قالت وكالة "رويترز" إن مسلحين اغتصبوا شابة سودانية عمرها (24) عامًا في منزلها على بعد خطوات من والدتها.
وقالت الوكالة إن فتاة أخرى تبلغ من العمر (19) عامًا اختطفها أربعة رجال وتناوبوا على الاعتداء عليها على مدى ثلاثة أيام، فيما خطف آخرون ناشطة في مجال حقوق المرأة عمرها (28) عامًا من أمام منزلها ثم اغتصبوها خلال احتجازها لساعات في منزل مهجور.
قابلت "رويترز" (11) شابة من قبيلة "المساليت" قلن إنهن تعرضن لاعتداءات جنسية خلال الحرب في السودان على أيدي عناصر من الدعم السريع
والفتيات الثلاث من ضمن (11) شابة من قبيلة "المساليت" قالت وكالة "رويترز" إنها أجرت مقابلات معهن، وقلن إنهن تعرضن لاعتداءات جنسية خلال الحرب في السودان على أيدي عناصر من الدعم السريع. وأضفن أن الاعتداءات وقعت خلال هجمات استمرت أسابيع في وقت سابق من هذا العام في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور. وقالت تسع منهن إنهن تعرضن للاغتصاب الجماعي. وأكدت النساء الإحدى عشرة جميعًا أنهن تعرضن للاعتداء تحت تهديد السلاح، فيما أشارت ثلاث أخريات إلى أنهن رأين نساء يتعرضن للاغتصاب.
وكانت "رويترز" قد أوردت في وقت سابق تفاصيل عن المذبحة التي وقعت في الجنينة في الفترة من أواخر نيسان/أبريل إلى منتصف حزيران/يونيو عندما استهدفت قوات الدعم السريع وحلفاؤها قبيلة "المساليت" (قبيلة من أصل أفريقي) كانت تمثل غالبية سكان المدينة قبل طرد معظمهم منها.
ووصف الناجون كيف ذُبح مدنيون في منازلهم وفي الشوارع وفي وادي النهر حيث اصطادهم القناصة، وقضوا عليهم بأسلحة آلية وقطعوهم بالسيوف وأحرقوا أناسًا أحياء في منازلهم – حسب "رويترز".
وفي أوائل تشرين الثاني/نوفمبر شنت قوات الدعم السريع والمليشيات العربية "موجة أخرى من الهجمات العرقية" في الجنينة، حسبما أفادت "رويترز".
ومن بين الناجيات من الهجمات السابقة فتاة عمرها (15) عامًا، روت كيف قُتل والداها أمام عينيها وحكت معاناتها من محنة استمرت ساعات اغتصبها خلالها خمسة من مقاتلي الدعم السريع هي وصديقة لها قبل أن يطلقوا النار على صديقتها ويردوها قتيلة – طبقًا لما نقلت عنها "رويترز".
ويقدم تقرير "رويترز" تفاصيل من روايات نساء أخريات من "المساليت" قلن إنهن تعرضن للاغتصاب. وتشير التقارير التي استشهدت بها المنظمات الدولية إلى "استهداف الدعم السريع والقوات العربية المتحالفة معها في الجنينة نساء المساليت على وجه الخصوص بالاعتداء الجنسي"، طبقًا لرويترز.
وقالت جميع النساء الإحدى عشرة اللائي قابلتهن "رويترز" إن الرجال الذين اعتدوا عليهن كانوا يرتدون الزي العسكري لقوات الدعم السريع أو العباءات والعمائم التي يرتديها عادة رجال المليشيات العربية.
وأجريت مقابلات مع النساء –وجميعهن في سن المراهقة أو العشرينات– في مدينة "أدري" التشادية بالقرب من الحدود السودانية في تموز/يوليو وآب/أغسطس الماضيين. وتحدثن جميعهن شريطة عدم الكشف عن هوياتهن خوفًا من الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاغتصاب أو الخوف من الانتقام.
وأشارت "رويترز" إلى أنها لم تتمكن من التأكد بصورة مستقلة من كل تفاصيل رواياتهن، لكن قالت إن الأقارب والأصدقاء، في كثير من الحالات، أكدوا بعض جوانب قصصهن. وأوضحت أن هناك جوانب مشتركة تتكرر في رواياتهن، إذ قالت جميعهن تقريبًا إنهن تعرضن للاغتصاب من قبل عدة رجال.
