أعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن مليوني طفل قد ولدوا خلال الحرب الدائرة في السودان، وسط انهيار النظام الصحي ومستويات غير مسبوقة من الجوع. وتسببت الأزمة المستمرة منذ نيسان/أبريل 2023 في نزوح أكثر من 10 ملايين شخص، نصفهم تقريبًا من الأطفال، في حين انهارت الأنظمة الصحية بسبب الاشتباكات المتواصلة واستهداف المرافق الطبية والعاملين في القطاع الصحي.
السودان يشهد ولادة ما يقرب من أربعة آلاف طفل يوميًا
وأظهر تحليل أصدرته المنظمة اليوم، الإثنين 14 تشرين الأول/أكتوبر 2024، أن السودان يشهد ولادة ما يقرب من أربعة آلاف طفل يوميًا، وسط مخاطر متزايدة تواجه الأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم نتيجة لتعطل خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك الرعاية الإنجابية والولادة. وأشارت المنظمة إلى أن هذه الظروف تعرض الأمهات والأطفال لمضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة أو تترك آثارًا دائمة.
وتفيد التقارير بأن 80% من المستشفيات في المناطق الأكثر تضررًا قد أُغلقت، وأن ثلثي سكان البلاد فقدوا القدرة على الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية، وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر. وتعاني المرافق الصحية من نقص حاد في الطواقم الطبية والإمدادات الحيوية، بالإضافة إلى المياه النظيفة والكهرباء، فيما تستمر الهجمات على المنشآت الصحية.
وكان السودان يسجل واحدة من أعلى معدلات وفيات الأمهات في العالم حتى قبل اندلاع الحرب، لكن الأوضاع تدهورت أكثر مع استمرار الهجمات على المرافق الطبية. وتحقق منظمة الصحة العالمية في أكثر من 100 هجوم على هذه المنشآت منذ بدء النزاع، لكن يُعتقد أن العدد الحقيقي يفوق هذه التقديرات.
وفي سياق متصل، تحدث عمار عثمان، مسؤول الحماية في منظمة "أنقذوا الأطفال"، عن تجربته الشخصية خلال ولادة طفلته في اليوم الذي اندلعت فيه الحرب. وقال: "ابنتي وُلدت في الرابعة عصرًا بينما كانت المعارك قد وصلت إلى الفاشر. أُجبرنا على مغادرة المستشفى بعد استهدافه، ولجأنا إلى منزلنا حيث وجدت أطفالي في رعاية عمتهم التي كانت تحميهم من القصف".
من جهته، وصف المدير القطري المؤقت لمنظمة "أنقذوا الأطفال" في السودان، محمد عبد اللطيف، الوضع بـ"الكابوسي"، مشيرًا إلى أن النظام الصحي يتدهور بشكل غير مسبوق. وأضاف: "مع إغلاق 80% من المرافق الصحية، تواجه النساء الحوامل صعوبات كبيرة في الحصول على الرعاية الصحية لهن ولأطفالهن. كما أن أزمة الغذاء المتفاقمة تزيد من مخاطر صحية طويلة الأمد على الأمهات والأطفال".
وفي بيانها، دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات سياسية عاجلة، من بينها وقف إطلاق النار الفوري، السعي لتحقيق سلام دائم، وزيادة التمويل لدعم النظام الصحي في السودان. وأكدت الأمم المتحدة أن خطة الاستجابة الإنسانية للسودان، التي تقدر بـ2.7 مليار دولار أميركي، لم تحصل سوى على 51% من التمويل المطلوب، فيما لم تتجاوز نسبة تمويل برامج الصحة 47%.
تستمر الهجمات على النظام الصحي في السودان في ظل غياب تام للالتزام بقواعد الاشتباك. وبالأمس، قصفت قوات الدعم السريع المستشفى السعودي بالفاشر، ما أسفر عن إصابة (15) شخصًا من المرضى والعاملين. يعد المستشفى السعودي واحدًا من آخر المرافق الصحية التي تقدم الرعاية إلى أكثر من مليون مواطن ونازح داخل مدينة الفاشر.
وبالإضافة إلى الهجمات المباشرة على النظام الصحي، تشهد البلاد انتشارًا للوبائيات، وعلى رأسها الكوليرا وحمى الضنك التي تحصد الأرواح. تساهم الأوضاع المعيشية القاسية والانهيار الاقتصادي في الهشاشة الصحية التي يتعرض لها الأطفال بشكل خاص، وتحذر منظمات أممية وأخرى محلية من مراحل قاسية من الجوع يعاني منها الصغار بشكل خاص في السودان.