لا تزال أزمة النزوح تتصدر المشهد في ولايتي القضارف وكسلا الواقعتين شرق البلاد، ومع تفاقم الوضع الإنساني وتزايد انتهاكات الدعم السريع يلجأ العديد من المدنيين إلى شرق البلاد، فيما يُطلق العاملون في غرف الطوارئ مناشدات أغلبها تجد الاستجابة من المجتمعات المحلية.
استقبلت المدن قرابة الـ (160) ألف نازح من ولاية سنار
وكانت غرفة طوارئ محلية الدندر بولاية سنار، أكدت أمس الاثنين أن قوات الدعم السريع قامت بتدمير كلية البيطرة مدينة الدندر، والتابعة لجامعة سنار وقتلت خمسة مواطنين، وأصيب العشرات في هجمات عسكرية نفذتها هذه القوات على المناطق والمرافق المدنية.
وأشار بيان غرفة طوارئ الدندر إلى أن "مليشيا الدعم السريع" قتلت ثلاثة مدنين في قرية بيضاء، واثنين من قرية هبوية ريفي الدندر، ودمرت كلية البيطرة التابعة لجامعة سنار وواصلت في عمليات نهب وسلب أصول وممتلكات المواطنين والمرافق العامة.
ومع تزايد الانتهاكات يتوقع عمال في المجال الإنساني نزوح عشرات الآلاف من المدنيين مجددًا من ولاية سنار، خاصة مع عدم وجود اتصالات وخدمة الكهرباء والمياه والشلل الذي ضرب الأسواق في سنار.
وقال مصعب العامل الإنساني المتطوع في مدينة القضارف، إن مئات المواطنين لا يزالوا في العراء في منطقة الميناء البري بمدينة القضارف، وهم بحاجة إلى الملابس والأحذية ناهيك عن الطعام والشراب بشكل يومي.
وأضاف: "مبادرات إنسانية تحت وسم فضي دولابك، تمكنت من جمع أطنان من الملبوسات جرى توزيعها على المئات، لكن الناس يتوافدون إلى القضارف وكسلا للنجاة من بطش قوات الدعم السريع، بدأت الانتهاكات بشكل مريع في سنجة والدندر".
ويضيف مصعب: "الناس هنا اعتادوا على تقديم المساعدات للقادمين من مناطق الحرب في أزمة ولاية سنار، تمكن المجتمع من خلق مبادرات لكن الأزمة مع تزايد الانتهاكات في سنجة والدندر في تزايد مستمر، والناس يحاولون الاحتماء بالوصول إلى القضارف وكسلا للنجاة من الانتهاكات التي لن تتوقف عند هذا الحد".
وقدرت الأمم المتحدة عدد النازحين من ولاية سنار إلى ولايتي القضارف وكسلا وإقليم النيل الأزرق بحوالي (136) ألف شخص نهاية الأسبوع الماضي، لكن إحصائيات غير رسمية حديثة تقول إن العدد تجاوز الـ (160) ألف نازح.
وسيطرت الدعم السريع على مدينة سنجة في 29 حزيران/يونيو الماضي بعد مرور أقل من أسبوع على دخولها إلى منطقة جبل موية الواقعة غربي مدينة سنار.
وكان المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريلو حذر الدعم السريع من انتهاك القانون الدولي الإنساني عقب سيطرتها على مناطق في ولاية سنار، وحملها مسؤولية سلامة المدنيين.
وترى الباحثة في المجال الإنساني نهلة حسن أن الدعم السريع تمادت في ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين، ولا يمر يوم دون وقوع مجزرة أو مقتل مدنيين، لا سيما في الفاشر وسنجة وولاية الجزيرة وهي ثلاث مناطق ساخنة خاصة في مناطق سيطرة الدعم السريع.
وتصف نهلة حسن الأزمة الإنسانية في ولاية سنار بأنها الأكبر منذ اندلاع الحرب بعد أزمة ولاية غرب دارفور العام الماضي، والتي وصلت مرحلة المقبرة الجماعية للضحايا في صفوف المدنيين. وتشير حسن في حديث لـ"الترا سودان" أن المجتمعات في ولايتي كسلا والقضارف، نفذت مبادرات إنسانية كبيرة تفوق قدرة الدولة ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.