ارتفعت حصيلة الضحايا مع استمرار المعارك بين القوات المسلحة والدعم السريع لليوم الرابع على التوالي، وبلغ عدد القتلى وسط المدنيين (144) قتيلًا منذ بداية الاشتباكات، فيما بلغت الإصابات (796) إصابة بين المدنيين – بحسب تقرير لنقابة الأطباء في السودان صباح اليوم الثلاثاء.
لفتت نقابة الأطباء في السودان إلى "تدهور غير مسبوق" في الخدمات الصحية جراء الاشتباكات وحذّرت من انهيار القطاع الصحي بالكامل
ونوّه تقرير لجنة الأطباء بوجود إصابات ووفيات "غير مشمولة في الحصر"، لافتًا إلى أن بعض الحالات لم تتمكن من الوصول إلى المستشفيات لصعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد.
وشكت اللجنة التمهيدية للنقابة أمس الإثنين من تعرض المستشفيات للقصف في تبادل إطلاق النار بين الجيش والدعم السريع، ما أدى إلى خروج مستشفيي الشعب والخرطوم التعليمي عن الخدمة تمامًا وتضرر مستشفيات أخرى من بينها بشائر وابن سينا، وإخلاء مستشفى الشرطة بسبب الوضع الأمني، ومستشفى الضمان في الأبيض بشمال كردفان بعد "اقتحامها من القوات المسلحة"، كما خرج مستشفى الجنينة بغرب دافور من الخدمة، ومستشفى الضمان الاجتماعي في مدينة مروي ومستشفى مروي العسكري أيضًا خارج الخدمة، فيما تعاني مستشفيات أخرى من نقص الكوادر الطبية والمواد الغذائية وانقطاع الكهرباء والمياه.
ولفتت نقابة الأطباء إلى "تدهور غير مسبوق" في الخدمات الصحية، وحذّرت من انهيار القطاع الصحي بالكامل.
وناشدت نقابة الأطباء في السودان الأسرة الدولية والمنظمات الإنسانية بالتدخل للحد من هذه الكوارث الإنسانية، ودعت الأطراف المتقاتلة إلى تحكيم صوت العقل ووقف إطلاق النار.
الوضع الميداني
ميدانيًا، قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية إن ما أسماها "قوات المرحلة الأولى" نجحت في امتصاص الصدمة وتأمين الموقف، لافتًا إلى أن الظروف باتت "مهيئة للانتقال إلى المرحلة التالية بقوات جديدة". وأضاف: "تكاملت لدينا كل المعلومات المطلوبة واللازمة للانطلاق لتطوير الموقف".
وعن معارك الإثنين التي وصفها بالمناوشات، قال إنها كانت "محدودة جدًا وانحصرت في تأمين محيط منطقة القيادة العامة ومنطقة المطار".
وبحسب تصريح للناطق الرسمي باسم الجيش، فقد "استسلم عدد كبير من أفراد المليشيا المتمردة وسلموا أنفسهم للمناطق والفرق داخل العاصمة وخارجها".
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش إن عناصر من القوات الخاصة نجحت في السيطرة على معسكر الشهيد حمودة بأم درمان التابع لقوات الدعم السريع، منوّهًا بأن نطاق عمليات التأمين سيتسع مما يتطلب من المواطنين "التزام الحيطة والحذر وتقييد التحركات".
وفي سياق متصل، أصدر القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول عبدالفتاح البرهان قرارًا بالعفو عن كل من يضع السلاح من ضباط الدعم السريع وجنوده، مع ضمان استيعابهم في الجيش ابتداءً من تاريخ التبليغ.
وقال شهود عيان لـ"الترا سودان" إن مناطق جبرة جنوبي الخرطوم شهدت مساء الإثنين تبادل كثيف لإطلاق النار بين قوات الجيش والدعم السريع، انتهت باستيلاء الجيش على مقار للدعم السريع، فيما رأى شهود عيان مقذوفات قالوا إنها "مضادات للطيران" استهدفت طائرات الجيش المحلقة في سماء الخرطوم في عدد من المناطق.
وأفاد شهود عيان "الترا سودان" بوقوع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين الجيش والدعم السريع غرب مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان.
وقال الجيش إن الفرقة السادسة مشاة استطاعت الاستيلاء على مقرات الدعم السريع في الفاشر بشمال دارفور واستلام نحو (100) مركبة عسكرية بمختلف الأسلحة.
وفي تطور لافت، كشف الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل عن تعرض سفير الاتحاد الأوروبي في السودان لاعتداء في مقر إقامته بالخرطوم مساء الإثنين. وقال بوريل إن الاعتداء على السفير يمثل "انتهاكًا فادحًا لاتفاقية فيينا". وحمّل بوريل السلطات السودانية "مسؤولية أمن المباني الدبلوماسية والموظفين، بموجب القانون الدولي".
وتبادل الطرفان الاتهامات بشأن استهداف البعثات الدبلوماسية، وفيما أدن تصريح للناطق الرسمي باسم الجيش ما وصفه بـ"السلوك الإرهابي لمليشيا للدعم السريع" واتهمها باستهداف البعثة الأمريكية والاعتداء على منزل سفير الاتحاد الأوروبي ومقار برنامج الأغذية العالمي في الفاشر بشمال دارفور واحتجاز أجانب وضباط سودانيين – اتهمت قوات الدعم السريع بدورها "قادة الانقلاب ومن خلفها مجموعات الإسلاميين الإرهابية" بالهجوم على مقار البعثات الدبلوماسية بما فيها مقر سفير بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم "في محاولة مكشوفة لإجبارهم على مغادرة منازلهم لتنفيذ عمليات عسكرية بالطيران" – بحسب نشرة الدعم السريع.
وتقول قوات الدعم السريع إنها تسيطر على القيادة العامة للجيش والقصر الجمهوري في وسط الخرطوم، فيما ينفي الجيش استيلاء الدعم السريع على أي من مقاره في الخرطوم.
دعوات مستمرة للتهدئة
داخليًا، كشف رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر عن تلقيهم تأكيدات من الفريق الكباشي باستعدادهم لإيقاف الحرب والجلوس للتفاوض والحوار. وقال برمة ناصر في مداخلة مع "الجزيرة" إن "الاتفاق الإطاري ما يزال هو المخرج من الأزمة الراهنة".
وخاطب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة "اليونيتامس" مساء أمس الإثنين جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي بشأن تطورات الأحداث في السودان، فيما تبادل الجانبان المصري والسعودي وجهات النظر والتقديرات بشأن تطورات الأزمة في السودان. واتفق وزيرا خارجيتا البلدين على استمرار التشاور والتنسيق ومتابعة تطورات الأزمة وجهود احتوائها.
ومن جانبه، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إن "الشعب السوداني لديه الحكمة والقدرة الكافيتين لحل الأزمة الحالية التي تواجه البلاد". وشدد آبي أحمد في بيان نشره على حسابه الرسمي في تويتر – شدد على أنه "لا يجوز لأي قوة خارجية أن تتدخل في شؤونه دون إرادته بقصد بث الفوضى".