قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، اليوم الثلاثاء، إن "الحرب الكارثية غير مبررة التي يشهدها السودان، والناجمة عن صراع وحشي على السلطة، قد نتج عنها آلاف القتلى وتدمير آلاف المنازل والمدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات الأساسية، والنزوح الجماعي وكذلك العنف الجنسي"، لافتًا إلى أن هذه الأفعال "قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب".
أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقه من تفاقم الأوضاع نتيجة استغلال المليشيات المسلحة لحالة الفوضى المقترنة بالإفلات من العقاب
وذكر تورك أن "لدى مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع قد اقترفت انتهاكات جسيمة للقانون الدولي خلال النزاع الجاري"، بما في ذلك انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان – وفقًا لتورك الذي شدد على ضرورة أن يخضع الجناة للمحاسبة.
وأعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك عن قلقه البالغ من تفاقم الأوضاع نتيجة استغلال "مليشيات وجهات مسلحة انتهازية أخرى" لما وصفها بحالة الفوضى العارمة المقترنة بالإفلات من العقاب في السودان.
وتشمل المناطق الأكثر تضررًا من الصراع الجاري –وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان– الخرطوم والمناطق المجاورة ومدينة الأبيض في شمال كردفان ومناطق في إقليم دارفور ولا سيما غرب دارفور، حيث تحمل الاعتداءات على المدنيين "طابعًا عرقيًا" – بحسب المفوضية.
وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الأرقام المبدئية تشير إلى مقتل ما يزيد عن أربعة آلاف شخص حتى الآن، بينهم المئات من المدنيين، بما في ذلك (28) عاملًا في المجال الإنساني والصحي و(435) طفلًا. ولفتت إلى صعوبة تحديد عدد القتلى بدقة نتيجة شدة الصراع الدائر وصعوبة جمع رفات العديد من القتلى وتحديد هوياتهم ودفنهم.
وأشار المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى مقتل العديد من المدنيين خلال مقاومتهم لمحاولات نهب منازلهم أو اغتصاب نسائهم وبناتهم من قبل قوات الدعم السريع، موضحًا أن العديد من المدنيين قُتلوا خلال تبادل إطلاق النار بين طرفي الصراع أو نتيجة سقوط قذائف على منازلهم. "وفي غرب دارفور، تعرض أناس للقتل في منازلهم أو أثناء محاولتهم الوصول إلى مناطق آمنة سواء في مدينة الجنينة أو على الطريق إلى تشاد" – أردف تورك.
وأضاف تورك: "تلقى مكتبي تقارير موثقة عن (32) حالة عنف جنسي بحق (72) ضحية حتى تاريخ 2 آب/أغسطس، من بينها (28) حالة اغتصاب". ووفقًا لتورك، تورط رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع في ارتكاب ما لا يقل عن (19) حالة. ويُرجح أن عدد الحالات أكبر بكثير من الرقم المذكور – بحسب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
وأوضح المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن المئات من الأشخاص، بما في ذلك ناشطون سياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، تعرضوا للاعتقال التعسفي من قبل طرفي الصراع. وفي الخرطوم لوحدها، سُجل اختفاء ما يزيد عن (500) شخص، بما في ذلك (24) امرأةً حتى نهاية تموز/يوليو الماضي، فيما تعرض العديد من المعتقلين لسوء المعاملة وفي بعض الحالات للتعذيب – وفقًا للمفوضية.
ومنذ أيار/مايو الماضي تضاعفت حالة انعدام الأمن الغذائي تقريبًا –بحسب المفوضية– مما أثر على أكثر من (20.3) مليون شخص، بما في (700,000) طفلًا أصبحوا معرضين لخطر سوء التغذية الحاد والموت.
وبحسب المفوضية، نزح أكثر من أربعة ملايين شخص جراء الصراع في السودان، وغالبيتهم يعيشون في "ظروف إنسانية مزرية"، مما يجعل النساء والفتيات في معسكرات اللجوء ومواقع النزوح أكثر عرضة للاستغلال الجنسي – وفقًا للمفوضية.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن الشهود الذين أجريت معهم مقابلات من قبل مكتبه اتهموا طرفي الصراع بحرمان المدنيين من الممرات الآمنة للهروب من القتال أو إجلاء الجرحى، ولا سيما في جنوب الخرطوم وشرق النيل وأم درمان. وفي مدينة الجنينة منعت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها إجلاء الجرحى إلى المرافق الصحية – بحسب تورك.
وقال المسؤول الأممي لحقوق الإنسان: "يتوجب على طرفي الصراع وقف القتال فورًا، واستئناف المحادثات السياسية، والامتثال لالتزاماتهم القانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، ولا سيما مبادئ التمييز والتناسب والحيطة أثناء العمليات العسكرية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية". وأضاف: "يتوجب على طرفي الصراع التحقيق في جميع الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي وقعت خلال الصراع الجاري، وفقًا للمعايير الدولية ذات العلاقة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات".
حث المسؤول الأممي المجتمع الدولي على زيادة الضغوط السياسية والاقتصادية على طرفي الصراع لوقف القتال فورًا
وحث المسؤول الأممي المجتمع الدولي على زيادة الضغوط السياسية والاقتصادية على طرفي الصراع لوقف القتال فورًا، وزيادة الدعم المالي للوكالات الإنسانية التي تعمل على معالجة الأزمة الإنسانية الناجمة عن الصراع في السودان، بما في ذلك أزمة اللجوء والنزوح.
وفي سياق متصل، دعا قادة الوكالات الإنسانية الدولية النشطة في السودان إلى إنهاء "المأساة" الناتجة عن الحرب الدائرة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني منذ منتصف نيسان/أبريل الماضي. وشددوا في بيان مشترك على ضرورة إيقاف القتال من أجل حماية المدنيين.