25-مايو-2024
مصفاة الجيلي

تعد مصفاة الجيلي المصفاة الأكبر في السودان

بعد استشهاد ملازم أول محمد صديق وعدد من ضباط الجيش في معركة منطقة الجيلي بالخرطوم بحري، اندلعت موجة غضب عبر منصات التواصل الاجتماعي تدين مقتلهم واعتقالهم من قبل قوات الدعم السريع. تداول المستخدمون وسم "تدمير مصفاة الجيلي"، والجيلي هو الاسم الشعبي لمصفاة الخرطوم. الضغط دفع القوات المسلحة لتكثيف هجماتها على المصفاة. ففي حال تدمير مصفاة الجيلي، ما هي الآثار والتداعيات المترتبة لذلك على الاقتصاد السوداني؟

وتقول رئيسة القسم الاقتصادي بصحيفة التيار السودانية، سعدية صديق، إن مصفاة الجيلي قومية وتضخ إلى جميع مناطق الدولة وتكفي الحاجة الكلية للناس. وأضافت أن تدمير المصفاة سوف ينعكس على المجتمع بشكل مباشر، وعدم استقرار أسعار الوقود في البلاد.

آثار اقتصادية

وأشارت سعدية في حديثها مع "الترا سودان" إلى أن تدمير مصفاة الجيلي سوف يجعل الدولة تتجه إلى الوقود المستورد الذي يتحكم بدوره في سعر الصرف والدولار والسوق الموازي والتضخم. وأضافت أن ذلك ينعكس بشكل مباشر على محطات الوقود، حيث أصبحت 95% من المحطات في الولايات غير مستقرة في العمل، بالإضافة إلى أن خروجها عن الخدمة أدى إلى انعاش السوق الموازي بشكل كبير. ووصفت سعدية ما يحدث بأنه "حالة كارثية".

خبير: تدمير المصفاة بالكامل سيعني خسارة السودان لأكثر من مليار دولار

وترى رئيسة القسم الاقتصادي بصحيفة التيار السودانية، أن زيادة أسعار المحروقات تؤثر على جميع جوانب الحياة في المجتمع، سواء كانت على الأدوية أو السلع الاستهلاكية والمحاصيل وغيرها. واعتبرتها سلسلة غلاء قادمة وانعكست حاليًا على الأسواق بشكل وصفته بـ"المخيف"، وعزت ارتفاع السلع والخدمات إلى تذبذب أسعار الوقود في البلاد.

وأوضحت سعدية أن ارتفاع سعر الوقود انعكس على تعرفة تذاكر السفر، فتعرفة التذاكر عبر الباصات السفرية من السودان إلى القاهرة ارتفعت من حوالي 35 - 50 ألف جنيه سوداني إلى حوالي 200 - 300 ألف جنيه سوداني، بالإضافة إلى الزيادة الكبيرة في أسعار الأدوية بنسبة 500%. وقالت إن ذلك له تأثير على الاقتصاد السوداني وعلى المواطن والمجتمع، ومن المتوقع أن يكون التأثير الأكبر في المستقبل إذا لم توفر الدولة حلولًا لهذه الأزمة، حيث سيكون لهذا الأمر تأثيرًا كبيرًا في ظل عدم استقرار أسعار المحروقات، طبقًا لسعدية صديق.

خسائر واحتياجات

ويشير الخبير الاقتصادي عبدالعظيم المهل إلى أهمية مصفاة الجيلي للبترول في السودان، حيث تمد البلاد بالبنزين والجازولين والغاز الذي يستخدم في الزراعة والصناعة والخدمات. وأضاف أن المصفاة تلبي أكثر من 50% من احتياجات السودان، وقد يصل بعضها إلى أكثر من 60%، بينما يتم استيراد الباقي.

ويعتقد المهل، في حديثه مع "الترا سودان"، أن في حال تدمير المصفاة بالكامل سيعني خسارة السودان لأكثر من مليار دولار، قيمة المصفاة، بالإضافة إلى تأثيرها على نجاح الموسم الصيفي والصناعة والنقل والترحيل، مما يجعل الأثر مركبًا، وسيؤدي إلى ارتفاع أسعار النقل والترحيل وزيادة معاناة المواطنين.

