أعلن مسؤول الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور محمد أحمد حسن الذي عينته الدعم السريع مؤخرًا، عن تشكيل حكومة محلية من (10) وزارات لإدارة الولاية، وتعهد بتوفير الأمن وتأمين الموسم الزراعي وفصل النزاعات بين الرعاة والمزارعين.
باحث: الحكومات في مناطق الحرب مصيرها الفشل والنسيان
وأوضح رئيس الإدارة المدنية في ولاية جنوب دارفور، محمد أحمد حسن في مؤتمر صحفي الثلاثاء، أنه قرر تشكيل (10) وزارات في الولاية هي المالية والبنى التحتية والصحة والرياضة والحكم المحلي والزراعة والغابات والتربية والتعليم والشؤون الاجتماعية.
وقبل أسبوعين عينت الدعم السريع محمد أحمد حسن رئيسًا للإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور، في خطوة لم تتحمس حيالها المجتمعات، لا سيما في مدينة نيالا التي تعيش وضعًا إنسانيًا معقدًا.
وسيطرت الدعم السريع على نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد ستة أشهر من المعارك الضارية مع الجيش في الفرقة (16) مشاة، ومقرها الرئيسي في نيالا.
ورغم سيطرتها على ولاية جنوب دارفور منذ نصف عام، لكن الأوضاع الإنسانية وحركة المواطنين لا تزال محفوفة بالمخاطر العالية، وفقًا اتقييم المنظمات الإنسانية.
وتسيطر الدعم السريع على أربع ولايات في إقليم دارفور من أصل خمس ولايات، فيما تقاتل الجيش في ولاية شمال دارفور بمدينة الفاشر عاصمة الولاية، وتستعر المعارك منذ شهرين.
وفي الإجراءات المتعلقة بتعيين إدارة مدنية، لم تتمكن الدعم السريع من تطبيق التجربة بالشكل المطلوب في ولاية الجزيرة، عندما عينت في آذار/مارس الماضي إدارة مدنية في ودمدني عاصمة الولاية، ولا تزال الانتهاكات تتصاعد يوميًا بحق المدنيين أبرزها مجزرة قرية ودالنورة.
وأوضح رئيس الإدارة المدنية بولاية جنوب دارفور، أن تشكيل الحكومة المحلية للولاية جاء عقب مشاورات مع جميع القطاعات، مشيرًا إلى إعلان أسماء الوزراء في وقت لاحق. وتابع: "سنعلن كذلك عن (21 ) إدارة مدنية في جميع محليات الولاية، ومجلس يتكون من (65) عضوًا يتولى الرقابة والتشريعات".
وشدد حسن على أن أولوية الحكومة الجديدة في جنوب دارفور توفير الأمن وتأمين الموسم الزراعي، كما أن هناك اتجاهًا لتأسيس شرطة محلية تحت سلطة الإدارة المدنية.
وفي لهجة تصعيدية ضد قوات الدعم السريع، قال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرلو، إن وضع مصير إقليم دارفور تحت السيطرة لا يعني اعتراف الولايات المتحدة بدارفور المستقلة، ودعا الدعم السريع إلى التخلص من هذه الأوهام.
وفي ظل صعود ملامح الانقسام في السودان بتشكيل الدعم السريع سلطة مدنية في ولايتي الجزيرة وجنوب دارفور، فإن المخاوف تتزايد من تفكك هذا البلد خاصة مع عدم وجود مؤشرات على انتهاء الحرب.
ويقول المراقبون السياسيون إن الدعم السريع فشلت في تجربة النيابات وأقسام الشرطة التي أسستها بمدينة نيالا قبل ثلاثة أشهر، ولم يحصل المواطنون الذين لجأوا إلى الشرطة أو النيابة على حقوقهم نتيجة وقوع الانتهاكات بواسطة الجنود.
وإذا تمكنت الدعم السريع من السيطرة على الفاشر التي تستعر فيها المعارك الحربية بشكل شبه يومي منذ مطلع أيار/مايو الماضي، فإنها تكون سيطرت على إقليم دارفور بالكامل، لكن هذا لا يمنع وفقاً للمراقبين الانتقال إلى مرحلة الفوضى.
ويقول الباحث السياسي مصعب عبد الله لـ"الترا سودان"، إن الدعم السريع أقدمت على تشكيل إدارة مدنية في ثلاث ولايات تحت سيطرتها هي الجزيرة وجنوب دارفور وغرب دارفور، وقد تعمم التجربة في شرق دارفور ووسط دارفور للضغط في أي مفاوضات مرتقبة مع الجيش.
وتابع: "تشكيل إدارة مدنية بالنسبة للدعم السريع، يعني أنها قادرة على إدارة المدن، لكن هذا غير صحيح لأن الحكومة أو السلطة المدنية لديها سلسلة من المؤسسات في الدولة تبدأ من رأس الدولة أو رئيس الجمهورية والسلطة القضائية والمحاكم والنيابات والشرطة والمصارف والنقود وتداول العملة".
ويرى عبد الله أن الدعم السريع تخاطب المجتمع الدولي بشأن الإدارات المدنية التي شكلتها في عدد من الولايات، وتريد أن تقول إنها قادرة على إدارة مناطق سيطرتها، على الرغم من أن دول الإقليم غير متحمسة حيال هذه الخطوة، وتعتقد أن هذه الإجراءات تصدر إليها الفوضى ولا تقل خطورة عن الحرب. وأردف: "الحكومة في مناطق الحرب لا تنجح في تحقيق مهامها، حتى لو كانت هناك نوايا فإن آثار الحرب لا تترك فرصة لتوفير الخدمات والأمن وإعادة الأمور إلى نصابها".