كلما ضربت أقدام جنود الدعم السريع مقتربةً من أبواب المنازل، يشعر المدنيون في بلدة حجر العسل بولاية نهر النيل شمال السودان بالريبة والقلق، من الانتهاكات والنهب والضرب وإطلاق الرصاص في بعض الأحيان.
قالت الرسالة التي نشرتها مقاومة حجر العسل إن الدعم السريع تستبيح دماء المواطنين وانتقدت صمت الفرقة الثالثة مشاة في شندي
خلت الشوارع من المارة، وانتشرت قوات الدعم السريع التي استعادت البلدة عقب تراجع الجيش بعد معارك المصفاة، في منطقة الجيلي بالخرطوم بحري نهاية الشهر الماضي.
وكانت سكان المنطقة، أشاروا إلى أن قوات الدعم السريع التي أعادت سيطرتها على المنطقة، تنفذ حملات انتقامية خاصة مع مقاطع الفيديو التي انتشرت، عندما وصل الجيش إلى البلدة نهاية الشهر الماضي، وخرج السكان للاحتفال بالانتصارات وتحرير المنطقة.
ونشرت لجان مقاومة حجر العسل، رسالة مفتوحة من أبناء المنطقة إلى قيادة الفرقة الثالثة مشاة في شندي، والتابعة للجيش. يطالبون فيها بتحرك القوات المسلحة لإنقاذ المواطنين في مدينة حجر العسل، من انتهاكات قوات الدعم السريع.
وأشارت الرسالة التي نشرتها لجان المقاومة في المنطقة، إلى إن "المليشيا" استباحت دماء المواطنين في حجر العسل، متسائلةً عما إذا كان الجيش على دراية تامة بما يحدث في المنطقة.
ومضت الرسالة بالقول: "هل تعلمون أن جميع سكان قرى جنوب حجرالعسل، قد نزحو من بيوتهم بعد أن مارست معهم المليشيا شتى أنواع العذاب، قتلو وضُربوا واُحتجزوا حتى أجبروا على النزوح وترك بيوتهم".
وزادت الرسالة: "تعلمون جيدًا ما تقوم بها المليشيا من عمليات قتل وسلب ونهب في منطقة وسط حجرالعسل، وذلك بغرض إجبار إنسان المنطقة على النزوح، ثم التوغل حتى حدودها الشمالية المتاخمة لمدينة شندي".
وكررت الرسالة السؤال: "لماذا تقف القوات المسلحة وتراقب وتكتفي فقط بمتعة المشاهدة؟" ثم أردفت: "لماذا نشعر بأننا طعم يجب أن تأكله الفريسة أولًا، قبل اصطيادها"، ومضت لجان مقاومة حجر العسل بنشرها للرسالة التي طرحت عددًا من الأسئلة مرددة ومخاطبة قيادة الفرقة الثالثة مشاة في شندي: "ما هو السبب الذي يجعلكم تكتفون بالمشاهدة؟ ولماذا كل هذا التجاهل ونحن لدينا فيلق كامل من أبناء المنطقة يتزين بألوان زي الجيش؟".
واتهمت الرسالة الفرقة الثالثة مشاة في شندي، بتجاهل تسليح نحو (500) من أبناء المنطقة حضروا خصيصًا لهذا الأمر، وانتقدت الرسالة عدم انتشار الجيش في مناطق النزوح ومطاردة "المرتزقة"، وإدخالهم إلى الجبال ومن ثم وضع ارتكازات متقدمة ومحاصرة تلك الجبال، على حد قولها.
وختمت لجان مقاومة حجر العسل، وفق نشرها للرسالة بالقول: "نحن لانستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي، وأبناء منطقتنا المستباحة الذين نالوا شرف ارتداء شعار الوطن، يحرسون الخنادق والدفاعات في شتى مناطق السودان وأرضهم تستباح".
تقع محلية حجر العسل والتي تتشكل من حوالي (21) قرية، إضافةً للسوق الرئيسي شمال العاصمة الخرطوم، داخل حدود ولاية نهر النيل. واستحوذت عليها قوات الدعم السريع لأول مرة في آذار/مارس 2024، ضمن معارك وقعت حول مصفاة الجيلي التي تقع داخل حدود ولاية الخرطوم.
نهاية أيلول/سبتمبر 2024 شن الجيش هجمات عسكرية منطلقًا من حدود ولاية نهر النيل نحو المصفاة، وتراجعت قوات الدعم السريع من حجر العسل إلى محيط المصفاة، لحمايتها من العمليات العسكرية.
خسر الجيش معارك المصفاة، وتراجع إلى حدود ولاية نهر النيل تاركًا منطقة حجر العسل وراء ظهره، لتتقدم قوات الدعم السريع نحو البلدة، وتسيطر عليها في 29 أيلول/سبتمبر 2024.ومنذ سنوات تعاني هذه القرى الواقعة في أطراف ولاية نهر النيل، من الفقر والإهمال الحكومي، ويمتهن سكانها الزراعة المحدودة والرعي والتجارة، ولا يرتاد أغلب الأطفال المدارس بسبب الفقر، ويعمل مئات الأطفال في بيع المسكرات على طرق السفر بين الخرطوم ونهر النيل.
وتقع محلية حجر العسل التي جرى تحويلها إلى وحدة إدارية تتبع لمحلية شندي مؤخرًا جنوب الولاية، ويقطنها نحو مائة ألف نسمة، وهي بلدة قريبة من مواقع آثار سودانية تقع في نهر النيل، إلى جانب قربها من ضفاف النيل.