قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، في حديث لـ"الترا سودان"، إن الصراعات القبلية في بعض المناطق في البلاد ليست أمرًا جديدًا، وأرجعها لتعقيدات اجتماعية قال إنها "معروفة".
وأضاف العميد نبيل عبدالله لـ"الترا سودان"، أن الصراعات هي امتداد لممارسات سياسية في عهود سابقة ساهمت في إحياء النعرات القبلية والنزعات الجهوية، خصوصًا في دارفور. وتابع: "أما بالنسبة للأحداث التي تجري في النيل الأزرق؛ هذا أمر جديد وربما كان للعامل السياسي علاقة بذلك. وفي كل الأحوال، فالقوات المسلحة تتعامل مع هذه الحالات المزعجة وتنظر إليها كمهددات تؤثر على الأمن الوطني السوداني"، بحسب تعبيره.
الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد الركن نبيل عبدالله لـ"الترا سودان": الصراعات القبلية في بعض المناطق في البلاد ليست أمرًا جديدًا
وكانت وزارة الصحة الاتحادية قد أعلنت مقتل حوالي (80) شخصًا في نزاع قبلي شمل مناطق واسعة من إقليم النيل الأزرق، فيما نزح الآلاف تجنبًا للاشتباكات المسلحة.
ونفى العميد عبدالله الاتهامات التي وجهت للقوات المسلحة والأجهزة النظامية بأنها تقف وراء الانفلات الأمني، مشيرًا إلى أن هذه الاتهامات مردودة على أصحابها وغير منطقية. قائلًا في حديثه لـ"الترا سودان"، إن الدولة لا يمكن أن تتسبب في توترات واضطرابات تعرض أمنها الوطني للخطر وتهدد بقاء الدولة نفسها، وزاد: "هذا أمر ينبغي أن لا يخطر ببال أي محلل أو مجتهد أو باحث أو ناشط في الشأن السياسي، لأنه ببساطة إذا سلكت الدولة هذا المسلك لن تجد من تحكمه".
يذكر أن عضو مجلس السيادة السابق، ونائب رئيس لجنة تفكيك التمكين، محمد الفكي سليمان، كان قد اتهم السلطات بأنها تتلاعب باستقرار الناس وحياتهم من أجل تحقيق مكاسب سياسية، مشيرًا في تدوينة له على صفحته بوسائل التواصل، إلى أن ذلك سيقود إلى حريق شامل في البلاد لن يبقي وراءه أي ميادين صالحة للتنافس السياسي المدني.
وقال الفكي إن انتقال الصراع الإثني بصورة عنيفة وسريعة من مدينة لأخرى، يوضح أن الأمر مخطط له بدقة، وليس تنادٍ عفوي لمجموعة من الغاضبين. وتابع: "إن التدمير الممنهج لسلمية الثورة ونقلها لمربع العنف حتى يتسنى فرض حالة الطوارئ والتعامل العنيف مع المحتجين، لن ينتج عنه استقرار. فقد أكدت ثورة ديسمبر عبر حراكها السلمي لسنوات أن أهدافها واضحة، وهي مدنية الدولة والانتقال للحكم الديمقراطي، وفي سبيل ذلك قدمت مئات الشهداء". مؤكدًا أن السلمية هي "منجاة هذه البلاد" بجانب الحل السياسي الشامل وإنهاء الانقلاب وعودة العسكر لثكناتهم - على حد قوله.
من جانبه شدد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد نبيل عبدالله، على أن الاتهام الموجه للقوات النظامية مردود وغير منطقي، مشيرًا إلى عدد من الإجراءات التي اتخذتها السلطات لوضع حد للصراعات.
وأشار إلى أنه من المعروف أن القوات النظامية كلها لها انفتاح "انتشار" في كل بقاع السودان، وأن مهمتها الأساسية والتي ظلت تمارسها على الدوام هي حفظ الأمن، وأن إجراءات حفظ الأمن هي بطبيعتها مستمرة ولم تتوقف للحظة واحدة، وتابع: "لكن في كثير من الأحيان تطرأ متغيرات تنعكس على الحالة الأمنية في أي منطقة، وتتزايد وتيرة هذه الإجراءات، ومنها زيادة حجم القوات، أو تحريكها من مكان لآخر بالسرعة المطلوبة، وهذا ما حدث فيما يختص بأحداث النيل الأزرق".
وأوضح العميد الركن، أن القوة الموجودة في المنطقة تعاملت مع الأحداث منذ اللحظات الأولى، وأنه بعد ذلك تدخل الجيش بدفع بتعزيزات مناسبة ساعدت على السيطرة على الأوضاع في زمن مناسب.
من جانبه أوضح المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير في بيان له حول التطورات السياسية والأمنية في البلاد - أوضح أن هنالك جذور تاريخية لا يمكن إغفالها في الأحداث الأمنية الأخيرة، إلا أنه اتهم السلطة الحالية بأنها قدحت شرارة الأحداث، قائلًا إن مفاقمتها يجد أصله في غياب المشروع الوطني لدى ما أسماها البيان بـ"سلطة الانقلاب".
وأعلنت قوى الحرية والتغيير إن السلطة الحالية تسعى للاستنصار بسلاح إثارة النعرات الجهوية والقبلية لفقدانها أي سند سياسي شعبي، وزاد البيان: "كما تشعل الحرائق المتعمدة لتنشر فكرة مفادها أن على شعب السودان الثائر مقايضة حريته وقضايا ثورته بالاستقرار والأمن، والحقيقة هي أن الاستقرار الحقيقي لن يحدث إلا بهزيمة هذا الانقلاب وإقامة سلطة مدنية تعبر عن هذا الشعب و تطلعاته، و تسهر على جعل قضايا أمنه وازدهاره على قمة أولوياتها لا أن تفرط فيها لأي سبب كان".
وفي السياق، حمَّل القيادي الناشط من قبيلة الهوسا بولاية كسلا، نجم الدين رمضان - حمَّل والي الولاية مسؤولية الأحداث المؤسفة التي شهدتها المدينة أمس، وكشف رمضان في تصريح لـ"الترا سودان"، أن الوالي لم يستقبل الجماهير التي جاءت من أجله تسليمه مذكرة احتجاجية على ما يجري بالنيل الأزرق، حيث خرج من الباب الخلفي، وتابع: "ثم جاءت الشرطة لتفض الناس من أمام مبنى الحكومة بالقوة، وسقط أحد الشباب في الحال أمام إخوته. هذا ما أثار حفيظة الشباب، ونتج عنه الحرق والتهشيم والدمار في المؤسسات العامة".
ناشط من الهوسا بولاية كسلا: والي الولاية كان من المفترض أن يأتي ويبدي تعاطفه مع أبناء الهوسا
وأوضح نجم الدين أن أبناء الهوسا خرجوا نصرة لأهلهم في الدمازين، وذهبوا واحتشدوا ليأتي المسؤولون لمخاطبتهم. وأشار إلى أنهم اضطروا للذهاب أمام مبنى أمانة الحكومة حتى يخاطبهم الوالي، الذي كان يفترض أن يأتي ويبدي تعاطفه معاهم ويطيب خاطرهم ويتسلم المذكرة.
وبعد رفض الوالي ومحاولة فض التجمع بالقوة، يقول رمضان بأن دائرة العنف اتسعت، وذهب بعض الناس كرد فعل لمبنى المحلية وأحرقوا إدارة التجارة والتموين ومبنى المحلية، ومن بعد ذلك التعامل الأمني مع الحشود أدى لسقوط أربعة شهداء وجرح العشرات، على حد قوله.