وتعمدت قوات الدعم السريع إغراق الشبكات الاجتماعية بمقاطع الفيديو والصور، التي توضح اتخاذ هذه الإجراءات.

ويرى إبراهيم في حديث لـ"الترا سودان"، أن قوات الدعم السريع تحاول دفع القاهرة لإجراء تفاهمات معها، خاصة وأن مصر على تقارب مع الإمارات العربية المتحدة، المتهمة بتقديم الإمداد لقوات حميدتي.

وأضاف: "تلوح قوات الدعم السريع بالإجراءات الخاصة بمنع الصادرات السودانية إلى مصر، إلى حين تراجع القاهرة أو فشل هذه الخطة، بالتالي الانتقال إلى معسكر التحالف مع أديس أبابا ضد القاهرة".

ويرى إبراهيم أن مصر لن تتراجع عن موقفها، وستمضي إلى خيارها خاصة وأنها تشعر أن قوات الدعم السريع مدفوعة من إثيوبيا، لتعكير الأجواء في هذا الوقت. خاصة مع بناء القاهرة تحالفًا جديدًا مع أسمرا ومقديشو، التأمت قمة بين رؤوساء هذه الدول الأسبوع الماضي.

ويعتبر إقليم دارفور والنيل الأزرق، بجانب كل من وكردفان والجزيرة وسنار والقضارف والشمالية ونهر النيل، من المناطق التي تنتج المحاصيل الزراعية المصدرة إلى مصر. بالتالي، فإن قوات الدعم السريع قد تتمكن من السيطرة على الشاحنات من كردفان وإقليم دارفور، بينما تسيطر القوات المسلحة على طول الطريق البري الرابط بين مصر والسودان، والذي يبدأ من العاصمة الخرطوم ويتجه نحو الولاية الشمالية الواقعة تحت سيطرة الجيش.

انتشر مقطع فيديو على منصات موالية لقوات الدعم السريع، يظهر شاحنات محملة بالسلع في منطقة صحراوية، ويخاطب السائقين قائد عسكري يتبع لقوات الدعم السريع، ويأمرهم بإعادة الشحنات إلى التجار، لأن التجارة بين مصر والسودان منعت كليًا.

ولا توجد إحصائية دقيقة خلال الحرب حول كمية المنتجات السودانية خاصة المواد الخام المصدرة إلى مصر، لاسيما مع تراجع الزراعة في البلاد بسبب العمليات العسكرية، في ذات الوقت فإن المصدرين ينشطون في نقل السلع إلى مصر، مع تدني الاقتصاد وتحوله إلى حالة الطوارئ.

من ناحية أخرى تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق بعيدة نسبيًا من الطريق البري، بينما يشير عضو في غرفة المصدرين تحدث لـ"الترا سودان" أن الإجراءات التي اتخذتها قوات الدعم السريع، تؤثر على المصدرين وتقلص الكميات إلى أقل من 50%.

عضو في غرفة المصدرين: الأسواق تعمل وفق درجة الأمان المتوفرة لديها، بالتالي لن تغامر شركات الشحن والتجار في شراء السلع من التجار، طالما يشعرون بالملاحقة من قوات الدعم السريع

ويقول في حديث لـ"الترا سودان" مع عدم الإشارة إلى اسمه لحساسية القضية، إن الأسواق تعمل وفق درجة الأمان المتوفرة لديها، بالتالي لن تغامر شركات الشحن والتجار في شراء السلع من التجار، طالما يشعرون بالملاحقة من قوات الدعم السريع.

بينما لا يستبعد الباحث في العلاقات السودانية المصرية خليل ناصر، اتخاذ مصر "إجراءات تصعيدية" ضد قوات الدعم السريع، حال أقدمت على خطوات عملية مؤثرة في منع الصادرات السودانية إلى مصر.

ويرى ناصر أن القاهرة أرسلت معدات عسكرية إلى الصومال، لتغير طريقتها في التعامل مع مصالحها. وهي رسالة مفادها نحن بإمكاننا الانتقال إلى مرحلة التدخل العسكري، لكل طرف إقليمي يهدد الأمن القومي المصري.

يقول خليل إن قوات الدعم السريع ليست موحدة داخليًا ضد قرار حظر السلع السودانية من التصدير إلى  مصر، ويتبناه التيار المتطرف لأنه يشعر بالمرارة من الهزيمة في منطقة جبل موية.