الترا سودان | فريق التحرير
كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن تراجع آمال روسيا في إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان على البحر الأحمر "أحد أكثر الممرات المائية ازدحامًا في العالم" –نقلًا عن مسؤوليْن في الاستخبارات الأمريكية تحدثا إلى المجلة بشرط عدم الكشف عن هويتهما- وفقًا للمجلة.
تقرير لـ"فورين بوليسي": واشنطن تخشى من استخدام موسكو للقاعدة البحرية في استعراض قوتها في مناطق أبعد في المحيط الهندي
وبحسب تقريرٍ نشرته مجلة "فورين بوليسي" ظلّ المسؤولون الأمريكيون يراقبون "عن كثب" الصفقة بين موسكو والخرطوم التي تم الإعلان عنها لأول مرة في أواخر عام 2020. وتمنح روسيا إذا ما تم إبرامها "موطئ قدم إستراتيجي" على البحر الأحمر، حيث يمر حوالي (30%) من حركة الحاويات في العالم سنويًّا.
وقال التقرير إن المسؤولين الأمريكيين يخشون من استخدام موسكو للقاعدة البحرية -التي ستكون الأولى لروسيا في إفريقيا- في "استعراض قوتها في مناطق أبعد في المحيط الهندي".
ويشير التقرير إلى تعارض طموحات روسيا البحرية في السودان مع "الديناميكيات الداخلية المعقدة" داخل القيادة العسكرية السودانية التي استولت على السلطة من حكومة انتقالية بقيادة مدنية في أعقاب انقلابٍ في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي. ويلفت إلى تقاربٍ بين نائب رئيس المجلس العسكري الحاكم في البلاد الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" وبين موسكو، مبيّنًا أن قائد الانقلاب ورئيس الدولة الفعلي الجنرال عبدالفتاح البرهان يسعى إلى "تجنّب تنفير الغرب" وحلفائه الرئيسيين الآخرين في المنطقة بما فيهم مصر.
ونقلت "فورين بوليسي" عن مسؤول استخباراتي أمريكي قوله: "إنهم [يقصد المسؤولين السودانيين] مترددون جدًا في منحهم الوصول إلى هذا الميناء". وأضاف المسؤول: "إنهم يواصلون المحاولة والتأخير والقيام بتكتيكات التأخير"، ويتابع: "نحن نرى أنه من غير المرجح أن يتم إبرام صفقة بورتسودان في أيّ وقت في المستقبل القريب وأن روسيا من المحتمل أن تبحث عن خيارات أخرى إذا لم تنجح صفقة بورتسودان" – طبقًا للمجلة.
ويشير التقرير إلى "النجاحات الكبيرة" التي حققتها روسيا في إفريقيا في السنوات الأخيرة كجزء من طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتوسيع نفوذ بلاده في العالم على الرغم من "تضاؤل قوتها الناعمة واقتصادها الضعيف". ويضيف التقرير: "حتى مع قيام موسكو بصب مواردها العسكرية في غزوها الفاشل لأوكرانيا، فقد وسّعت من انتشارها في المناطق غير المستقرة ومناطق الصراع في إفريقيا، بما في ذلك مالي وليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى".
ويقول التقرير إن موسكو استفادت من مبيعات الأسلحة و"حملات التضليل" ومجموعة فاغنر "المرتزقة" التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها "وكيل للجيش الروسي" - مما يمنح الكرملين تأثيرًا خارجيًا بالنسبة لاستثماراته الأجنبية المباشرة الصغيرة في القارة.
ونقلت المجلة عن مدير الأبحاث في مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية جوزيف سيجل قوله في جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوم الخميس الماضي: "يمكن القول إن روسيا اكتسبت نفوذًا في إفريقيا على مدى السنوات العديدة الماضية أكثر من أيّ جهة خارجية أخرى".
وتذبذبت المناقشات حول القاعدة البحرية الروسية في السودان على مر السنين، مما دفع بعض المحللين إلى التساؤل عما إذا كانت بالفعل "خارج الطاولة". ونقلت "فورين بوليسي" تصريحًا لسيجل قال فيه: "أعتقد أن ما يحاول الجيش السوداني القيام به هو اللعب مع جميع الأطراف"، مضيفًا: "إنهم يريدون مغازلة الروس، لكن في الوقت نفسه، أعتقد أن الجيش يدرك أن الروس لا يعطون الكثير، وأن أيّ أموال أو استثمارات ستأتي مع المانحين الغربيين".
وبحسب المجلة، لم ترد السفارة السودانية في واشنطن على طلبٍ للتعليق. ولكن نقلت المجلة عن متحدث باسم الخارجية الأمريكية قوله: "المضي قدمًا في مثل هذه الاتفاقية البحرية أو أيّ شكل آخر من أشكال التعاون الأمني مع روسيا سيعزل النظام العسكري السوداني ويقوض الاستقرار في القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر".
ويشير التقرير إلى بدء المحادثات بين بوتين والرئيس السوداني السابق عمر البشير حول التفاوض على وجود بحري روسي محتمل في السودان في عام 2017. لكن بعد الإطاحة بالبشير بانتفاضة شعبية في عام 2019، تم تجميد الصفقة في الوقت الذي سعت فيه الحكومة الانتقالية إلى إنهاء العزلة الدولية المفروضة على البلاد. وفي أواخر عام 2020، نشرت موسكو من جانبٍ واحد نسخةً من اتفاقية إنشاء القواعد التي تبلغ مدتها (25) عامًا "في محاولة واضحة لإجبار السودان على المضي قدمًا في الصفقة" – وفقًا للمجلة.
تسمح الاتفاقية لموسكو بالاحتفاظ بما يصل إلى أربع سفن حربية على ساحل البحر الأحمر في مقابل تزويد السودان بمعدات عسكرية ومساعدات حكومية أخرى
وكانت النسخة المنشورة من الاتفاقية تسمح لموسكو -بحسب "فورين بوليسي"- بالاحتفاظ بما يصل إلى أربع سفن حربية على ساحل البحر الأحمر السوداني في مقابل تزويد السودان بمعدات عسكرية ومساعدات حكومية أخرى.