إنها وسيلة المواصلات الأشهر في شرق أفريقيا. ستجدها في جنوب السودان، ويوغندا، وكينيا، ورواندا، وسائر دول المنطقة، حيث يستخدم المواطنون الدراجات النارية كوسيلة مواصلات. البودا بودا هي مركبة أجرة تسمح براكب واحد أو أكثر "لو النفوس اتطايبت" وسمحت قوانين البلد المعني. إنها مصدر رزق الملايين من الشباب الأفريقي الذي لا يجد وسيلة أخرى لكسب العيش سوى الدراجات النارية. هي رخيصة الثمن وسريعة الحركة في الشوارع المزدحمة حد التخمة بشتى أنواع المركبات في المدن المطيرة الساحرة في قلب القارة السمراء.
البودا بودا، ويطلق عليها أيضًا "بيكي بيكي" في كينيا، هي مركبات للأجرة، وهي عبارة عن دراجات نارية يقودها أصحابها لتوصيل الناس إلى وجهاتهم المختلفة
البودا بودا، ويطلق عليها أيضًا "بيكي بيكي" في كينيا، هي مركبات للأجرة، وهي عبارة عن دراجات نارية يقودها أصحابها لتوصيل الناس إلى وجهاتهم المختلفة. ويغلب على أصحابها صغر السن والفقر المدقع الذي يدفعهم للتكسب من هذه المهنة الخطرة، والتي تظهر آثارها في وجوههم التي تحمل علامات حوادث سابقة وإصابات في الرأس والأطراف.
إن وجودها في كل مكان في مدن شرق أفريقيا هو نتيجة لعدد من العوامل، حيث يتزايد الطلب على وسائل النقل العام الرخيصة والسريعة في الشوارع المتهالكة المزدحمة، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب. توفر بودا بودا خيارات النقل للركاب وفرص العمل للسائقين، بينما تؤدي في نفس الوقت إلى زيادة مخاطر الطرق والاصطدامات والإصابات والوفيات، فضلًا عن الجريمة.
مواصلات خطرة
حسن محمد، لاجئ سوداني في كمبالا، فرّ من الخرطوم التي لا تعرف البودا بودا ليطيب له المقام في أوغندا التي استقبلت الكثير من السودانيين بصدر رحب. يقول لـ"الترا سودان": "لم أتعود على ركوب الدراجات النارية في السودان. كنت أراها خطرة بالنسبة للتنقل اليومي، وتغني عنها حافلات مواصلات الخرطوم العامة، لكن هنا في أوغندا، لا مناص من البودا بودا في التنقل لجميع أنواع المسافات القصيرة والمتوسطة، وحتى إلى المدن القريبة".
يرجع محمد الاعتماد على البودا بودا لرخص التعرفة، حيث لا يمكن أن تتجاوز ما يعادل دولارين أو ثلاثة إلا في حالات نادرة. كما أنه يرى في سرعتها بالنسبة للسيارات الخاصة ومركبات المواصلات ميزة أخرى تدفع الناس للجوء إلى تاكسي الدراجات النارية.
لاجئ سودان: سائقو البودا بودا محترفون في معالجة الطرقات المتهالكة والازدحامات، ويعرفون من أين يمكن الوصول في أسرع وقت ممكن، ولكن كل ذلك دون وضع أي اعتبار للسلامة والأمان
يوافقه صديقه عثمان عوض الله الذي يؤكد أنه لم يركب أي نوع من أنواع سيارات المواصلات العامة منذ لجوئه إلى أوغندا أواخر العام الماضي. يقول لـ"الترا سودان": "سائقو البودا بودا محترفون في معالجة الطرقات المتهالكة والازدحامات، ويعرفون من أين يمكن الوصول في أسرع وقت ممكن، ولكن كل ذلك دون وضع أي اعتبار للسلامة والأمان".
يحكي السودانيون في أوغندا قصص حوادث وإصابات على ظهر البودا بودا تحدث بشكل متكرر، ويذكرون حالة موت سوداني في تصادم بودا بودا بسيارة أسفر عن مقتله، ونشر الحزن وسط أصدقائه والجالية السودانية في كمبالا.
جرائم البودا بودا
ولأن معظم أصحاب البودا بودا هم من الطبقات الفقيرة في المجتمع، تنتشر الجريمة المرتبطة بهذه المواصلات العامة. ويمتهن بعض أصحابها الجريمة المنظمة ضمن العصابات المنتشرة في المدن الكبيرة، وحتى الصغيرة هناك؛ فالفقر مُلحّ في أدغال أفريقيا.
طريقة إجرام مشهورة لأصحاب البودا بودا، بأن ينحرف سائق المركبة إلى طريق جانبي خالٍ من المارة، بحجة أنه شارع مختصر، لينتظر الراكب هناك بقية العصابة من أصحاب البودا بودا
يحكي حسن محمد عن طريقة إجرام مشهورة لأصحاب البودا بودا، بأن ينحرف سائق المركبة إلى طريق جانبي خالٍ من المارة، بحجة أنه شارع مختصر، لينتظر الراكب هناك بقية العصابة من أصحاب البودا بودا، والذين يجتمعون لنهب كل شيء من الراكب المغلوب على أمره.
طريقة نهب أخرى يعتمدها أصحاب البودا بودا تعتمد على خطف المحمول من يد الضحية، لا سيما أثناء الدفع عبر تطبيقات الهواتف الذكية. في لحظة واحدة، يجد الشخص نفسه مجردًا من هاتفه الذي يحوي كل شيء مهم في شرق أفريقيا التي تعتمد بشكل متزايد على التطبيقات البنكية بأنواعها ووسائل الدفع عبر شبكات الاتصالات.
سبل الحماية
لا مناص من ركوب البودا بودا في شرق أفريقيا، فهي وسيلة المواصلات الأساسية في دول هذه المنطقة، ولكن يمكن اتباع التعليمات التالية لتقليل المخاطر:
- شراء خوذة خاصة لارتدائها عند ركوب البودا بودا لأنها وسيلة الحماية الرئيسية أثناء الحوادث المحتملة.
- معرفة الطريق المؤدي إلى وجهتك والتمسك باستخدام الطرق الرئيسية والمزدحمة بالمركبات والمارة.
- الدفع نقدًا لصاحب البودا بودا وعدم إخراج الهاتف بطريقة تجعله معرضًا للخطف.
- ارتداء حقائب الظهر وليس تلك التي تحمل في اليد التي يسهل خطفها أثناء التنقل في المدن.
- الأفضل استئجار مركبات التاكسي عبر التطبيقات أثناء التنقل ليلًا أو استخدام حافلات النقل العامة أو حتى تطبيقات مركبات البودا بودا الآمنة.
- التنقل مع صديق أو أكثر ما أمكن ذلك.
ختامًا، البودا بودا تسهّل حياة الناس، لا سيما اللاجئون منهم والمهجرون إلى شرق أفريقيا بسبب الحرب في السودان، هؤلاء في حالات كثيرة قد لا يملكون ترف شراء سيارة خاصة أو التنقل بالتاكسي غالي الثمن بطيء الحركة في الشوارع المزدحمة للمدن الكبرى. ولكن في ظل الحوادث الكثيرة والجرائم المروعة المرتبطة بها، أصبح الحذر ضرورة عن ارتياد هذه الدراجات النارية، خصوصًا بالنسبة للسودانيين الذين لم يتعودوا على مثل هذه المركبات ثنائية العجلات بقادتها المتهورين.