09-سبتمبر-2024
Markets in Sudan

بعد مرور أكثر من عام على اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، تزداد معاناة المواطن البسيط الذي بات مهددًا بالموت بين نيران الصراع ووطأة الجوع. ومع فقدان العديد من المواطنين لمصادر دخلهم، أصبح غلاء الأسعار يشكل كابوسًا يطاردهم، ولم تعد السلع الأساسية في متناول الأيدي، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية التي تعصف بالبلاد.

أزمة في النيل الأبيض

ويقول منسق نداء الوسط بمدينة الدويم في ولاية النيل الأبيض، محمد المهدي عوض قاسم، إن المدينة شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية، حيث ارتفع سعر جوال السكر زنة 50 كيلوغرامًا من 235 ألف جنيه إلى 265 ألف جنيه سوداني، بينما ارتفع سعر جوال البصل من 110 ألف جنيه سوداني إلى 180 ألف جنيه سوداني.

منسق نداء الوسط بمدينة الدويم في ولاية النيل الأبيض، لـ"الترا سودان": الدويم شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية

وأوضح المهدي في حديثه مع "الترا سودان" أن سعر كيلو العدس ارتفع من 4 آلاف جنيه سوداني إلى خمسة آلاف وخمسمائة، بينما سجلت باقة زيت الفول 105 ألف جنيه سوداني، وبلغ سعر رطل الزيت ثلاثة آلاف وخمسمائة. أما سعر خمس قطع من الخبز فقد ارتفع إلى ألف جنيه بدلًا عن سبع قطع، وسجل رطل البن 10 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن 6 آلاف جنيه سوداني.

وأضاف المهدي أن أسعار الخضروات شهدت انخفاضًا طفيفًا بجانب انعدام محصول الرجلة في الأسواق، حيث بلغ سعر صفيحة الطماطم 25 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 40 ألف جنيه سوداني، وسجل كيس الكوسة 18 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 30 ألف جنيه سوداني، وانخفض سعر جردل الشطة من 25 ألف جنيه سوداني إلى 15 ألف جنيه سوداني، وبلغ سعر جوال البامية 25 ألف جنيه بدلًا عن 35 ألف جنيه سوداني.

وأشار إلى أن سعر جوال محصول الأسود ثابت عند 110 ألف جنيه سوداني، بينما انخفض سعر قفة الخضرة من 10 آلاف جنيه سوداني إلى 4 آلاف جنيه سوداني. كما أوضح أن هناك استقرارًا في أسعار اللحوم، حيث يبلغ سعر كيلو الضأن في الدويم 16 ألف جنيه سوداني، وكيلو لحوم البقر 12 ألف جنيه سوداني.

محل مواد غذائية في السودان
شهدت البلاد تضخمًا غير مسبوق في ظل الحرب

وأكد المهدي على ارتفاع سعر رطل الشاي الذي بلغ 9 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن 6 آلاف، وسجلت عبوة الصلصة الكبيرة 4 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن ألفين وخمسمائة ألف، وبلغ سعر ملوة الكبكبي 7 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن 5 آلاف جنيه سوداني، وملوة الفول المصري سجلت 7 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن ألفين وخمسمائة.

ويرى منسق نداء الوسط بمدينة الدويم أن الوضع الدوائي في شهر سبتمبر/أيلول الجاري شهد ارتفاعًا مقارنة بالأسعار خلال الشهر الماضي، حيث بلغ سعر دواء الملاريا 3 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن 2 ألف جنيه. وأضاف لـ"الترا سودان" بأن هناك ارتفاعًا كبيرًا في أسعار الأدوية المنقذة للحياة مع اختفاء بعض أنواع الأدوية المزمنة مثل أدوية التشنجات والمعدة.

وأوضح المهدي أن المدينة تشهد استقرارًا في التيار الكهربائي مع اتباع سياسة الترشيد للصيانة، مؤكدًا إغلاق جميع محطات الوقود بالدويم، حيث بلغ سعر جالون البنزين 100 ألف جنيه سوداني، وجالون الجاز 82 ألف جنيه سوداني في السوق الموازي.

غلاء بالشمالية

يرى المواطن المقيم بمدينة دنقلا في الولاية الشمالية، عبدالرحيم عمر، أن الولاية تشهد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المواد الغذائية، إذ سجلت خمس قطع من الخبز سعر ألف جنيه سوداني خلال هذا الشهر بدلًا عن سبع قطع للألف جنيه في الفترة الماضية، بينما بلغ سعر ربع ملوة البصل في السوق 6 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن ألفين وخمسمائة جنيه سوداني.

مواطن: توقف مشروع الجزيرة ساهم في زيادة الأسعار، حيث أصبحت جميع المواد الغذائية تُستورد من جمهورية مصر العربية

وأشار عمر في حديثه مع "الترا سودان" إلى أن سعر رطل البن بلغ 8 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه سوداني، وسجل كيلو السكر ألفين وخمسمائة جنيه سوداني بدلًا عن ألف جنيه، بينما بلغت عبوة الزيت زنة تسعة لترات 18 ألف جنيه بدلًا عن ثمانية آلاف جنيه سوداني. كما ارتفع سعر رطل الشاي من 4 آلاف إلى 7 آلاف.

