على الرغم من الحرب التي تدخل شهرها الخامس عشر، ما تزال كرة القدم في السودان تقاوم للبقاء على قيد الحياة، وذلك بتوجه الأندية الكبرى واللاعبين وحتى المنتخب الوطني إلى دول الجوار لاستئناف النشاط الرياضي.
الحرب تقضي على اكتشاف لاعبين جدد في كرة القدم في السودان
استقبلت الملاعب في ليبيا وجنوب السودان وحتى رواندا الواقعة أقصى شرق أفريقيا، والملاعب الخليجية، بعض اللاعبين السودانيين. خلال الحرب هربوا من جحيم الحرب لممارسة كرة القدم حتى لا تتحول اللعبة إلى ذكريات.
وكان نادي الهلال السوداني أعلن عن اتفاق مع الاتحاد الرياضي في تنزانيا للمشاركة في دوري كرة القدم في هذا البلد الأفريقي اعتباراً من آب/أغسطس القادم، بداية الموسم الرياضي.
يقول نادي الهلال السوداني إنه قرر الذهاب إلى تنزانيا للمشاركة في الدوري مع رصفائه هناك أملاً في الاستمرار في النشاط الرياضي، وعدم التأثر بالحرب وإسعاد جماهيره التي عانت من الحرب.
ومطلع هذا الشهر حصل المنتخب السوداني على نقاط مباراته مع نظيره في جنوب السودان في استاد جوبا الدولي، بمشاركة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم. وحظيت البعثة السودانية باستقبال حافل من جمهور جنوب السودان.
حطمت الحرب آمال السودانيين في مشاهدة مباريات كرة القدم في الملاعب الرياضية داخل العاصمة الخرطوم، ومدن مثل نيالا والفاشر التي كانت تشارك في الدوري الممتاز. و للمفارقة كان استاد المدينة الرياضية جنوب العاصمة الخرطوم مسرحاً للحرب عندما بدأت صبيحة 15 نيسان/أبريل 2023.
ورغم البدائل التي وفرتها دول الجوار باستيعاب اللاعبين السودانيين في أندية وإتاحة الملاعب للمنتخب السوداني، وأندية القمة مثل الهلال والمريخ تبقى تمويل خطط هذه الأنشطة من الصعوبات التي تواجه إدارات الأندية والاتحاد السوداني لكرة القدم الذي يتفرق أعضائه بين مصر والسعودية وإثيوبيا.
ولم يكن الاحتراف في الأندية بدول الجوار أو العربية خياراً متاحاً لجميع اللاعبين لأن غالبية لاعبي كرة القدم في الدوري الممتاز، وصولاً إلى الدرجة الثالثة ومروراً بالدرجتين الثانية والأولى في الخرطوم والولايات التي تعيش في حالة حرب توقفوا تماماً عن ممارسة كرة القدم بانتظام.
وفقد غالبية هؤلاء اللاعبين مصدر الدخل المالي في موسم النشاط الرياضي الذي كان يدير "اقتصادات غير منظورة" مثل صرف الأجور للعمال في الملاعب وموظفي الاتحادات الرياضية في المدن والمحليات.
كما إن بعض اللاعبين اتجهوا للعمل في الأعمال الاضطرارية لكسب المال مثل لاعب الهلال الدولي السابق عبد اللطيف بوي الذي شوهد عاملاً في مناجم الذهب بإحدى مناطق السودان، وفق ما يقول الباحث الاقتصادي أحمد بن عمر.
ويرى بن عمر في حديث لـ"الترا سودان" أن النشاط الرياضي يجب أن لا ينظر إليه كترف لأنه لا يقل أهمية عن التعليم والصحة. وقال إن الأطقم الفنية وعمال الملاعب وإدارات الأندية وحتى الباعة المتجولين والأنشطة التجارية التي كانت تصاحب فعاليات النشاط الرياضي تأثرت بالحرب كلياً.
ويقع أكبر استادين في العاصمة الخرطوم بمدينة أم درمان التي تحتضن ملعبي الهلال المريخ بمدينة أم درمان وفي نيسان/أبريل الماضي، نشر جنود من الجيش مقاطع فيديو من ملعب الهلال الذي كان يقع تحت سيطرة الدعم السريع مع المناطق المحيطة.
ورغم استرداد الجيش للملاعب الرياضية الكبيرة في أم درمان في ذات الوقت لا يمكن استئناف نشاط كرة القدم نتيجة الوضع الأمني في المناطق المحيطة وبقاء العاصمة الخرطوم تحت نيران المعارك.
باحث: توقف النشاط الرياضي يلحق الضرر باللاعبين في بداية مسيرتهم
ويقول بن عمر إن توقف النشاط الرياضي يلحق الضرر باللاعبين في بداية مسيرتهم مثلاً إذا كان عمر اللاعب (18) عاماً، بعد عامين من الحرب سيكون عمره (20) عاماً، وأضاعت الحرب فرصته لدى الكشافين. لاعبون كثر جرى اكتشافهم في ملاعب بواسطة كشافين واحترفوا في أندية القمة وحصلوا على آلاف الدولارات، كل هذه الأنشطة توقفت بسبب الحرب.