17-سبتمبر-2023
خط الأفق بالعاصمة السودانية الخرطوم

تعتبر أبراج العاصمة الخرطوم من المعالم المهمة للسودانيين (Getty)

ما الذي سيتبقى في الخرطوم عندما يستمر القتال أكثر من عام أو بضعة أعوام إذا كانت حرب الـ"6 أشهر" قد دمرت بالفعل العديد من المباني الرئيسية التي تشكل معالم العاصمة، بعضها خلال الاشتباكات الضارية بين الجيش والدعم السريع في الساعات الماضية.

ينتاب السودانيين قلق من دمار الخرطوم القديمة التي فارقوها فرارًا من الحرب

صور متداولة على الشبكات الاجتماعية تظهر مبنى وزارة العدل في شارع الجمهورية، ولم تتكشف من معالمها الأولى سوى محيط المبنى، أما البناية لن تشاهد منها سوى الدخان الذي يرتفع من الداخل مثل فوهة بركان.

إلى وقت قريب اعتقد السودانيون أن الحرب ربما لن تمس المباني ومعالم هذه المدينة التي تعود بعض مباني ومقارها إلى التاريخ الأثري، لكن يبدو أن هذا الاعتقاد خاطئ إلى حد كبير في عاصمة "هجر نصف سكانها قسريًا" ما بين مداهمات المنازل التي ارتكبتها قوات الدعم السريع وما بين الإشتباكات المسلحة التي لا تفرز بين الأحياء المدنية والمقار العسكرية.

يخشى السودانيون على نطاق واسع من "دمار الخرطوم القديمة" وصعوبة استعادتها إذا ما توقفت الحرب يومًا ما، أو اختفاء المدينة كليًا بسبب الدمار الشامل الذي قد يطالها إذا استمر القتال طويلًا في بلد مثل السودان لا يضع معايير حماية المرافق المدنية قيد الاعتبار.

الصور المنتشرة لأبراج العاصمة المدمرة على الشبكات الإجتماعية وضعت السودانيين أمام ارتدادات نفسية أليمة، ومن هنا يبدأ الإحباط يتسلل إليهم مغلقًا الباب أمام أية آمال للعودة إلى العاصمة، أو وضع تصورات سوداوية مثل انقسام هذا البلد وتفككه إلى دويلات فاشلة.

يومًا بعد يوم يبتعد الفارون من الخرطوم عن مدينتهم أكثر فأكثر نتيجة استمرار القتال بلا هوادة دون أن يلوح في الأفق حل سلمي أو حسم عسكري طال انتظاره، وتبدو الخرطوم اليوم كما لو أنها لن تعود أبدًا.

 

الحرب في الخرطوم لم تدمر الإنسان فقط، بل دمرت المباني والعديد من المرافق والمنازل تعرضت إلى الهدم بسبب الاشتباكات وسقوط المقذوفات، أما المباني الأثرية وسط العاصمة لا أحد يستطيع التكهن بمصيرها إذا ما استمر القتال.

السوق العربي مركز العاصمة التجاري لم يعد ذلك المكان الذي شيد وتأسس منذ أكثر من قرن، ولم ينجُ من القصف والدمار خلال الحرب، ولم يتبقى منه سوى الهياكل التي لن تفيد في شيء إذا لم يتوقف النزاع المسلح ويعود من شيدوها.

قال معاذ عثمان المهندس المدني في مجال الإنشاءات لـ"الترا سودان"، إن الصور المتدولة لمبنى وزارة العدل المحترق قد تبدو للوهلة الأولى وكأنه دمر بالكامل، لكن من خلال بعض الملاحظات يمكن القول إن هيكل المبنى لم يتأثر بل دمرت الواجهات الأمامية.

ويرى أن ما حدث في برج وزارة العدل تحول لنوعية المعارك المسلحة ويفرز تكتيكات عسكرية قد تطيل من أمد الحرب، خاصة وأنه مع تقدم الوقت تنفد "التقديرات العسكرية" للحفاظ على المباني والمقار والأسواق والمنازل وحتى المدينة بالكامل.

وعلى وقع المخاوف المتجددة فور تداول صور مبنى وزارة العدل وسط العاصمة الخرطوم، هناك من تحسر على استمرار الحرب واستدل بالصور المتداولة على فيسبوك ليثبت أن القتال لن يؤدي إلى الهدف المطلوب، بينما يعتقد دعاة الحرب أن كل شيء قابل للتعويض عدا "الكرامة".