وأضاف عمر أن الزيادة في أسعار المواد الغذائية في الولاية الشمالية بلغت نسبتها 200%، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع العملات الأجنبية، خاصة الدولار مقابل الجنيه السوداني، بالإضافة إلى أن سعر جالون الجازولين ارتفع إلى 15 ألف جنيه سوداني بدلًا عن ثلاثة آلاف وثمانمائة جنيه سوداني. وأوضح أن توقف مشروع الجزيرة ساهم في زيادة الأسعار، حيث أصبحت جميع المواد الغذائية تُستورد من جمهورية مصر العربية.

تذبذب الأسعار بسنار

أما المواطنة المقيمة بمدينة سنار، مآب الميرغني، فتقول إن أسعار السلع في المدينة غير ثابتة وتتذبذب بشكل كبير. وأوضحت أن الأسعار تتحدد بناءً على الطلب في السوق، حيث ترتفع وتنخفض حسب ضمير التاجر، ويضطر المواطن إلى الشراء في كل الأحوال.

وأشارت مآب في حديثها مع "الترا سودان" إلى أن بعض التجار يشترون من المواطنين الرأسماليين في سنار، الذين يملكون مخزونًا أكبر من مخزون التاجر نفسه. كما أوضحت أن أسعار السلع في البقالات غير ثابتة، وأرجعت ذلك إلى سعر شراء السلعة من قِبل صاحب البقالة. فعلى سبيل المثال، إذا اشترى التاجر جوال سكر بسعر 200 ألف جنيه سوداني، فإنه يبيع الكيلو الواحد بناءً على تغطية تكاليف الـ200 ألف.

وأضافت أن التاجر يحدد السعر بناءً على نسبة الأرباح، وقد يشتري جوال السكر بعد يومين بسعر 180 ألف جنيه سوداني، وهو ما يؤدي إلى تغيير سعر الكيلو بناءً على التغطية. وعزت سبب ارتفاع الأسعار في سنار إلى الحصار المفروض على المدينة من قبل قوات الدعم السريع، مشيرة إلى وجود ندرة في السكر والدقيق.

العاصمة الإدارية

أما صاحب المحل التجاري بمدينة بورتسودان، مصعب ضرار، فيقول إن أسعار المواد الغذائية شهدت ارتفاعًا في بعض السلع وانخفاضًا في أخرى خلال هذا الشهر. إذ بلغ سعر جوال السكر زنة 50 كيلوجرامًا 105 ألف جنيه سوداني مقارنة بالشهر الماضي، حيث كان سعره 10500 جنيه سوداني، أما سعر جركانة الزيت زنة 36 رطلًا فقد بلغت 62 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 68 ألف جنيه.

وأشار ضرار في حديثه مع "الترا سودان" إلى أن سعر كرتونة شاي الغزالتين زنة ربع كيلو بلغت 60 ألف جنيه، مضيفًا أن سعر الشاي لم يرتفع خلال الشهرين الماضيين نظرًا لوجود بدائل لشاي الغزالتين بأسعار أقل بكثير. كما أضاف أن جوال البن الحبشي زنة خمسة أرطال بلغ 66 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 48 ألف جنيه سوداني، مشيرًا إلى أن سعر البن ارتفع بشكل كبير خلال الأشهر الماضية.

 صاحب محل تجاري ببورتسودان محمد ضرار ل"الترا سودان:" سبب زيادة الأسعار  هو ارتفاع العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، نظرًا لاستيراد السلع من الخارج

وأوضح أن سعر كرتونة عبوة الصلصة الكبيرة بلغ 29 ألف جنيه سوداني، وكان يباع بأقل من ذلك بكثير قبل اندلاع الحرب. بينما سجل كيلو العدس 4 آلاف جنيه سوداني بدلًا عن ثلاثة آلاف جنيه سوداني، وارتفع سعر كرتونة الشعرية والمكرونة من 10 آلاف جنيه سوداني إلى 17 ألف جنيه سوداني، أما جوال الأرز فقد سجل 85 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 38 ألف جنيه سوداني، وبلغ سعر جوال الدقيق زنة 25 كيلو 31 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 25 ألف جنيه سوداني. وعزا زيادة الأسعار إلى ارتفاع العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، نظرًا لاستيراد السلع من الخارج.

وأضاف ضرار أن ربع ملوة الفول المصري بلغ 24 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 18 ألف جنيه، أما جردل الجبنة زنة ثمانية كيلوجرامات فقد بلغ 120 ألف جنيه سوداني، حيث بلغ سعر الكيلو 16 ألف جنيه سوداني بدلًا عن 5 آلاف جنيه سوداني. كما ارتفع سعر رطل الحليب من 1200 جنيه سوداني إلى 5 آلاف جنيه سوداني.

الحرب وكوارث الخريف

تشهد البلاد صراعًا مستمرًا منذ أكثر من عام ونصف، حيث تتقاتل قوات الدعم السريع والجيش السوداني في مدن وقرى السودان، ما نتج عنه أوضاعًا إنسانية بالغة التعقيد، لا سيما عقب تمدد الحرب إلى المناطق الزراعية الأكثر خصوبة. نتج عن الحرب تضخم اقتصادي بأرقام قياسية، مفاقمًا أسعار السلع والمواد الغذائية، في ظل توقف الاقتصاد وفقدان الملايين لوظائفهم ومصادر دخلهم.

كما تمر ولايات السودان بموسم خريف أتى بمناسيب أمطار فوق المعدل، متسببة في سيول وفيضانات جرفت ممتلكات المواطنين وأراضيهم الزراعية وأسفرت عن ضحايا، كما نتج عن ذلك تفشي أمراض الخريف الوبائية، لا سيما الكوليرا والحميات، الأمر الذي عقد شتى مناحي الحياة وزاد من معاناة المواطنين المغلوبين على أمرهم.