هل يمكن وصف تصريح مساعد القائد العام، وعضو المجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن ياسر العطا، عن اقتراب تكوين حكومة جديدة قد يعلن عنها قائد الجيش في العاصمة الإدارية بورتسودان، مجرد رسائل للأطراف الدولية أم أن القوات المسلحة ستمضي في ذات الاتجاه؟
باحث: تصريحات العطا بالونة اختبار ورسائل مباشرة للولايات المتحدة
حسب تصريحات ياسر العطا خلال مقابلة تلفزيونية مع "العربية" و"الحدث" التي بثت السبت، فإن قائد الجيش قد يعلن تشكيل حكومة جديدة في بورتسودان خلال الفترة القادمة، في خطوة ستؤدي ربما إلى تطورات غير متوقعة في حرب السودان.
تكوين حكومة في بورتسودان أو التلويح بهذا الخيار، لم يعد أمرًا طارئًا، لأن القوات المسلحة لوحت بذلك منذ الشهرين الأولين للقتال منتصف العام الماضي، قبل أن يتم التراجع عنه تحت ضغوط دولية وتهديدات من قائد الدعم السريع بالمضي في ذات الخيار في مناطق سيطرته، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
المبررات التي يدفع بها تيار تكوين الحكومة من داخل المؤسسة العسكرية، أو حتى الأحزاب المتحالفة معها، الحفاظ على الوضع الاقتصادي من الانهيار الكامل عن طريق حكومة قادرة على استقطاب التمويل الدولي، وتوقيع الاتفاقيات مع بعض الدول مع الاستمرار في الحرب، دون إغلاق باب التفاوض إن لزم الأمر وفق ما يقول مصدر تحدث لـ"الترا سودان".
العطا في تصريحات مضى إلى أبعد من ذلك، متحدثًا عن دراسة السودان طلب روسي لإنشاء نقطة تزويد في البحر الأحمر، دون أن يفصح عن تفاصيل الطلب الذي تقدمت به موسكو، ويمكن قراءة خيار إعلان حكومة في بورتسودان ضمن سياق علاقات جديدة قد يتخذها السودان دوليًا، عبر المحور الروسي الإيراني وتركيا إلى حد ما.
ويقول الباحث السياسي أحمد مختار لـ"الترا سودان"، إن تصريحات العطا "مجرد بالونة اختبار"، لأن الحكومة القائمة نفسها مستمرة منذ ثلاث سنوات، وهو أراد بث رسائل داخلية وخارجية والتلويح بأن الجيش لديه خيارات ولن يقف عند حدود خيارات معينة.
ويرى مختار أن الوضع الحالي لا يسمح بتكوين حكومة في أي منطقة، تحت سيطرة الجيش أو الدعم السريع أو مناطق الحركة الشعبية شمال أو مناطق سيطرة حركة عبد الواحد نور، لأن السودان يعاني من "تعنيف الوضع السياسي" أي تعدد المجموعات المسلحة مقابل تراجع دور القوى المدنية.
وأضاف: "الحكومة القائمة في بورتسودان لا تحظى بالاعتراف من الاتحاد الإفريقي، وجمدت عضوية السودان منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، ولا تزال عضوية السودان معلقة، بالتالي تكوين حكومة أحادية دون المرور عبر باب الحل السلمي للحرب، مما يعني صب المزيد من الزيت على النار".
وكانت وزارة الخارجية طلبت من إثيوبيا العمل على فك تجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي، لما لها من تأثير على المجتمع الإقليمي.
ويقول المحلل السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان"، إن تأكيد ياسرالعطا على اقتراب تكوين حكومة في مناطق الجيش رسائل مباشرة تجاه الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، باعتبارهما الأقرب من المجتمع الدولي فيما يخص الشأن السوداني.
وتابع عبد الله: "في سياق تصريحات ياسر العطا اتهم فرنسا بالعمل على تكوين دولة جديدة لعرب الشتات في إقليم دارفور بإسقاط الفاشر، وهي رسالة تعني أن حدث ذلك فإن الجيش سيتوجه كليًا نحو المعسكر الروسي الصيني الإيراني، لأنه ذكر أيضًا أن المقابل في منح نقطة تزويد لموسكو في البحر الأحمر سيكون السلاح والذخائر".
التصريحات ربما قد تحدث على أرض الواقع، لكن سينتظر الجيش مدى تفاعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع هذه التطورات
وأردف مصعب عبد الله: "التصريحات ربما قد تحدث على أرض الواقع، لكن سينتظر الجيش مدى تفاعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع هذه التطورات، والتي تعد تحولًا خطيرًا خاصة تكوين دولة في غرب البلاد".
ويعتقد مصعب عبد الله أن القوات المسلحة إن كونت حكومة بالفعل، قد يجلب لها ذلك موقفًا دوليًا وقطيعة مع الولايات المتحدة الأميركية، التي قدمت دعمًا دبلوماسيًا للجيش من خلال تصريحات مسؤوليتها أو العقوبات التي فرضتها على قادة الدعم السريع.
وزاد قائلًا: "ليس من مصلحة القوات المسلحة إحداث توتر في العلاقة في هذا الوقت مع الولايات المتحدة الأميركية، وخسارة حليف محتمل مستقبلًا".