وذكرت ثماني نساء إن المعتدين تحدثوا عن هويتهن العرقية على وجه التحديد وانتماءهن إلى قبيلة "المساليت" أو وجهوا السباب إلى "المساليت" وغيرهم من غير العرب ذوي البشرة الأكثر سمرة.
ويعتقد بعضهن أن السبب في استهدافهن هو عملهن في الدفاع عن حقوق سكان دارفور. وقالت ثلاث نساء لرويترز إنهن ناشطات في مجال حقوق الإنسان، في حين ذكرت رابعة أنها متزوجة من أحد المدافعين عن النازحين.
وذكرت ناجيات من أحدث الهجمات على "المساليت" في الجنينة في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وقوع حوادث عنف جنسي. وقالت ثلاث نساء إنهن شهدن ارتكاب قوات الدعم السريع أو المليشيات العربية اعتداءات جنسية – حسب "رويترز".
وكانت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة في السودان (هيئة حكومية) قد لفتت في مطلع آب/أغسطس الماضي إلى ظهور ناجيات كنّ محتجزات في أماكن مختلفة، وتواتر إفادات بشأن احتجاز نساء وفتيات في مخازن وفنادق في نيالا بجنوب دارفور والخرطوم بغرض "استغلالهن جنسيًا بواسطة الدعم السريع"، مشبهةً ذلك باختطاف النساء "الأيزيديات" في العراق من قِبل عناصر تنظيم "داعش".
وأفادت "هيومن رايتس ووتش" بأن عشرات النساء تعرضن للاغتصاب خلال أحداث العنف في الجنينة في وقت سابق من هذا العام، ويبدو أنه استُهدفن بسبب انتمائهن إلى قبيلة "المساليت".
وقالت الأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إنها تلقت تقارير موثوقة من أنحاء السودان عن أعمال عنف جنسي مرتبطة بالصراع شملت ما لا يقل عن (105) ضحايا.
وقالت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في تموز/يوليو الماضي إنها تحقق في الأعمال العدائية في دارفور، بما في ذلك التقارير عن عمليات القتل والاغتصاب والجرائم ضد الأطفال.
ونفى الزعيم القبلي العربي في الجنينة الأمير مسار أصيل اتهامات الاغتصاب ووصفها بأنها "أكاذيب فارغة". وأصيل هو زعيم قبيلة "الرزيقات"، إحدى أكبر القبائل العربية في غرب دارفور والتي ينحدر منها العديد من قادة قوات الدعم السريع.
وقال أصيل في مقابلة عبر الهاتف مع "رويترز" إن التقاليد القبلية العربية تحرم الاعتداء الجنسي وتمنع العرب من الزواج من "المساليت"، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن أن يرتكب أبناء قبيلته جرائم الاغتصاب الجماعي". وأضاف أصيل: "إن كنت لا أقبل الزواج من امرأة من المساليت، فلماذا أذهب وآخذها بالقوة؟"
واتهم أصيل "المساليت" بأنهم هم من بدأوا الصراع مما أجبر العرب على الرد.
ولم ترد قوات الدعم السريع على الأسئلة التفصيلية للتقرير، وقالت إن العنف ضد المدنيين في دارفور سببه نزاعات قبلية، وحملت الجيش السوداني مسؤولية تأجيج القتال – وفق ما ذكرت "رويترز".
ونقلت "رويترز" عن أستاذة القانون الدولي بجامعة غرب إنجلترا في بريطانيا نويل كوينيفت قولها إن روايات الاغتصاب التي قدمتها النساء اللاتي تحدثت إليهن "رويترز" يمكن أن تعد "جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي" الذي تأسست بموجبه المحكمة الجنائية الدولية. وأضافت كوينيفت أنه يبدو أن العنف الجنسي، حسب ما ورد في تقارير "رويترز" ومنظمات الإغاثة "منتشر على نطاق واسع". وأوضحت أن العنف الجنسي واسع النطاق أو المنهجي يعد –بموجب نظام روما الأساسي– "جريمة ضد الإنسانية".