وقال الخبير الاقتصادي إنه قد تم استهداف الخط الناقل فقط حتى الآن، وكثير من تقارير المختصين تؤكد أن قلب المصفاة سالم ولم يتم ضربه. وأضاف: "ضرب الخط الناقل يقلل من حجم الضرر ويمكن إصلاحه".

خارج الخدمة

أما الخبير الاقتصادي أبو القاسم إبراهيم، فيقول إن مصفاة الجيلي ليس لها أي تأثير على اقتصاد السودان بسبب خروجها عن دائرة الاقتصاد بشكل كامل منذ 13 أبريل/نيسان بعد احتلالها من قبل قوات الدعم السريع التي كانت تحرسها ضمن المواقع الاستراتيجية، وقامت باحتلالها وأصبحت منذ ذلك الوقت خارج دائرة الاقتصاد السوداني.

ويرى إبراهيم، في حديثه مع "الترا سودان"، أن السودان يستهلك حوالي 3200 إلى 3500 طن من الوقود سنويًا. وكل ثلاثة أشهر عبر عطاءات يتم استيراد الوقود وتخزينه في مستودعات الجيلي والشجرة بالعاصمة الخرطوم. وأكد على وجود كميات ضخمة من الوقود داخل هذه المستودعات، متهمًا الدعم السريع بالمتاجرة بالمحروقات التي تخزن في مصفاة الجيلي وتنقلها إلى جميع المناطق التي تسيطر عليها، سواء كانت في الخرطوم أو خارجها، عبر سيارات الوقود المعروفة بـ"التناكر".

توقع خبير اقتصادي وجود بعض الخسائر في قطاع النفط يتأثر بها الاقتصاد السوداني بعد الحرب في حال تدمير مصفاة الجيلي

وتوقع الخبير الاقتصادي وجود بعض الخسائر في قطاع النفط يتأثر بها الاقتصاد السوداني بعد الحرب في حال تدمير مصفاة الجيلي، وقال إنه إذا شعر الدعم السريع بأنه سيفقد المصفاة، سيقوم بتدميرها، ومن المؤشرات على ذلك أنه تم ضبط أكثر من 158 عبوة عجينة متفجرة و200 جوال من المواد شديدة الانفجار. وقبل شهرين ضبطت في مدينة بورتسودان مجموعة ضخمة من كراتين العجينة المتفجرة وبعض المواد التي تستخدم في التفجير. وقال إن ذلك يدل على أن الدعم السريع في حال تضييق الخناق عليه في الخرطوم، سيقوم بتفجير ما تبقى من المؤسسات الاستراتيجية والحيوية.

مصفاة الجيلي

تعرف مصفاة الخرطوم باسم "مصفاة الجيلي" نسبة للمنطقة التي أقيمت فيها شمال العاصمة الخرطوم. ومصفاة الجيلي هي واحدة من أبرز المنشآت النفطية في السودان، وتعد أكبر مصفاة لتكرير البترول في البلاد. تمتد المصفاة عبر خط أنابيب للتصدير يصل إلى ميناء بشائر على ساحل البحر الأحمر شرقي السودان، على مسافة تبلغ (1610) كيلومتر، ضمن واحد من أكبر خطوط الأنابيب في أفريقيا.

تنتج مصفاة الجيلي في الظروف الطبيعية حوالي 10 آلاف طن من الجازولين، و4500 طن من البنزين، و800 ألف طن من غاز الطهي

وترتبط المصفاة بآبار النفط في ولايات غرب وجنوب كردفان، حيث ساهمت سيطرة قوات الدعم السريع على عدد من الحقول في هذه الولايات، بما في ذلك حقل بليلة في ولاية غرب كردفان، في تقليص إمدادات الخام للمصفاة وتقليل سعتها التكريرية بشكل كبير.

تنتج مصفاة الجيلي في الظروف الطبيعية حوالي 10 آلاف طن من الجازولين، و4500 طن من البنزين، و800 ألف طن من غاز الطهي. وعلى الرغم من ذلك، كانت قبل الحرب تعمل بأقل من طاقتها القصوى المقدرة بـ 100 ألف برميل في اليوم.