لم تُبدِ موسكو حماساً حيال رغبة الحكومة القائمة في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرق البلاد في ترميم العلاقات بين البلدين والانتقال إلى مرحلة بناء المركز اللوجستي داخل المياه السودانية في البحر الأحمر، طبقاً للخبير الدبلوماسي والسفير السابق بوزارة الخارجية الصادق المقلي.
لم يكن ممثل الجيش السوداني ضمن وفد مالك عقار في روسيا
يقول السفير السابق بوزارة الخارجية، الصادق المقلي، لـ"الترا سودان" إن زيارة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار، إلى روسيا مطلع هذا الشهر ليست زيارة رسمية، بل تمت دعوة السودان إلى منتدى ذات طابع اقتصادي.
وقال المقلي إن البعض حاول إضفاء الطابع الثنائي على زيارة عقار، لكن هذا غير صحيح لأن النقاشات التي جرت بين عقار والمسؤولين الروس جاءت على هامش منتدى سان بطرسبرغ حول موضوع القاعدة العسكرية في البحر الأحمر.
ويرى المقلي أن التصريحات الصادرة من مساعد قائد الجيش، الفريق ركن ياسر العطا، عن استعداد السودان لمنح الصين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية قواعد عسكرية في البحر الأحمر في المياه السودانية، تصريح غريب.
وأردف: "الغريب في حديث العطا أن السعودية دولة تطل على البحر الأحمر".
ويعتقد المقلي أن غياب ممثل الجيش السوداني من وفد مالك عقار الذي زار روسيا كان من أهم الملاحظات، وحُصر تمثيل الوفد في المؤسسات المالية.
ولم يستبعد المقلي أن تتضمن الرسالة التي حملها عقار من البرهان إلى روسيا إشارة إلى التعاون العسكري بين البلدين، والحديث عن التعاون العسكري بين البلدين قديم جداً، خاصة وأن الجيش السوداني يستخدم الصناعات الروسية في الآليات والمعدات العسكرية.
وأضاف: "قبل سنوات، تم توقيع مسودة لإنشاء مركز لوجستي لأربع سفن تحمل رؤوساً نووية، ولا يزيد عدد العناصر العسكرية عن 300 جندي روسي، ويجدد الاتفاق كل 25 عاماً برضا الطرفين، وتم ذلك إبان زيارة البشير إلى موسكو في عام 2017".
وأردف السفير الصادق المقلي: "الاتفاق الذي أبرمه البشير مع بوتين ظل محبوساً في الأدراج، وفات على عقار وياسر العطا أن تنفيذ مثل هذا الاتفاق لا يعني أنه دخل حيز التنفيذ".
يوضح المقلي أن مثل هذه الاتفاقيات من صميم الأمن القومي السوداني ولها تداعيات إقليمية ودولية في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، ولا يمكن أن تتم ببساطة لبعدها الجيوستراتيجي.
ويقول المقلي إن الاتفاقية مع روسيا، حتى لو وقعتها الحكومة التنفيذية، لن تكون سارية دون الحصول على مصادقة المجلس التشريعي أو البرلمان، لأنها تخضع للنقاش داخل المؤسسات التشريعية.
وقال المقلي إن سفير السودان في روسيا لم يفطن لهذا الأمر حينما صرح قائلاً: "الخرطوم لن تتخلى عن التزاماتها ببناء قاعدة روسية في البحر الأحمر، فقط تبقت المسائل الإجرائية".
وأضاف المقلي: "روسيا لم تفوت عليها أهمية هذا الجانب الإجرائي، لأنها تعلم أن هذه الاتفاقيات، لما لها من انعكاسات في الإقليم والمنطقة، لن ترى النور دون مصادقة المجلس التشريعي".
وتابع: "لذلك صرح السفير الروسي في السودان، أندريه تشيرنوفل، بعدم تمكن السودان من إكمال إجراءات المصادقة على إنشاء قاعدة على البحر الأحمر، وهو بالتأكيد يقصد المصادقة من المجلس التشريعي".
وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي زار الخرطوم في عام 2023، قبيل اندلاع الحرب، قد أكد أن الاتفاق بين موسكو والخرطوم بشأن إنشاء مركز لوجستي يقع حالياً في مرحلة التصديق.
ويقول السفير الصادق المقلي إن مخرجات زيارة مالك عقار إلى روسيا تشير إلى أن روسيا ليست متحمسة للمضي قدماً في صفقة المركز اللوجستي في البحر الأحمر في ظل الظروف الراهنة.
المقلي: روسيا تضع في الاعتبار، عند الحديث عن مشروع المركز اللوجستي داخل المياه السودانية في البحر الأحمر، ردود أفعال الولايات المتحدة الأميركية والدول المطلة على البحر الأحم
وقال المقلي إن روسيا تضع في الاعتبار، عند الحديث عن مشروع المركز اللوجستي داخل المياه السودانية في البحر الأحمر، ردود أفعال الولايات المتحدة الأميركية والدول المطلة على البحر الأحمر، وذلك من خلال الكلمة الافتتاحية لوزير الخارجية الروسي في منتدى سان بطرسبرغ.
وأضاف السفير الصادق المقلي: "طلب لافروف في حضور مالك عقار، خلال المحادثات التي جرت بينهما، التطرق إلى آخر التطورات في السودان.
ثم أكمل لافروف حديثه بالقول: "نحن معنيون بالدرجة الأولى بإنهاء الصراع في السودان، ونحن على استعداد للمساعدة بكل الطرق. وقبل عام التقينا بكم في موسكو وكان الوضع مختلفاً في ذلك الوقت".
ويضيف المقلي: "قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الكلمة الافتتاحية بحضور الوفد السوداني برئاسة مالك عقار إن هناك الآن لاعبين خارجيين مؤثرين يعملون بشكل غير متزامن، ونود أن نجمع جهودهم حول قاسم مشترك لمنع بعض القوى أو غيرها داخل السودان من الوقوع في إغراء مواصلة الصراع".
ويعتقد المقلي أن تصريحات وزير الخارجية سيرغي لافروف تؤكد أن صفقة المركز اللوجستي لا تعنيهم من الدرجة الأولى.
وعادت التصريحات الحكومية في السودان بشأن المركز اللوجستي الروسي في البحر الأحمر في الشهرين الأخيرين عقب إعلان السودان التوجه نحو روسيا، مبرراً ذلك للدفاع عن البلاد في الحرب ضد الدعم السريع وإبرام صفقات مع موسكو لتسليح الجيش السوداني.